فــي عيــد نصــر الكرامــة الذهبــي …جيــش مــن الكرامة
بقلم: بكر خازر المجالي
« وفي فجر ذلك اليوم مُني الصلف والغرور في ألوية من الحديد ومواكب من النار وكانت أرضنا الخضراء لا تزال تغفو بشجرها وزرعها بنسائها وأطفالها على ضفاف النهر الواحد وبدأ الزحف الآثم يحرق خضرة الأرض ويدك البيوت والمساجد والمدارس فوق رؤوس الناس.
وكانت الأسود تربض في الجنبات على أكتاف السفوح وفوق القمم في يدها القليل في السلاح والكثير من العزم وفي قلوبها العميق من الإيمان بالله والوطن وتفجر الأسود في وجه المد الأسود «: الله اكبر
يوم الخميس 21 آذار 1968 .. لم يكن هو البداية
ومع غروب اخر يوم من حرب حزيران 1967 ابتدأت حكاية الكرامة …
حين اشتد الساعد الاردني ورفض نتائج حزيران المشؤوم
رغم ان جرح حزيران لا زال مؤلما
ولم يتلق الاردن لو طلقة واحدة عوضا عما فقده في حرب حزيران
ورغم محاولات جر الاردن الى اتفاقيات مجحفة
ومع رفض المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه كل عروض الحلول غير العادلة بما فيها اعادة 96%من ارض الضفة الغربية للاردن ..
ورفض كل الضغوط الدولية …
كان قرار الصمود والتحدي
فوقف الاردنيون معا يمحون اثار العدوان ويتطلعون ليوم ولفجر جديد
فخاب العدو في توقعاته
فلجأ العدو الى التصعيد العسكري :
اشتباكات على طول الحدود .. وقصف للقرى والمدن بلا تفريق
حتى يوم الخامس عشر من شباط من عام 1968 حين كانت تلك المعركة على امتداد الجبهة الشمالية
في يوم معركة عرفناه بيوم الشهداء السبعة ..
شهداء الدفاع والواجب رفاق منصور كريشان ورجال كتيبة ام الشهداء كتيبة الحسين الثانية
وفي يوم شهدت فيه مدن وقرى اربد وعجلون والاغوار قصفا عنيفا واستشهاد مدنيين من اطفال ونساء وشيوخ
ولكن ما لانت قناة الاردن
بل امتلأ الاردنيون عزيمة واصرارا
واشتد العدوان الذي غاظه الصمود والثبات
وغاظه انه لم يحقق مبتغاه من حرب حزيران .. فاراد تحقيق نصر اخر سريع قوي مفاجئ خاطف
فخطط ليوم الحادي والعشرين من اذار
وزحفت الجحافل والارتال تبغي الشر والبغي والعدوان
فكانت السرايا والكتائب الاردنية في وجه المعتدي نارا وجحيما حتى ان العدو سمّى يومه الخاسر هذا باسم الجحيم ..
حرب شاملة انفتحت على جبهة واسعة ..
من جسر الامير محمد شمالا من حول التلال ومن خلال البساتين والبيارات
ومن الطريق الضيق ولكن لتتصدى له الدبابات الاردنية وقوات الحجاب وقطع المدفعية فيندحر مرة تلو مرة ..
يتجلى محمود ابو وندي في الدفاع وتدمير دبابات واليات العدو
ويدير قاسم المعايطة معركة لواء القادسية نحو النصر بمسك الارض وادامة زخم النار
ولم يستطع العدو التقدم لتحقيق هدف الالتحام مع قواته في المحور الاوسط
فتناثرت قطع اسلحته المدمرة
وكانت الخنادق في التلال ترقب المشهد
والاسود الاردنيون يثخنون جراح العدو
..************************
وفي الطريق من جسر الامير محمد الى بلدة الكرامة
تشهد الارض على حكايات البطولة والصمود،
في الاودية ومسيل المياه وعلى جنبات قناة الغور الشرقية (قناة الملك عبدالله )
وفي حوش مسعود
حتى بلدة الكرامة .. الهدف المعلن للعدو
لكن الاهداف الاخرى هي الحقيقية
هدف احتلال الاغوار والسيطرة على المرتفعات
وحرمان الاردن من مصادر رئيسة للخضار والفواكه والمياه
وتشريد السكان وتفريغ الارض
للضغط على الاردن لفرض تسوية ما على الطريقة الاسرائيلية ..
في المحور الاوسط .. اتجاه الهجوم الرئيس من جسر الملك الحسين الى الشونة الجنوبية ثم الى وادي شعيب
قصة ملحمية كبرى ..
