داوديـــة :اختفيت في إربد وعجلون وكفر جايز والكرك
محمد داودية
سيرة روائية 8
زارني بريك الحديد مساء واطلعني على اخبار حطت عليّ كصاعقة ماحقة.
قلت له: هذه كارثة عقوبتها ليست أقل من الإعدام. اهرب يا بريك، انجُ.
قال: لن اهرب ولن اتوارى حتى.ساكون في مدرستي كالمعتاد.
خطر ساحق المّ بي. احسست بالحصار وادركت ان المخابرات في الطريق وها انا اسمع دبيب اقدامهم وصرير كلبشاتهم. كان سؤالي لنفسي ليس هل ستعتقلني، بل متى ستطبق على المنزل وتعتقلني. وكان الجواب: سيتم ذلك عاجلا وليس اجلا.
قررت التواري ومغادرة البلاد رغم انني اجهل كليا ما كان يتم في الخفاء المطلق داخل التنظيم الموازي.
ذهبت الى صحيفة الاخبار حيث اعمل واخذت من المحاسب المصري عزالعرب أبو العينين سلفة مائة دينار على الراتب الذي كان نحو 450 دينارا.
قلت للمدير العام الشاعر الكبير عبد الرحيم عمر: انا مضطر الى اخذ اجازتي السنوية المتراكمة منذ سنتين.
وافق على الواقف وهو يقول: محمد انت بحاجة ماسة الى الراحة. لم أر أحدا غيرك يعمل ثماني عشرة ساعة في اليوم. هذا الوضع سيؤدي بك الى الانهيار الجسدي.
عدت الى منزلي بحذر شديد، اتلفت الاوراق الحزبية التي كنت ادفنها في مأمن خلف المنزل، ولملمت اوراقي الشخصية وحملت شيئا من ملابسي وذهبت الى وداع امي في الزرقاء، قلت لها: لقد وقّعت عقدَ عمل في ليبيا وانني مسافر الليلة.
قبّلتها وطلبت الرضا وغادرت الى اربد وقلبي يتفطر على حالها الذي سيكون مدمرا حين تعلم بلائي. اتصلت بالرفيق (ج.ح) أحد قيادات الجبهة الشعبية في الشمال فهرع الى ملاقاتي، قلت له: انني مضطر الى التواري لعدة أيام، ريثما ارتب سفري الى لبنان.
أخذني الى منزل في اطراف الضاحية الجنوبية لمدينة اربد. كان الوقت قريبا من منتصف الليل، فتحت لنا الباب سيدة شابة جميلة وادخلتنا الى المنزل. لحقها صاحبي الى المطبخ قال لها شيئا ثم ودعني وخرج.
عادت تحمل كوبي شاي ساخنين. زادت من حرارة صوبا البواري ثم عادت تحمل فراشا وضعته قرب الصوبا.
لما وقفتُ لمحت طفلين غارقين في النوم. فسألتها: يا اختي اين زوجك ؟
ردت: في السعودية.
سألتها: هل أنت رفيقة ؟
ردت: نعم.
سالتها: من معك في البيت هنا؟
ردت: لا احد.
صرخْتُ: انت هنا وحدكِ، وحدكِ ؟؟ نحن هنا وحدنا؟!!
ارتعبْتُ خوفا على السيدة الطيبة؛ لو عاد زوجها بغتة. لو جاء ابوها او اخوها او والد زوجها او والدته، ستقع السيدة بالتأكيد في مصيبة وسيتشرد الطفلان وسأكون انا السبب.
بقيت مستيقظا طيلة الليل ولما جاء (ج.ح) في الصباح، لمته على الموقف الذي وضعني فيه فقال: ما كان لك ان تقلق، لقد حسبت حساب كل شيء.
انتقلنا الى عجلون بناء على اقتراحه.
بقيت في منزل على اطراف احراش عجلون ثلاثة أيام بلياليها، كان يغيب عدة ساعات في اليوم ثم يعود، لا يحمل لي اية اخبار حول مأساتي.
في نهاية اليوم الثالث عاد عصرا، تفرس فيّ وهو يقول: الرفاق في الجبهة وخاصة الرفيق حمدي مطر- أبو سمير يهدونك السلام ويبلغونك ان الرفيق بريك الحديد قد اعتقل من مدرسته.
