صبيح المصري .. الهادىء الحكيم
د. نضال القطامين
قائدٌ كبير برتبة رفيعة؛ مثل نخلة باسقة، جذورها أكثر ثباتا من حدود سايكس بيكو، وثمرها يانعٌ يتوزّع في البلدان…
قائد اقتصادي: التاريخ الحافل بالانجازات، والتواضع المتكىء على الكبرياء.
انتصر في كل المعارك: الجهل ومقارعة التراجع، وانكسارات الحياة…واقفٌ على الدوام، غير متكىء ولا يؤمن بتأجيل الحروب، بل يخوض غمارها بكل ثقة، ويعود تزيّن عنقه أنواط البطولة والصبر.
لا يمكن أن نقول عنه رجل اقتصاد وحسب، ولا يمكن نعته بنموذج رأس المال ذي الهدف الوطني، هو كل هذا وسواه، هو مثال استثنائي في المبادرة وفي الوطنية وفي الإستثمار.
وهو فوق ذلك كله، حكيم واثق حينما قاد البنك العربي لانتصار جديد، وأبقاه كمؤسسة وطنية عربية وعالمية نموذجٌ في أدوار المؤسسات المالية في السياسة والتنمية فضلا عن الإقتصاد.
عندما ترك عبد الحميد شومان كسارات القدس مهاجرا الى أمريكيا، لم يكن يدري أنه يؤسس لأقوى مؤسسة اقتصادية عربية ذات حضور عالمي كثيف: البنك العربي، الذي وضع قواعد بدايات العمل المصرفي العربي بأحد عشر موظف في شارع يافا في القدس، تحت شعار الوطن العربي الذي تظلله النخلة رمز العطاء ويحرسه الحصان العربي ويربط الجمل بين أجزاءه، هذا البنك اليوم واحدة من أقوى المؤسسات المالية في العالم.
لم يات ذلك صدفة ولا بالتمني، لقد جاء بعد تأسيس قوي وسط ظروف الثلاثينات السياسية المضطربة، وحينما وزّع البنك أموال المودعين في فرع يافا صباح يوم من بدايات الحرب العالمية الثانية، أرجعها الناس للبنك قبل أن ينتصف ذلك النهار. لقد كان ذلك لسبب واحد فقط: ثقة بالبنك، وبمؤسسيه وبعمله.
واجه البنك العربي، منذ تأسيسه ظروفاً استثنائية، لكنه تجاوزها جميعها، كان ذلك في بدايات التأسيس، وفي مواجهة إقناع الناس بوضع أموالهم كودائع، أو بالإقتراض أو بفتح الفروع، لكنه كان دائماً أقوى من العاديات فاستمر بدوره العروبي الاقتصادي الكبير…
اليوم يعلن البنك انتصارا عالميا كبيرا. لقد كان ذلك حصيلة جهد مؤسسي مقنع، ونتاج رؤية ورسالة تابع موظفو البنك تحقيقها وسط كل الظروف. لقد كانت القضية سياسية قبل أن تكون اقتصادية. لكن للبنك رجال تصدوا للمهمة، في مقدمتهم رجل الأعمال الوطني الاستثنائي صبيح المصري، الذي خرج علينا بمؤتمر صحفي: منتصرا ومقنعا ووطنيا، تنساب الكلمات منه بثقة منحتنا ضوءا كبيرا في نهاية نفق من الخيبة.
كان متواضعا كبيرا معاً، أستند في قيادة المعركة على خبرة كاملة وحضور كبير من الإسهامات الكبيرة في الاقتصاد الأردني والعربي، لم يحسب حسابا لاشتباكه بدعوى ستة الآف يتهمون البنك بتمويل الارهاب.
لاشأن لذلك بالترافع ولا بالمحاماة وحسب، هذا شأن الجذور الراسخة. شأن الأقوياء الذين عركتهم صروف الدهر فخرجوا من كل أزمة أكثر قوة وأكثر بأسا. فالاقتصاد سياسة وقوة وموقف.
بقي البنك العربي في مسيرته الخالدة، أكثر من بنك…كان مؤسسة عروبية باهرة الحضور كاملة البهاء. في الأردن هنا البنك العربي أكثر من بنك، هو مؤسسة مالية واقتصادية ذات أبعاد ثقافية واجتماعية كبيرة، وضعت نشر الوعي والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية هدفاً رئيسا لها، فإن مؤسسة شومان، في طليعة المؤسسات المعنية بالثقافة والعلوم والفنون والسعي نحو البحث العلمي.
اليوم يمتلك البنك أكبر شبكة مصرفية عربية عالمية تضم ما يزيد عن 600 فرع موزعة عبر خمس قارات، واليوم على رأسه صبيح المصري، هذه أسباب كفيلة بثقةٍ في الاقتصاد الوطني وباستقراره كمناخ آمن للإستثمار، هذا إنجاز وطني عربي كبير، وهذا سبب كامل للفخر به وبأسرته وجنوده في البنك العربي.