استبسال اردني يفوق كل التصور وكل التوقعات
دبابة الشهيد راتب البطاينة تتصدى للعدو وتدمر دبابة ثم دبابة ثم اخرى قبل ان تغير طائرات العدو فيستشهد راتب البطاينة
والى جانبه في جوار قصر العدوان يرابط عارف الشخشخير يقصف العدو ويدمر ويناور بدباته حتى يستشهد
ويواصل سميح حدادين ادامة الاتصال حتى استشهاده وينبري سلهوم ماطر الخضير وناصر الخوالدة بعمليات التدمير والاختراق حتى يستشهدون
ترتفع كل حين ارواح شهداء ولكن معها ترتفع وتيرة المعنويات وهمة النصر
ويتردد نداء الله اكبر في خندق يصمد فيه خضر شكري يعقوب ضابط ملاحظة المدفعية .. وحين اشتد الخطب وضاق الحصار من حوله وتكالبت دبابات العدو عنده ..
امر مدفعيته ان تقصفه هو في الحال ليستشهد بطلا فذا ما عرف الا الشجاعة وافتداء الارض
من فوق تلة الحاووز يدير كاسب صفوق الجازي معركة كتائبه ..
وينتقل الجند في تحصينات وخنادق يديرون لعبة حرب وقد تساوت عندهم قيم الموت والحياة
هي الشهادة او النصر ..
ويدك محمد الحصان بمدفعيته الحارقة الميدان بنيران مدمرة ..
وقد هرع الاهلون من القرى لتقديم المؤن والمساعدة في نقل الذخيرة
حتى بواسطة المحاريث الزراعية
فالتحم الشعب والجيش في صورة ولا ابهى ولا ازهى
ويستشهد سليم مفلح الخريشة
واشتيان الصرايرة
وسلطان الكوفحي
وهم يدافعون مقبلين
من مواقع محصنة ومن كل الزوايا
فتكون معركة وادي شعيب هي معركة الحسم فيتهاوى العدو
وترتفع روح عريس الكرامة الذي ترك عروسه ليلة زفافه ليعود اليها يرفل بثوب الشهادة ..
لتكون هذه ملحمة الرجال الرجال
وقصة الابطال التي جعلت العدو يصرخ طالبا وقف اطلاق النار مع ظهيرة الخميس
لكن القائد الحسين يرحمه الله يأبى الا بعد ان يرى اكتمال النصر وتطهير الارض
وموعد اخر مع صنع النصر
تزهو به كتائب حطين في محور ناعور سويمة البحر الميت
محاولات فاشلة للعدو لاختراق منطقة جسر الملك عبدالله
وشبيب ابو وندي في المرصاد يوجه مدفعيته يصْلي بها العدو نارا ودمارا
ويدمر محمد سالم الخصاونة دبابة العدو ويلقى ربه شهيدا
ويرابط محمد رجا البطوش في منطقة المغطس يرصد العدو ويصده وهو يوجه القذائف الى قطعات التجسير المعادية
ويستشهد هويمل الزبن بجوار دبابته
ويزحف فاضل علي فهيد يحمل امعاءه يلملمها وقد خرجت من مكانها اثر اصابته
ولكن الصمود والامل والشجاعة
والثقة في القائد والقيادة
والايمان بالله والوطن هو العنوان
هو الشعار
هو الحقيقة التي يدركها جند الاردن أُسد الاردن وميامينه
ومن فوق تل المحرقة يقاتل سالم العطيات وحامد اللصاصمة وصحبهما في وسط الهضاب وبين جداول المياه يغنون يزغردون
يرون العالم وقد اصبح من دخان وغبار
والسحاب استحال اسود وفقدت السماء زرقتها
ورائحة البارود اضحت هي مسك المعركة وهي فوح النصر .
ومن قال ان محور غور الصافي كان تضليليا
لا بل كان محورا رئيسا
اراد العدو منه السيطرة على مرتفعات الكرك
وتقدم في مناطق غور فيفا والصافي ووادي الجيب
واراد ان يسير نحو غور المزرعة ليلتقي مع طريق الكرك الصاعد ..
ولكن كان في مخفر المريصد من يترصد بالعدو
قسم مدفع 106ملم يسدد على اول دبابة تتقدم في الطريق الضيق
يدمرها وتنفجر
فيتوقف العدو عن التقدم؛ خاصة لان موقفه في المحاور الشمالية اصبح حرجا وصعبا
ويشن الجيش العربي الاردني هجوما معاكسا فيهزم العدو ويخرجه من ارض الاغوار الجنوبية ..