وأضاف: ويبلغك الرفيق أبو سمير ان الجبهة ستتكفل بالمصاريف التي تحتاجها وبأي خدمة تطلبها.
وقال: أما وقد مرت أيام الضيافة العربية الثلاثة والثلث التي لا يسأل احد الضيف فيها عن سبب زيارته، فهل ترغب في الكلام يا رفيق ام تفضل ان تكتم الامر؟
واضاف: انني احترم رغبتك ولن افاتحك في الموضوع مرة أخرى ولو امتدت زيارتك سنة كاملة.
شكرته على تجشم عناء التنقل بي من مكان الى آخر وطلبت منه ان يشكر أبا سمير وان يذهب الى المفرق والزرقاء لسؤال شقيقتي ووالدتي ان كان احد غريب قد مر عليهم يسأل عني.
عدنا من عجلون الى اربد حيث امضينا الليلة في منزل شقيقه هناك. وعصر اليوم الموالي عاد من جولته على المفرق والزرقاء فاخبرني ان غرباء سألوا عني شقيقتي في المفرق وان اخرين غير معروفين سألوا والدتي عني في الزرقاء.
كان لا بد ان نتأكد من مصير بقية الرفاق في الحزب، ولم يكن من وسيلة مضمونة لفعل ذلك، فلو طلبت منه ان يذهب الى الكرك فقد يقع في فخ مراقبة الشافعي.
بعد ان تناولنا طعام العشاء قلت له: اقعد لأحكيلك. انت تعرف بالطبع انني من حزب الشعب الثوري الأردني. وتعرف ان بريك الحديد الذي ابلغتني خبر اعتقاله امس هو رئيس الحزب.
رد: طبعا طبعا اعرف. من لا يعرف؟.
قلت: جاءني بريك الحديد الى المنزل قبل أسبوع وابلغني انه سيتم اعتقاله، واخبرني ان التهمة ليست عضوية الحزب بل التهمة هي محاولة اغتيالات غامضة.
وقلت له: ابلغني بريك ان تنظيما عسكريا موازيا للحزب، موجود داخل الحزب، انا لا اعلم عنه، ولا يعلم عنه أكثرية أعضاء القيادة، كان يرتب لإدخال سلاح الاغتيال من العراق مرورا بالسعودية الى الأردن، وان لبنانيا مختصا باستخدامه موجود الآن في الأردن وان المخابرات الأردنية قد اكتشفت العملية بكل تفاصيلها عندما جندت الرسول الذي كان حلقة الوصل بين التنظيم في عمان وقيادته في العراق وانها استولت في بلدة القطرانة على الشاحنة التي تحمل الاسلحة المخبأة في أماكن سرية فيها وهما صاروخان من طراز سام. وانها اعتقلت اللبناني علي برو المكلف بالاغتيال، وان بريك ابلغني انه سيعتقل قريبا.
وقلت: لقد الححت على بريك ان يهرب الى الخارج فأبى وطلب مني ان اختفي؛ لأن المخابرات الأردنية لا تعرف ان أعضاء الحزب ليسوا كلهم ضالعين في هذه العملية.
وقلت: ان بريك ابلغني ان المخابرات الأردنية كانت تعرف عن الشاحنة وحمولتها قبل خروجها من العراق متوجهة الى السعودية فالاردن.
طلبت منه ان ينقلني الى منزل الصديق المهندس نظمي المحافظة في قرية كفر جايز، في شمال الأردن ففعل. مرت عليّ عدة أيام في كفر جايز لم يسألني احد من اهل البيت عن سبب زيارتي الطويلة.
بادرت الى دعوة المهندس نظمي ووالده الشهم الى المشي عصرا. حينذاك اخبرتهما انني مطارد وانني ساغادر المنزل فورا ان كان وجودي يؤذيهما.
صرخ بي أبو نظمي مغتاظا قائلا: اسمع عمي محمد، انت واحد من العيال. واللي انت فيه احنا فيه.
