قالت دائرة الافتاء الأردنية، إن حكم سداد دين المتوفى من مال الزكاة، اختلف فيه العديد من الفقهاء.
وأوضحت الافتاء في معرض ردها على اسئلة المواطنين في رمضان، ان الواجب قضاء دين الميت من تركته، فإن لم يكن له مال ولم يتبرع أحد بقضاء دينه من الورثة أو الأقارب فلا حرج في قضاء دين الميت من الزكاة .
وتاليا نص الفتوى:
السؤال :
إذا توفي شخص وعليه ديون كثيرة، وورثته غير قادرين على السداد، فهل يجوز دفع جزء من زكاة أموالي لسداد جزء من دينه؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
قضاء دين الميت واجب إن كان للميت مال، فتُقضى به الديون قبل الوصية وقبل تقسيم التركة على الورثة، فإن بقي شيء بعد ذلك تقاسمه الورثة كل على حسب حصته، قال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} النساء/11.
ولا يجب على أحد من الورثة أو غيرهم أن يتولى قضاء الدين عن الميت الذي لم يترك ما يقضى به دينه، إلا باختياره ورضاه، قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد، فإن تبرع أحد الورثة بقضاء دين الميت جاز وبرئت ذمة الميت من الدين.
وأما مسألة قضاء دين الميت من الزكاة، فاختلف فيها الفقهاء على قولين:
الأول: مذهب جمهور العلماء من الحنفية، والشافعية في الأصح عندهم، والحنابلة على أنه لا يصح قضاء دين الميت من الزكاة؛ إذ لا يمكن الدفع إليه على وجه التمليك.
قال الإمام الحصكفي رحمه الله: “ويشترط أن يكون الصرف تمليكاً لا إباحة كما مر، لا يصرف إلى بناء نحو مسجد ولا إلى كفن ميت وقضاء دينه” [الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2/ 344].
وقال الإمام النووي رحمه الله: “ذكر صاحب “البيان”: أنه لو مات رجل عليه دين ولا وفاء له، ففي قضائه من سهم الغارمين وجهان، ولم يبين الأصح، والأصح الأشهر: لا يقضى منه” [روضة الطالبين 2 /320].
وقال الإمام البهوتي رحمه الله: “ولا يقضي منها دين ميت غرم لمصلحة نفسه أو غيره، حكاه أبو عبيد وابن عبد البر إجماعا؛ لعدم أهليته، أي: الميت لقبولها، كما لو كفنه، أي: رب المال منها، أي: من الزكاة” [كشاف القناع 2 /269].
والقول الثاني: يجوز دفع الزكاة لقضاء دين الميت لعموم الآية، وهي تشمل كل غارم حياً كان أو ميتاً، وهو قول المالكية، وقول عند الشافعية.
جاء في [الشرح الكبير للشيخ الدردير1 /496]: “مدين يُعطى منها ما يوفي به دينه إن كان حراً مسلماً غير هاشمي، ولو مات المدين فيوفي دينه منها، ووصف الدين بقوله: يحبس -أي شأنه أن يحبس فيه- فيدخل دين الولد على والده والدين على المعسر وخرج دين الكفارات والزكاة”.
وقال الإمام الدسوقي رحمه الله معلقاً على ذلك: “قوله (ولو مات) رد بلو على من قال لا يقضى دين الميت من الزكاة؛ لوجوب وفائه من بيت المال… بل قال بعضهم: دين الميت أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة؛ لأنه لا يرجى قضاؤه بخلاف دين الحي”.
وعليه، فالواجب قضاء دين الميت من تركته، فإن لم يكن له مال ولم يتبرع أحد بقضاء دينه من الورثة أو الأقارب، وطالب الدائنون بأموالهم، فلا حرج في قضاء دين الميت من الزكاة بناء على قول من قال بذلك من الفقهاء، وإبراء لذمة الميت من الديون، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن. والله تعالى أعلم.