عدوى الغضب الشعبي تصيب غزة؟
لارا أحمد
تحت عنوان عولمة الغضب هل تصيب عدوى الانتفاضات الشعبية أهالي غزة، فبعد الحراك بالجزائر والمظاهرات بلبنان والتحركات الشعبية بالشيلي وحتى بهونغ كونغ يبدو أنه من المتوقع أن يقف أبناء غزة ضد سياسات حركة حماس الإسلامية، ذلك أن الوضع بالقطاع كان دائماً على وشك الانفجار جراء غياب الأمل وانسداد أفق المصالحة وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية على حد السواء.
منذ أكثر من 12 سنة، اعتقد أهالي غزة أن حركة حماس هي المخلص الذي طال انتظاره وأنها الفصيل الوطني الأكثر نزاهة لإدارة الحكم بالقطاع لاسيما و انها تعمتد اساسا على خطاب وعظي أخلاقوي، لكن ما شهده الغزيون خلال هذه السنوات كان على خلاف توقعاتهم , اذ ازداد واقعم مأساوية ما بين البطالة المستشرية في صفوف الشباب , و أزمات الكهرباء والماء المتتالية , و ارتفاع قيمة الجبايات والضرائب، وتردي الوضع الصحي مما خلق واقعاً سياسياً واجتماعياً متوتراً انجرت عنه لاحقاً دعوات للتغير والإصلاح في صفوف الشارع الغزي لاسيما وأن نسائم الحرية التي هبت من تونس بعد الربيع العربي ماثلة أمامهم.
أكثر التحركات شياعاً صيحة “بدنا نعيش” التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي ولا زالت.
رد أجهزة حماس كان إما التجاهل أو العصا والزنزانة وانتهاج درب القمع المنظم وتكميم الأفواه ومما زاد الطين بلة تقابل حياة الرفاهة في صفوف قادة حركة حماس بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب التي لا تحفظ أدنى متطلبات العيش الكريم، ففيما ينعم القادة الحمساويين بحياة كريمة في قصورهم الفارهة وسياراتهم المصفحة لا يجد المواطن الغزي البسيط ما يسد به رمق أبنائه بفعل البطالة وغلاء الأسعار.
من الجلي أننا على أبواب حراك شعبي مستقل نابع من ضمائر الناس ليس فقط لطلب لقمة العيش بل من أجل تحديد المصير الوطني، صرخة لأجل وضع حد للانقسام وتوحيد صفوف الشعب وإنهاء الصراع على السلطة الذي دفع ثمنه أهالي القطاع على مدى فترة فاقت الـ 12 سنة.
من جانبها وصفت حماس بوادر الحراك الشعبي بضرب من ضروب الخيانة، فلطالما استترت حماس من تجاوزتها تحت شعارات المقاومة وضرورة التسلح لحروبها التي لا تنتهي والتي خاض جرائها أهل القطاع على جلودهم نتائج الكوارث والخراب التي خلفتها رد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
يرى المحللون السياسيون أن حماس مصرة على انتهاج سياسة الهرب للأمام، فعوض محاولة استيعاب التحركات الشعبية، وصف قادة حماس بوادر الاحتجاجات بالضغط السياسي الممنهج والمفتعل من معارضي الحركة، (أي الحكومة في رام الله وحركة فتح)، لكن وسائل التواصل الاجتماعي كاشفة “فبوستات” و”تغريدات” أبناء غزة تدل بما لا يدع مجالاً للشك أنهم سئموا الوضع الحالي في ظل حالة التشرذم السياسي المسيطر على الساحة الفلسطينية.
على حماس أن تعي خطورة الوضع وأن تبادر بإصلاحات اجتماعية واقتصادية فعالة قبل أن ينفذ صبر أهالي القطاع ويخرجوا إلى الشوارع من جديد داعين هذه المرة على خلاف ما سبق بتغير جذري للواقع السياسي بغزة.