وصلت اخبار الشافعي من الكرك: لم يسأل احد عن محمد ولا عن غيره من أعضاء الحزب. بريك الحديد فقط هو من اعتقل.
مر اكثر من ثلاثة أسابيع على اختفائي فقررت ان اذهب الى الشافعي في الكرك.
حظيت بوداع مؤثر في كفر جايز بعد إقامة امتدت أسبوعين كنت خلالها معززا مكرما. في حمى أناس يرفعون الرأس.
ماذا قلت في احتفال الخليل الحاشد ؟
كانت الحركة السياسية الأردنية منشغلة في مجملها عن العمل التنظيمي في أوساط الجماهير بصراعات دونكيشوتية تتمثل في خوض انتخابات النقابات المهنية والعمالية والطلابية ورابطة الكتاب وما ماثلها.
كم مقعدا لتنظيم فتح في نقابة المهندسين؟
كم مقعدا للحزب الشيوعي؟
كم مقعدا للجبهة الديمقراطية؟ وكم مقعدا للجبهة الشعبية؟.
وكان الاخوان المسلمون في حالة ضعف فلا يتحالف معهم احد وبالكاد يحصلون على مقعد من احد عشر مقعدا في هذه النقابة او تلك.
وعندما زرت الخليل المحتلة وانا وزير للشباب عام 1996 القيت كلمة في الاحتفال الكبير الذي أقامه لي المهندس مصطفى عبد النبي النتشة رئيس بلدية الخليل في قاعة البلدية؛ حييت فيها المناضلين الذين عادوا الى الوطن المحتل وخاصة المناضليّن الصديقين محمد امين الجعبري ابن فتح ومحمد سعيد مضية ابن الحزب الشيوعي الأردني اللذين كانا حاضرين.
قلت: انني احيي المناضلين العائدين الى ارض الوطن. فالنضال يكون هنا في مواجهة الاحتلال. ولو فازت فتح بكل مقاعد نقابة المهندسين الأردنيين فلن يقربها ذلك الفوز بوصة واحدة من فلسطين. ولو فاز تحالف المقاومة الفلسطينية بكل مقاعد نقابة الأطباء الأردنيين فلن يضمّد ذلك الفوز جرحا فلسطينيا واحدا ولن يحرر اسيرا واحدا ولن يمسح على شعر طفل ابن شهيد.
نساء نساء نساء
كانت النساء يملأن رأسي الصغير، منذ الصغر.
كان عمري تسعة أعوام. كانت البنت اليافعة المكتنزة الجميلة ذات القامة الفارعة الباسقة، التي تسكن في البيت المقابل لبيت جدي، محط انظار شباب الكامب الذين كانوا يحومون كالدبابير حول بيتها عندما يلوذ الكبار الى القيلولة من هجير صحراء الاجفور الكاوية، كانوا يحملونني لها رسائل طويلة، مكتوبة على ورق معطر ملون مليء بالقلوب الحمراء وحبات التوفي وعلكة السهم.
اخذت تطلب: ابقَ قليلا وإقرأ لي.
كنت اقرأ وهي تطلق التنهدات المسموعة التي تسبب لي قشعريرة ظلت تلازمني كلما اقتربت من انثى.
وكانت تمنحني رشىً: إقرأ حمودتي إقرأ.
كنت اقرأ وعيناها تلتمعان بوميض غريب، ثم اخذت تقرأ الرسائل المليئة بكلمات الحب بصوت مرتفع وهي تطلق تنهيداتها وترمقني بنظراتها الطويلة المبهمة.
كانت تقدم لي تفاحة او قطعة كيك انجليزي وانا في حالة خدر ودهشة، مستسلم في تلك الغرفة المسدلة الستائر في ذلك البيت الإنجليزي الطراز في كامب I.P.C في «حيفا 4». وعشاقها خارج منزلها يغرقون في العرق والسمرة. وما ان اطل عليهم حتى يتحلقون حولي يستفسرونني: أية رسالة اعجبتها اكثر؟
فأجيبهم بما تيسر وانا اتيه باحساس الظافرين.
التقيت بها في مناسبة عرس. كانت سيدة مجتمع باهرة، انيقة، كانت ذراعاها المكشوفتان، بضّان ابيضان، ووجهها ما يزال يفيض بتلك الابتسامة المغناج التي كانت أول الحلاوة.