مع مساء الحادي والعشرين من آذار 1968
يكون الجيش العربي الاردني اكمل رسم اعظم لوحة انتصار
صاغها القادة من ايام يسهرون يتابعون الموقف
وقد برع عامر خماش في رئاسة الاركان بتصميم تقدير موقف محكم
وابدع غازي عربيات في تقريره الاستخباري المعلوماتي الدقيق
فكتب الجميع قصة مجد وفخار
رسمتها حراب البنادق ولونتها دماء الشهداء
وتزكت برائحة البارود
واصبح ميدان المعركة متحفا مفتوحا
لكنه حقيقي شاهد على البطولة
وقد انتثرت فيه اجساد 87 شهيدا اردنيا
وتناثرت حطام اليات العدو في كل مكان وبلغت 88 الية مختلفة مع 250 قتيلا
قاد جند الاردن الصالح منها نحو عمان
يكملون مسيرتها كما ارادها العدو الذي لا يقهر ولكن دخلها الأردنيون وهم يمتطونها وهم يهزجون ويغنون من فوق اليات الاعداء فتقهقرت سمعة واسطورة العدو الخرافية.. وشاهد الاردنيون غنائم الجيش الاردني في ساحة المسجد الحسيني في عمان
وارتفع الاردن عاليا مزهوا بنصر تاريخي ما عرف العرب مثله في تاريخهم الحديث ..
وقدم الاردنيون هذا النصر لامة العرب التي استفاقت من غفوتها وكبوتها واحباطها
لترى ان الكرامة الاردنية قد محت كل اثار النكسة .. واعطت اعظم درس للعرب مفاده ان النصر على هذا العدو ممكن ..
من اول رسالة كتبها القائد الحسين طيب الله ثراه يبلغ العالم ان الاردن يتعرض لعدوان شامل
وقول جلالته : « «إننا لا نعرف حتى هذه اللحظة إلى أين ستنتهي معارك اليوم الدامية، وان كنا نخوضها بكل العزم والتصميم دفاعا عن قدسية وطننا وشرف عروبتنا، ولئن أخذتم تسمعون عنا وليس منا بعد هذا اليوم فلأننا والله قد طالت نداءاتنا وتوالت ولم يبق لدينا من مزيد، إلا أن نهيب بكم للمرة الأخيرة أن التقوا في الحال بمستوى القمة وكونوا -بعون الله- قمة في مواجهة أصعب ظرف وأقسى منعطف تاريخي يجابه امتنا من تاريخه كله….
الى اخر لحظة في المعركة كانت العيون شاخصة والجميع يترقب لما سيفعله الجندي الاردني
وكان النصر
وكانت لقاءات الحسين مع اخوانه في الجيش العربي الاردني
يتجول في ارض المعركة
يمتطي دبابة العدو يشاهد ويتلمس صنيع الدروع والمدفعية والمشاة
كان يوم جمعة وقد اجتمع النصر للجيش
ومن ثم كان المؤتمر الصحفي لجلالته طيب الله ثراه يوم السبت الثالث والعشرين من اذار 1968م وقد حضره في ذلك الوقت اكثر من سبعين صحفيا والذي قال فيه
«» انتم تعرفون بالتفصيل المعركة التي وقعت يوم الخميس.. يدعي الاسرائيليون ان المعركة لم تكن لتستمر طويلا، ولو فرشنا البساط الاحمر لقواتهم ليدخلوا بلادنا وينفذوا ما جاءوا له ويعودوا سالمين، ان هذا التفكير هو بحد ذاته امر لا يحتمل، فلم اسمع قط عن حوادث من هذا النوع، وعن منطق كهذا المنطق، افترض انهم كانوا يتوقعون منا الترحيب بهم ونتركهم يتجولون في البلاد كما يشاءون ولينفذوا ما يحلو لهم من العمليات الحربية ويعودوا سالمين.
