انجاز :في يومها العالمي.. الأمراض النادرة بين العلاج وصدمة التعايش منذ عقود مضت كانت الأمراض النادرة محل اهتمام الجهات المعنية في الدولة الأردنية من خلال تأمينها صحيا وتوفير العلاج أو المطاعيم الخاصة بها، دون إغفال تقديم الدعم النفسي للمصابين وذويهم، واتخاذ الإجراءات الاحترازية لوقف انتشار هذه الأمراض بالتوعية وتطبيق القانون.وفيما يشير متخصصون الى أن بعض هذه الأمراض لا علاج متعارفا عليه لها، لكنهم يعرّفونها بأنها “كل مرض غير شائع ويصيب أعدادا قليلة من الأفراد
وتكون نسبة انتشاره 5 إلى 76 شخصا من كل 100 ألف شخص”. ويشير هؤلاء الى الصدمة النفسية التي تعتري الأهالي عند إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض نادر حيث يواجهون ذلك بالإنكار، ثم تتشكل بعد ذلك مراحل الاستجابة، والتكيف، وأخيرا مرحلة التقبل والإندماج. وبمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة الذي يصادف غدا الثلاثاء حملت عشرات الأسئلة منها على سبيل المثال حالة الأمراض النادرة في الأردن، وماهية هذه الأمراض وآلية التعامل معها، باحثة عن إجابة لها لدى متخصصين بهذه الأمراض. مدير الأمراض غير السارية في وزارة الصحة الدكتور أنس المحتسب أكد أنه لا يوجد تعريف شامل للأمراض النادرة، فأغلب الدراسات تشير إلى أن المرض النادر هو المرض غير الشائع ويصيب أعدادا قليلة من أفراد المجتمع وتتراوح نسبة انتشاره بين 5 إلى 76 شخصا من كل 100 ألف شخص ويتسبب في تدهور الصحة العامة للمريض ويشكل عبئا اقتصاديا على مقدمي الرعاية الصحية. وبحسب المحتسب، تشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من 76 ألف مرض نادر معروف حتى الآن في العالم، ويبلغ عدد المصابين بها حوالي 400 مليون شخص حول العالم. وأكد وجود بعض الأمراض النادرة في الأردن من خلال الممارسة الطبية في الميدان الطبي الأردني كأمراض الثلاسيميا، والهيموفيليا والتصلب اللويحي، والتليف الكيسي وضمور العضلات الشوكي واضطرابات النزف الدموي ومرض جوشير، ومرض بومبيه، ومرض عديد السكاريد المخاطي، بالإضافة الى بعض امراض الرئتين والجهاز الهضمي الوراثي مثل التحوصل الكيسي. وأشار المحتسب إلى انه يتم معالجة المصابين بالأمراض النادرة غالبا في وزارة الصحة عن طريق لجان مختصة موجودة لكل مرض في التأمين الصحي، مؤكدا أهمية الكشف المبكر والتشخيص الصحيح للحالة، وتوفير العلاج اللازم للمرضى رغم اختلاف طرق العلاج بحسب الحالة المرضية وحالة تطور المرض. وأضاف، إن الرعاية الصحية تتضمن توفير العلاج والدعم النفسي والاجتماعي للمريض وذويه، موضحا أن التأمين يغطي تكاليف العلاج والرعاية الصحية للمرضى الذين يعانون من أمراض نادرة، لكن العلاج ليس متوفرا لجميع هذه الأمراض . ولفت إلى ضرورة رفع مستوى الوعي للأشخاص المصابين بمرض نادر ومضاعفة الجهود في إعادة التفكير وإفهام المجتمع بأن الأشخاص الذين يعانون من أحد هذه الأمراض يواجهون وصولا غير عادل للتشخيص والعلاج والرعاية، مشددا على أنه حان الوقت لاتخاذ الإجراءات اللازمة كي يحصلوا على فرص متساوية في العلاج والرعاية الصحية. من جهته يقول استشاري الأمراض الصدرية الدكتور موفق فتحي البقاعي، إن “كيسات الرئة المائية” هي من الأمراض نادرة الحدوث، لافتا الى أنه لم يعالج خلال أربعين عاما من عمله كطبيب سوى حالتين فقط بهذا بالمرض على وجه التحديد. وأشار الى ان هذا المرض طفيلي حيواني المنشأ تسببه الدودة الشريطية الشوكية، ويستوطن في بلدان الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، واميركا الجنوبية، ولحسن الحظ أنه نادر الحدوث في الأردن. وأضاف البقاعي، إن هذا المرض ينتقل للإنسان عن طريق الفم ومن تناول الأطعمة والخضراوات الملوثة بالبيوض التي تحتوي على أجنة الدودة المغلفة بغلاف سميك ثم تخترق جدران الأمعاء لتستقر في الرئتين. وأوضح أنه وخلال اسابيع من الإصابة تتحوصل الأجنة لتشكل غلافا يحوي الكيس المائي والذي يبدأ بالضغط على الرئة، وقد يؤدي انفجاره الى انتشار الإصابة في جميع أنحاء الجسم. وأضاف، إن الإصابة بالمرض قد تبقى صامتة لسنوات دون الشعور بأي ألم، ومن أعراضه السعال الجاف وثقل في الصدر، أو نفث الدم في حال انفجار الكيس في القصبات الهوائية، بالإضافة الى القيء الصدري وخروج كميات كبيرة من السائل الكيسي في بعض الأحيان. ولفت إلى أن علاج الأمراض النادرة ليس بالضرورة ان يكون مستعصيا، بل من الممكن علاجه بكل يسر، مبينا أن من اساليب علاج الأكياس المائية استئصال الكيس غير المتفجر بعد حقنه بمحلول ملحي، وفي حال الانفجار يستخرج الكيس ويغسل الجوف، ويتم استئصال جزء من النسيج الرئوي المحيط به، بالإضافة الى طرق علاجية اخرى كلا حسب حالته المرضية. وقالت أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الاردنية الدكتورة رانيه احمد جبر ان من الصعوبة بمكان أن يتقبل الأهل فكرة أصابة احد الأبناء بمرض نادر، مشيرة الى أنهم قد يصابون بصدمة نفسية وقد يواجهون ذلك بالإنكار كمرحلة اولى من ثم الاستجابة المبدئية، فالتكيف، وأخيرا مرحلة التقبل والإندماج. وأشارت الى أن اصعب المراحل والتحديات التي يواجهها الأهل والمصاب بالمرض النادر، مواجهة المجتمع وتعامله مع المريض، كأقرانه في المدرسة، والضغوطات النفسية التي يتعرض لها خارج النطاق الضيق للعائلة في اغلب الأحيان، مثل الوصم الاجتماعي، وقلة المعرفة والخبرة في التعامل مع المريض. وأكدت أهمية دعم المريض والأهل من خلال تقبل هؤلاء الأشخاص وإدماجهم في المجتمع من خلال تعزيز مواطن القوة لديهم ودعمها وإثرائها وتحويلها من ابداعات ساكنة الى خلاقة. ودعت جبر الى إيجاد مؤسسات واعية ومهيأة قادرة على تدريبهم وتمكينهم، مؤكدة أهمية التكيف مع المرض والتوجه الى مراكز الإرشاد لتقديم الدعم والتوجيه.