تبادلنا ارقام الهاتف والتقينا، كان اللقاء سهلا ميسرا لا مخاطر فيه ولا عناء، التقينا على غداء والتقينا على عشاء والتقينا في السينما.
قالت: كانت أيامنا تلك حلوة. كنت اريد ان اتصل بك لنستذكر الأيام الحلوة في الإجفور الى ان جئت الى العرس، فاجأتني «تئبر البي».
وسأَلَت: بالمناسبة، من الذي دعاك الى العرس؟
ابتسمتُ بمكر وقلت: لا احد!
فغرت فمها وهي تسأل: كيف جئت اذن؟
قلت: عرفت انك ستكونين في عرس شقيقتك، فحضرت، ولو اكتشفوا انني موجود بلا دعوة، لأخبرتهم انني احب فتاة من ربعكم وقد جئت اراها.
واضفت: تستحقين المغامرة والعناء.
قالت وعيناها تومضان بفرح كثيف: ايها الشرير، أرى كم نضجت.
كانت سنتي تلك سنة وفيرة، وكانت تلك المرأة كثيرة. حتى الآن لا اعرف كم كان عمرها، فأي خبال يدعو المرء الى سؤال امرأة عن عمرها! أليس من الذوق ان نقول لكل النساء: يا صغيرتي. مهما بلغن من العمر؟!
كانت انثى بكامل روائها وفتنتها ولهفتها، امرأة تستحق العشق، استقرت في رأسي. كنت مفتونا بها، ادمنتها، أصبحت اعشقها بكل جوارحي وكانت تحبني بلهفة وشغف. سوف اظل ممتنا لهذه المرأة التي منحتني اول الزغب وأول الخفر. لم تمكث طويلا وغادرتني كغمامة.
أمّا حبيبة المدرسة فقد أضعتها !!.
في المفرق، بحثت عن فتاتي لأكتشف انها قد رحلت إلى الزرقاء، فتبعتها الى الزرقاء وهناك بحثت عنها دون جدوى، بحثت عن صبية في أول العشق، كانت حين تلامس يدُها يدي، تضرب جسميَ صاعقةٌ ويرجّني زلزال.
كانت طالبة الثاني الثانوي في عطلتها الصيفية هي الأخرى، أصابتني فجيعة كبرى، انتظرتُ فتاتي، ما يئست من توقعي أن تبادر وان تعود إلى «مكمننا» الذي يقع خلف منزلينا المتجاورين في حي المعانية، غرب سكة الحديد، كتبت لها رسائل تطفح بالأمل والالم وبالإصرار.
اين أنتن بحق السماء؟! الى اين تمضي نسائي الرائعات، الفراشات الزاهيات، يتركن يدي في الضباب ويستوطنّ رأسي ويمضين الى صقيع المهاجر والى لهيب الخليج والى الغياب المراوغ المرير.
حرب الساعات الست
بعد أيام قليلة على بدء اجازتي الصيفية الأولى في المفرق، انهالت قذائف طائرات الفوتور ومقاتلات الميراج الإسرائيلية على قاعدتها الجوية، إنها الحرب التي انتظرناها طويلا، نتطلع إلى كسبها خلال يوم او يومين، لنصيّف على شواطيء حيفا ويافا وتل ابيب، كان المذيع احمد سعيد يصدح على محطة «صوت العرب» الأوسع انتشارا مرددا: «تجوّع يا سمك». مؤكدا على ان الجيش المصري سوف يحرر فلسطين وسوف يرمي اليهود في البحر الأبيض المتوسط لتأكلهم الأسماك.
صدّق اللاجئون الفلسطينيون ومعهم أبناء الامة العربية، من المحيط الى الخليج، خطابات التحرير ووعود الإعلام المصري السخية وتهديدات احمد سعيد ومقالات محمد حسنين هيكل وخطابات جمال عبد الناصر.
وانتظرت الأمة والفلسطينيون ومفاتيح منازلهم بأيديهم دون جدوى ان تنطلق صواريخ القاهر والظافر والرائد والرائد-25 المصرية التي ستمحق إسرائيل.
