لاحظها وكتبها: إبراهيم السواعير
مثل بصَّارةٍ عتيقة(عرّافة)، تنشغل عينُ الزميل في “الرأي” خالد المساعيد عنّا بتركيزٍ عالٍ في فنجان قهوة؛ يقرأ حظوظنا جميعاً وحظّه هو أيضاً مع الصحيفة التي ما يزال مكتبه فيها مليئاً ببصمات يده وأيدي زملائه والمراجعين.
ما تزال شاشة خالد المساعيد مغلقةً على أسراره وهمومه في العمل وفي البيت، لا تنفتح إلا له ولا تستجيب إلا لبصمة عمله الدؤوب،.. الحروف ترتجف وتحبس أنفاسها صبيحة كلّ يومٍ لما يؤلّفه منها هذا الإداريّ الفذّ العتيق الذي يعرف كلّ زاويةٍ في فضائها الذي سيصبح بعد لحظات فضاءً لكلّ المتعاملين، بفضلّ همّة “مدير مكتب رئيس التحرير” العتيد، لدرجة أنّ فقرات الردود والمراسلات باتت تتلبّسه وتعلق به تماماً مثلما يتلبّس الجنيُّ صاحبه، فهي إرادة وتصميم وعراك مع الحياة، ومغالبة للأيّام التي يظلّ خالد المساعيد فيها شاهداً عليها في الليل والنهار، ولا تتعجّبوا؛ فإنّ أكثر المهمومين هم من الصحفيين والإداريين والعاملين في الفن والأدب والسياسة… ويبدو أننا ننتمي إلى كلّ هؤلاء بفعل الصحافة، المغناطيس الذي تعلق به كلّ هذه المتغيرات.
كم يبذل الزميل خالد المساعيد من أعصاب يوميّاً، وكم ينشغل دماغه بمسائل العمل اليوميّ ما بين “الرأي” ومراسلات الصحيفة؛ كونه وسيطاً مهمّاً بين القرّاء وإدارة التحرير من جهة، ومن جهة أخرى في احتفاظه بهذا الكمّ المعلوماتي والزمني والتسلسل المرحلي للأحداث؟!…
وما بين كأسٍ من الشاي المتورّد بالقصص والحكايات والأحلام أو فنجان القهوة الذي تلازمه سيجارة تكون جذوةً لسيجارة تالية وثالثة، ينفث المساعيد كلّ ما يتوافر عليه من آلامه وجراحه التي يعجز عن تحمّلها أبطالٌ كبار، وقد كاشفني بها في صداقتي التي امتدت معه طيلة كلّ هذه السنين التي ما نزال نحفظ تفاصيلها بأيامها وشهورها وفصولها بين الفرح والهم، وما أكثر الهمّ الذي ينشغل به المساعيد،.. الهمّ الوطني الذي يبثّه على صفحته على “الفيس بوك”؛ بكلّ حكمة الطرح وتأمّل الحلّ والدعوة إلى تكاتف الجهود لصالح “الرأي” حيناً، ولصالح بلدنا العزيز الذي ما يزال ماضياً في محاربة الفساد، هذه الآفة التي ملأت عقول الأردنيين وأرهقتهم، فكيف بمن يقف كلّ لحظة على جديدها، فضلاً عن احتراق العالم كلّه بحروب لا تنتهي تفوح أدخنتها بالإيديولوجيات والمنفعيّات التي تجعل المرء يعرض حزيناً عن كلّ جميلٍ أو شائقٍ في هذه الحياة.
“الإداري يولد ولا يُصنع!”.. تلك نظريّة تعلّمناها على مقاعد الدرس الجامعي، وشاهدها الحيّ اليوم هو “خالد المساعيد” بابتسامته التي تتنقّل 360 درجة في الثانية الواحدة، ما بين حرقة على سير العمل اليومي وترتيب الأولويّات كذراع أيمن مهم لرئيس التحرير، لدرجة أننا نقرأ في تفاصيل وجهه المتغضّن بهموم لا تنتهي بين بيته البعيد وبيته الذي يرانا فيه أكثر مما يرى أبناءه، وهو ما دفعني إلى أن أتعجّب: يا خالد المساعيد، كيف يتوقّد ذهنك في كلّ يومٍ أنشط من اليوم الذي قبله، لدرجة أن أكبر المعضلات تزول بابتسامة منك تجهد نفسك في رسمها للمراجعين الذين لا يعلمون غير الغرض الذي جاءوا لأجله إلى “الرأي”؟!
أيّها الصديق، هي لحظاتٌ خطرت لي، فقبستها منك قبسة عجلان، وأودّ أن أذكّرك- ولستَ بحاجةٍ إلى من يذكّرك- أنّ أمامنا غداً عملا كثيرا، حفظ الله عليك ابتسامتك ووجودك الأخويّ الصادق الناصح الأمين، وهو وجودٌ لا يعرفه إلا من تعامل مع خالد المساعيد عن قرب.