انني اعتقد بأن العملية لم تكن تستهدف الكرامة، ولكنهم لو تمكنوا عن طريق عنصر المفاجأة من اختراق خطوط دفاعنا، لكانت الحالة تختلف تماما عما هي عليه الآن، فقط لحسن الحظ فقد كانت عمليتهم فاشلة بكل معنى الكلمة وان جنودنا حاربوا معتمدين على انفسهم تماما وهم يدركون بأن المعركة هي معركتهم وحدهم، وهكذا استطاعوا ان يفوتوا على العدو تحقيق هدفه ولم يكن الهدف هو الحاق الدمار بموقع الكرامة؛ لأن ذلك يمكن ان يحدث عن طريق القصف الجوي او بواسطة المدفعية كما فعل العدو مرارا في الماضي. لقد جرت اتصالات لوقف اطلاق النار بعد ظهر يوم الخميس وقد قلنا اننا لم نبدأ بإطلاق النار وان الاسرائيليين هم الذين بدأوا بالعدوان فعندما ينسحب الاسرائيليون الى الجانب الآخر من خط وقف اطلاق النار وعندما يوقفون اطلاق النار الذي بدأوه، عندها فقط نكون على استعداد لوقف اطلاق النار، هكذا استمرت المعركة حتى النهاية بالرغم من استمرار بعض المناوشات لفترة قصيرة وعلى نطاق محدود.
هذه هي ارضنا وهنا نبقى احياء مع الكرامة او نموت، لا ادري ما سيحدث في المستقبل ولكن هذا هو الوضع كما نراه الآن.
واضاف جلالته يقول : هذه هي ارضنا وهنا نبقى احياء مع الكرامة او نموت، لا ادري ما سيحدث في المستقبل ولكن هذا هو الوضع كما نراه الآن.
ومن ثم اصبح حديث العالم هو عن النصر الاردني الكبير
وتقاطر الاعلاميون من كل حدب وصوب ليروا صنيع الجندي الاردني
واصبح الحديث حديث انتصار
والشعر شعر انتصار
والاغنية اغنية انتصار
وانهالت على القائد الحسين رسائل وبرقيات زعماء العالم يهنئون الاردن وجيش الاردن وملك الاردن بهذا النصر الاردني المؤزر المبين
. ******************************
وبعد سنوات يرتفع صرح شهداء معركة الكرامة في قلب ميدان المعركة
يروي بلمسة فنية يوم الكرامة
وتحيط به صور الشهداء يقولون لنا نحن ما رحلنا بل اصبحنا نصركم واعتزازكم وشموخكم
ايها الشهداء يا اكرم الناس جميعا ..
يا مهر عزة الوطن
يا فروسية المجد التليد
اليكم السلام وكل السلام
فانتم الاحياء عند ربكم ترزقون .
وفي يوم افتتاح صرح الشهداء يوم عيد الاستقلال في 25 ايار 1976 يخاطب الحسين طيب الله ثراه الاردنيون وامة العرب والدنيا ويقول :
« «كان لهذه السفوح مع المجد موعد، وللأسود الرابضة في جنباتها مع النصر لقاء … وكان كل ذلك قبل مرور اقل من عام على اكبر كبوة مُنيت بها امتنا العربية في عصرها الحديث.
كان الجو ما زال متشحاً بغبار حزيران وكانت الأسطورة التي بدأت زحفها يوم الكبوة ما فتئت توغل في النفس العربية تفترسها قطعة قطعة لتلقي بها في النهاية محطمة مهشمة على صخور اليأس والقنوط .
الكرامة تبقى الذكرى ومصدر اعتزاز لكل جيل ومدار البحث الدائم ففي الذكرى السادسة لمعركة الكرامة في عام 1974م قال المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه «… وسوف يظل الأردنيون وأبناء امتنا الماجدة يذكرون لهم أنهم خرجوا والجراح ما تزال نازفة ، فضمدوها ومضوا يثأرون ويردون إليها صليل سيوفها وطراد خيولها في ميدان والفداء…، وأننا ونحن نحتفل بهذا اليوم بما حققتموه في ميادين المعركة وما صنعتم بشجاعتكم وإيمانكم من نصر سيظل الصفحة الأبهى زهوا في تاريخ الأمة الحديث..»
وقد أوضح الحسين ذلك في كلمته عقب المعركة حيث يقول جلالته:-
«وأتاحت الكرامة لأمتنا العربية فرصة لإعادة تقييم نفسها اقرب إلى الصواب والحقيقة بعد أن ران عليها إثر حزيران المشؤوم جو من اليأس ولفها سحب من الشك بقدرتها على الحياة والعطاء…»
وفي الذكرى الاربعين لمعركة الكرامة الخالدة يخاطب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الامة والاردنيين والجيش العربي الاردني الباسل فيقول :
في هذا المكان وقبل أربعين عاما قاتل النشامى الأردنيون بشرف وشجاعة، للدفاع عن ثرى الأردن، وبالرغم من تفوق العدو في العدد والسلاح والإمكانيات، تمكن أبناء هذا الجيش من تحقيق النصر الذي أذهل العدو، وأجبره على الاعتراف بالهزيمة ولأول مرة في تاريخه.