كانت اكبر خديعة إعلامية وعسكرية وسياسية وقعت الامة في حبائلها ولذلك جاءت الهزيمة في غاية المرارة.
انتهى يوم الحرب الأول، الخامس من حزيران سنة 1967، والأنباء في ذروة التضارب، العرب يعلنون النصر والعدو يعلن النصر، وسط كل ذلك، شاعت أخبار تدمير طائرات العرب الحربية على الأرض، وسرعان ما عمّ الحزن مدينة المفرق على استشهاد الطيار الرائد فراس العجلوني الذي كان مألوفا بشدة لأهلها.
كنا نتجمع بالعشرات، نناقش ونتبادل الاتهامات، عن خذلان الرجعية العربية، وعن خديعة صواريخ جمال عبد الناصر، وعن تدخل الاتحاد السوفياتي الذي لا يتحقق، وعن الجسر الجوي العسكري الأمريكي الذي يتحقق للجيش الإسرائيلي.
كنا نظل في الشوارع، الى ما بعد منتصف الليل، بعضنا يبكي، وبعضنا يدعو الى التطوع، وآخرون يحتسون زجاجات البيرة ويلتهمون أكياس الفستق.
سقط العرب وانتصرت إسرائيل، سقطت القدس وسقطت الضفة الغربية وسقطت الهضبة السورية -الجولان- وسقطت سيناء.
مادت بنا الأرض وضاقت، وأصابنا خزي وذهول وإحباط ومرارة، ما تزال تلفُّ أبناء جيلي إلى اليوم، كان جرحنا غائرا داميا، فقد تهيأنا لتحرير ما احتل الصهاينة من بلادنا فلسطين، فإذا بإسرائيل تهزمنا في حرب خاطفة استمرت ستة أيام فقط، وفي واقع الحال، وكما بينت الوثائق، انكسر العرب من اليوم الأول الذي سيطرت فيه طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على الأجواء العربية بالمطلق.
تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من تدمير 400 طائرة عربية، 340 طائرة منها دمرها وهي جاثمة على الأرض مقابل تدمير تسع عشرة طائرة إسرائيلية فقط!.
واحتار منظرو الهزيمة في تسمية الكارثة: هل هي هزيمة أم نكسة أم نكبة!
انتحر أو نُحر وزير الحربية وقائد الجيش المصري، المشير عبد الحكيم عامر، الذي تم منحه عام 1953 ثلاث رتب عسكرية دفعة واحدة، إذ تم ترفيعه من رتبة رائد إلى رتبة لواء، ليتسلم قيادة الجيش المصري وليعط تعليماته الى كبار الجنرالات المصريين الذين تدرجوا في الرتب وحصلوا عليها بفعل دراساتهم في أرقى المعاهد العسكرية الشرقية والغربية وبفعل جهودهم وخدماتهم في كل قطاعات الجيش المصري!
وتنحى احمد الشقيري زعيم منظمة التحرير الفلسطينية.
وتنحى الرئيس المصري المحبوب في كل العالم، جمال عبد الناصر، متحملا المسؤولية عن الهزيمة القومية الشاملة، فخرجت جماهير مصر والأمة العربية – او أُخرجها الاعلام المصري- إلى الشوارع بالملايين رافضة الهزيمة والاستسلام وهي تهدر: « حنحارب حنحارب»، رادة الروح إلى قياداتها المنكسرة، التي سارعت إلى عقد قمة الخرطوم ذات اللاءات الثلاثة: لا صلح لا اعتراف لا تفاوض.
اخذ الناس يتداولون اسما جديدا، طلع من الخراب والهزيمة واليأس، كانت تلوح في الأفق رايات جديدة هي رايات «حركة التحرير الوطني الفلسطيني» واختصارها «ح.ت.ف» أي «حتف» والتي تم قَلْبُ حروفها لتصبح «فتح» مستلهمة حركات التحرر الوطني والمقاومة الشعبية ضد الاستعمار، في الصين وكوبا وفيتنام وأفريقيا وأمريكا اللاتينية واسيا.
الحلقة 9 تتبع الاربعاء المقبل