سوريا بين التنافس التركي-الإسرائيلي ومصير السيادة الوطنية
بقلم اللواء الركن المتقاعد محمد سليمان بني ياسين
تحليل موجز للمشهد السوري والتنافس الإقليمي (2025–2027)
المشهد الحالي:
تعيش سوريا حالة من الفراغ السياسي والأمني منذ سقوط النظام السابق، حيث تتزاحم القوى الإقليمية والدولية لتحقيق مصالحها على الأرض السورية.
تتحرك تركيا في الشمال للسيطرة على مناطق حلب وإدلب، بهدف منع قيام كيان كردي مستقل، وإعادة توطين جزء من اللاجئين السوريين.
في المقابل، تعمل إسرائيل على تعزيز وجودها في الجنوب، ولا سيما في الجولان والقنيطرة، من خلال شن غارات جوية متكررة، وإقامة مناطق عازلة لتأمين حدودها وإضعاف النفوذ الإيراني.
ولا تزال روسيا تحتفظ بوجود عسكري دائم في الساحل السوري، في حين تدعم الولايات المتحدة “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)” شرق البلاد، مما يعمّق حالة الانقسام الجغرافي والسياسي.
⸻
التنافس التركي–الإسرائيلي:
• تركيا: تنشر قوات برية داخل الأراضي السورية وتسعى لفرض نفوذ طويل الأمد في الشمال.
• إسرائيل: تستهدف الوجود الإيراني والنظامي بغارات دورية، وتوسّع من سيطرتها في الجنوب.
حتى الآن، يتجنب الطرفان الصدام المباشر، لكن التوتر يتصاعد تدريجيًا من خلال حروب الوكلاء والمصالح المتضاربة.
⸻
السيناريوهات المتوقعة (2025–2027):
1. تقاسم النفوذ – السيناريو الأرجح
النتائج المحتملة:
• تركيا تفرض سيطرة فعلية على الشمال (حلب، إدلب)، مقابل نفوذ إسرائيلي في الجنوب (الجولان، درعا).
• تستمر روسيا في السيطرة على الساحل.
• يتم التفاهم ضمنيًا بوساطة دولية أو عبر اتفاقات غير معلنة.
الإيجابيات: استقرار نسبي.
السلبيات: تآكل السيادة السورية واستمرار الانقسام.
⸻
2. تصعيد محدود – احتمال متوسط
النتائج المحتملة:
• صراع غير مباشر بين فصائل مدعومة من تركيا وميليشيات موالية لإسرائيل أو إيران.
• تكثيف الغارات الإسرائيلية، وتعزيز تركيا لوجودها العسكري في عمق سوريا.
النتائج: فوضى جزئية، تصاعد التوترات، وتدهور الوضع الإنساني.
⸻
3. فوضى شاملة – احتمال ضعيف
النتائج المحتملة:
• انهيار الحكومة الانتقالية أو فشل الحلول السياسية.
• صعود ميليشيات طائفية وتفكك الدولة.
• تقسيم فعلي لسوريا إلى كيانات شبه مستقلة، وخطر انفجار الأزمة على المستوى الإقليمي.
النتائج: كارثة إنسانية، وانهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة.
⸻
التوصيات المقترحة:
• تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كافة أطياف الشعب السوري.
• إعادة بناء جيش وطني موحد ومحترف.
• انتهاج سياسة دبلوماسية واقعية ومتوازنة مع كل من تركيا وروسيا للحد من التدخلات.
• إطلاق خطة إعادة إعمار بدعم دولي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
⸻
الخلاصة:
سوريا تقف على مفترق طرق خطير، بين مشاريع الهيمنة الإقليمية وخطر الانقسام.
الوحدة الوطنية، والدبلوماسية الحكيمة، وبناء مؤسسات قوية، هي الطريق الوحيد لاستعادة السيادة، ووقف مسلسل التدخلات الخارجية.
حمى الله الوطن، قيادةً، وأرضًا، وشعبًا، وسائر البلاد العربية والإسلامية من كل مكروه