هنا وقبل أربعين عاما، كان صوت الحسين – رحمة الله عليه – يشد من عزيمة النشامى، ويرفع معنوياتهم، وكان النشامى عند ثقة الحسين، فمنهم الذي جرح ومنهم الذي استشهد، ومنهم الذي احتفل بالنصر الكبير.
ونحن اليوم ومن هذا المكان، نتوجه بتحية الفخر والاعتزاز لكل من شارك وساهم في هذه المعركة من مختلف الألوية والوحدات في الجيش العربي: لواء القادسية، ولواء الأميرة عالية، ولواء حطين، واللواء الهاشمي، واللواء المدرع الستين وسائر الكتائب من المدفعية، والهندسة، والصيانة، والتموين واللاسلكي، والخدمات الطبية، وغيرها من كل التشكيلات التي ساهمت في تحقيق النصر في هذه المعركة.
أما الشهداء، وأكرم الناس هم الشهداء، فقد كرمهم المولى عز وجل، أكثر وأعظم من أي تكريم على وجه الأرض، بقوله تعالى «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» صدق الله العظيم. ومن الوفاء والاعتزاز بتاريخنا، أن نقف اليوم إجلالا واحتراما لشهداء الجيش العربي في معركة الكرامة، وفي سائر المعارك، التي قاتل فيها، للدفاع عن الأرض العربية والكرامة العربية، سواء في فلسطين، أو في أي مكان، من الوطن العربي الكبير.
فجر الكرامة يبزغ من رحم المعاناة واليأس
وملحمة الكرامة قصة كبرياء تسمو
ولوحة شموخ
يوم ان قاتل الاردنيون قوات فاقت ما قابلتهم في حرب حزيران
قاتل الاردنيون في جبهة زادت مساحتها عن الف وثلاثمائة كيلومتر مربع
وامتدت من جسر الامير محمد شمالا الى راس البحر الميت الشمالي ومن غور حديثة الى نهاية منطقة غور الصافي …
مواجهة الدبابة للدبابة
وقصف بركاني من مدفعيات الجيش في الصبيحي غرب السلط ومن ناعور ومن مناطق عيرا ويرقا ..
وتخطيط تميز بالتركيز على استراتيجية المعركة وليس بتكتيكها
ترك العدو يدخل بلدة الكرامة جوا
فما ان فرغ من مقارعته في كل المحاور وجد العدو نفسه معزولا في بلدة الكرامة فهرب منها بمروحياته ..
تجلت فرقة المشاة الاولى بقيادة مشهور حديثة الجازي في التعامل مع العدو
من لحظة الهجوم الى نهايته بلا توقف ابدا
23 وحدة قتالية اردنية التحمت وتناسقت في يوم الكرامة
انساق الحجابات ومن بعد المشاة ومن ثم ارتال الدبابات ومن فوق التلال كانت المدفعية تمطر قوات الاعداء باثقالها المدمرة ..
شهداء من كل الصنوف ومن كل الرتب:
29 شهيدا من المشاة
وثلاثون من الدروع
وعشرون من المدفعية
واربعة من اللاسلكي واثنان من التموين
لنقرأ في لوحة الشهادة انها معركة حقيقية لجيش نظامي
مع تفاعل كل الصنوف وتقديمها لما هو فوق طاقتها …
ومن كل ارجاء الوطن
سلام على الشهداء
يا من صنعتم بدمائكم اغلى انتصار
واهديتم الامة الكبرياء بعد هوان
ونفضتم غبار الهزيمة
وصغتم نصر كرامة وفخار
في يوم الكرامة
وفي عيدها الذهبي
نترحم على قائدها القائد المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه
ونحيي قواتنا المسلحة الباسلة
ونحيي الشهداء الابرار الاخيار
ونقف مع قائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وقفة الكبرياء ونحن نعيش مرحلة البناء والانجاز والتطوير
مع عبدالله الثاني القائد الذي يرعى الجيش والاجهزة الامنية لتبقى في القمة اداء واحترافا وتميزا
عبدالله الثاني الذي يرعى كل احتفالات الكرامة في عيدها فهي عنوان نصر وهو يقول عنها»
ونتقدم من جيشنا العربي الاردني بكل التهاني والتبريك في هذا العيد
الذي هو عيدنا جميعا
ونصرنا جميعا.
وكل عام وانت يا وطني بكل خير وعزة وفخار
التعليق