“ذبح” غزة
محمود الخطاطبه
مع استئناف مسلسل الإبادة الجماعية بحق أهل قطاع غزة، أبعث برسالة ذات شقين؛ الشق الأول موجه إلى اليهود المُعتدين والصهاينة الغاصبين، والشق الثاني موجه إلى باقي دول العالم بشكل عام، والدول العربية والإسلامية بشكل خاص.
أقول فيها يا قتلة الأنبياء، قد يكون «ذبح» أهل غزة، سببًا في راحة ضمير العالم الحُر، الذي يُطلق على نفسه مُتقدمًا، ويصف نفسه مُدافعًا عن الحُريات وحقوق الإنسان، وبات اليوم يعيش تناقضًا لم يشهد التاريخ مثيلًا له، فعلى الأقل سوف يؤنبه ضميره فترة من الوقت، ثم ينسى، ويبدأ يتكيف مع الوضع الجديد.
أيها الصهاينة الغاصبون، «اذبحوا» أهل غزة، كي يحافظ العالم الحر على ما تبقى له كرامة، والتي باتت شبه معدومة، إلا من رحم ربي، خصوصًا أنه يرى إبادة تلو الأخرى ترتكب بحق شعب أعزل، ذنبه الوحيد أنه يطالب بوطن وبالحرية.
أقول لناقضي العهود والمواثيق، «اذبحوا» أهل غزة، لعل وعسى ينسى العالم ويلات ومعاناة هذا الشعب، وبعدها نستطيع أن نرفع رؤوسنا أمام أولادنا، كي لا نقول لهم خذلنا إخوة لنا في الدم والجوار والثقافة واللغة والدين.
أيها اليهود المعتدون، «اذبحوا» أهل غزة، لنعاود بعد فترة من ممارسة عمليات «التنظير» في الجلسات المغلقة والعامة، وكذلك على أولادنا وطلبتنا، والإسهاب في شرح المبادئ والأخلاق والمروءة والفروسية والشهامة والنخوة، وإنصاف المظلوم، والوقوف بوجه الظالم المعتدي المغتصب.
أيها العلوج الصهاينة، «اذبحوا» أهل غزة، كي لا نزعج آذاننا بعد الآن بسماع صرخات طفل تحت ركام، أو أنين أم قدمت أبناءها شهداء، أو دعوة بنت في مقتبل عمرها، فقدت أبويها وبيتها وأهلها وذويها، جراء إبادات جماعية ترتكب، ونحن في غفلة أو نيام.
لسان حال دول العالم الداعم للكيان الصهيوني، كأنه يقول استعجلوا بـ»ذبح» أهل غزة، كي لا يتم «تلويث» الأبصار برؤية دمعة تجمدت في عين شيخ هرم، أو طفلة أو طفل بترت أطرافه أو إحداها، أو جامع أصبح أثرًا بعد عين، أو بيوت سكنية دُمرت على بكرة أبيها، أو معتقل ومعتقلة ينتهك عرضهما.
الدول، الداعمة للاحتلال، التي تتحكم بالقرار العالمي، تُمني النفس الانتهاء من هذه «العملية»، أقصد العدوان الوحشي الإسرائيلي، بأقصى سرعة، كي تُنهي «تمثيلية» العيش بأوجاع وآلام، جراء مشاهدة مجازر تقترفها آلة البطش الصهيونية بحق المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ.
الإبادات الجماعية التي يركتبها الكيان المسخ، توحي بأن مصطلح العالم «المتحضر»، أصبح من المستحيلات السبعة، ويؤشر بشكل مباشر على أن هناك خذلانا وتواطؤا وذُلا وهوانا، أصبح عنوانًا للعالم الجديد.. «أريحونا» لكي لا نكون معيارًا بين الأجيال، على الرغم من أن التاريخ لن ينسى، فالتاريخ يُنصف حتى لو جاء مُتأخرًا.