في وفاة والدها ..جينا صالح تكتب..
انجاز : كتبت : جينا صالح
لن تُشفي الكتابة وجعاً على أية حال؛ فكل الكلمات التي سأكتبُها لا يمكنها وصف حجم الألم الذي أعيشه الآن !
(كم أغبط أولئكَ الذين يملكون الجرأة على البوح أو الفضفضة؛ فحين يتعلّق الأمر بمن نُحب نحترق صمتاً حُبّاً لا ‘خوفاً ‘عليهم..
صديقي العزيز ..
مرّ وجع كبيييير و لم أكتب لك’ فزخم الأحداث و الشعور أكبر من أن يستوعبه قلب ! أو تسعُه سطور !
كل شيء من حولي مؤلم و تعيس’ ليجعلني أشعر بالأسى و اليأس ! أشعُر و كأنها شمس حارقة أحرقت كُل مروج خُضر في حياتي ‘ و كأنها الأيّام تطرح بقُصاصات روحي إلى سلّة المُهملات !
فحينَ يتزامن وجع الفَقد مع خوف الوحشة و قلق المرَض في عيد حزين ‘ فلا بُد و أن يغفو الفرح و تصحو (بِنَهَم )كل تلك الذكريات..!
تنتابُني مشاعر مختلطة مُركّبة مُربكة مُتناقضة من كل ما يمكن أن يُحسّهُ أو يُدركهُ المرء أو يستوعبه ! حد أن يعجز أي عقل عن أن يجد لهُ تفسير ! فإن لم تكن البدايات مُطمئنة ‘ فلا بُد وان تكون النهايات مُحيّرة و حزينة ‘و لكنهُ الأمل مازال رفيق ‘ و النوايا أظُنها ما زالت حسنة..
و لكنك أكثر مَن يعرفُني ؛ فلطالما آمنتُ بتلك المقولة التي نقشها الوزير لمليكه حين طلب منهُ أن يكتِبَ لهُ عبارة إن قرأها و هو حزين ‘ فَرِح !و إن قرأها و هو سعيد حَزِن ! فما كان من الوزير إلّا أن كتَب : (هذا الوقت ‘ سوفَ يمضي) مضى يا عزيزي و أخذ معهُ سنين عمري ..! فلا حطّت رحالي على ضفاف الفرح ! و لا أنا نسيتُ أسىً و لا حُبّاً و لا حُلُماً !!
صديقي الغالي : لم تمنحني الحياة مُتّسع من راحة او سلام ‘ و لم أرتجِ يوماً عوناً أو حُبّاً و لا يعنيني جلّ الكلام ؛ بابتسامة ظاهرة كُنتُ أُواري نشيجَ القلب ‘ و بدعوة صادقة أحفظهُ و أرقيه’ ….
في أصعب الظروف و أسوأها و أشدُّها ألماً و حزناً بقيتُ وجهاً للفرح ! و هو ما يُثير استهجان و حيرة الكثيرين حد الإستنكار ‘ ففي لحظات انهار فيها الجميع احتفظت بثباتي ‘ فأنا حقّاً أُؤمن بأن (كل وقت سيمضي) ‘ هُم لا يعلمون أني و إن بدوت بخير ‘لكنّي تَعبت ؛ قلبي حزين ‘و روحي تنتحب ‘ فكيفَ لي أن أُداري كل هذا التّعب ؟!!
..و لكنّي أيضاً ‘ ما زلتُ أرتجي خيراً في قدَرٍ يمتحنُني و واقع يُشقيني ‘ بالرّضا و الأمل أُغيّرُه و .. أُنهيه….
لم تكن أيّاماً معدودات ! كانت عُمراً من القهر ذكرتني بسنين عجاف ! و إلى أن يأتِ عاماً يُغاثُ فيه الناس و يفرحون ! … ها أنا .. أُيمّمُ قلبي و كل جوارحي شطر قلبك ‘ أحجُّ لروحك و (قد استطعتُ إليها سبيلا) ‘ أطوفُ فيها طوافَ مُفيضٍ لا مودّع ‘ و أشهدُ أن لا حبيبَ بَعدك ..
و أتوجّه بالشُكر و الإمتنان لكل الأحبّة الذين شاطروني حزني على فقد والدي’ أسأل الله لكم محبّةً ‘ و لروحه رحمةً ‘ و لحبيبي و (مهجة قلبي )شفاءًا ‘ و لقلبي راحةً و سلام..
و أخيراً ….سلام يا (سلامي ) و مهلاً يا قدَر ‘ الا من خبر ؛ يُزيل الحُزن الذي ظل يلازمنا عُمُر …