الدكتور عامر عبد الرؤوف السعايده – Amer.Abbadi@yahoo.com
تواصل المملكة العربية السعودية اتخاذ خطوات جريئة لتعزيز مكانتها الاقتصادية والتقنية، حيث أعلنت على لسان وزير طاقتها عزمها البدء في تخصيب اليورانيوم وإنتاج ما يُعرف بـ”الكعكة الصفراء”، ويمثل هذا التوجه الاستراتيجي نقطة تحول هامة في سياستها الطاقية بالتوازي مع التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، إذ يهدف من خلال الأخيرة إلى تحقيق أرباح مالية وهذا أيضًا يصب باتجاه تحقيق الاستقلالية في إنتاج الوقود النووي وتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة الكهربائية. وهذا قد يكون بداية الوقوف على عتبة نادي الطاقة النووية العالمي فضلاً عن أن ستكون السعودية لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة النووية العالمي، من خلال تصدير هذه المادة إلى الدول التي تعتمد على الطاقة النووية، مما يدعم خططها التنموية الطموحة ضمن إطار رؤية 2030.
يُعد إنتاج “الكعكة الصفراء” وهي المرحلة الأولية لتخصيب اليورانيوم، مؤشراً واضحاً على طموح السعودية لبناء منظومة طاقة متكاملة بدعم من استثمارات كبيرة في التكنولوجيا الحديثة والبنية التحتية، تستهدف المملكة ترسيخ مكانتها كدولة قادرة على قيادة المنطقة في مجال الطاقة النووية، مع ضمان التزامها بالاستخدامات السلمية والتجارية لهذه الطاقة.
على الجانب الآخر، يبرز الأردن كدولة غنية بثروات اليورانيوم، حيث تشير الدراسات إلى امتلاكه أحد أكبر الاحتياطيات العالمية لهذه المادة، وخاصة في منطقة وسط المملكة. ومع ذلك، لا يزال الأردن بعيداً عن تحقيق نقلة نوعية في استغلال هذه الموارد، ويعود ذلك إلى مجموعة من التحديات، أبرزها نقص التمويل اللازم لتطوير البنية التحتية النووية، بالإضافة إلى افتقار البلاد إلى التكنولوجيا الكافية والخبرات الفنية المطلوبة لتحويل هذا الاحتياطي الضخم إلى إنتاج فعلي على نطاق تجاري.
رغم التحديات، بذلت الأردن جهوداً ملحوظة خلال السنوات الماضية لتطوير إمكانياتها النووية، بما في ذلك إقامة شراكات مع مؤسسات دولية ومحاولة استقطاب استثمارات أجنبية. ومع ذلك، فإن هذه الجهود لم تصل بعد إلى مرحلة تؤهل المملكة للاستفادة الاقتصادية الكاملة من مواردها الطبيعية.
إنّ التحرك السعودي نحو تخصيب اليورانيوم وإنتاج الكعكة الصفراء يمثل نقلة نوعية تعكس إدراك المملكة لأهمية تنويع مصادر دخلها واستغلال مواردها الاستراتيجية. وفي المقابل، يبقى الأردن بحاجة إلى استراتيجية شاملة تعزز استثماراته وتُفعّل إمكانياته الضخمة في قطاع اليورانيوم ولابد للأردن أن يعزز الجانب الاستثماري في هذا القطاع لرفد الوعاء المالي الأردني بمصادر دخل جديدة أسوة بباقي الاستثمارات التعدينية التي تساهم بشكل كبير في رفد الموازنة العامة أضافة إلى خلق فرص استثمارية مباشرة وغير مباشرة في هذا القطاع وما سيحقق منه الأردن من مكاسب.