كورونا تغير شكل الزيارات الاجتماعية.. والبعض “يستهزئ” بإجراءات الوقاية!
لم تكن تتوقع الأربعينية أم مازن أن التزامها وحرصها على صحتها وصحة المحيطين بها سيكونان السبب في تعرضها للسخرية والاستهزاء، وذلك بعد استقبالها لجاراتها اللواتي استهجن كثيرا تمسكها بالإجراءات الوقائية وقواعد السلامة تطبيقا لمبدأ التباعد الاجتماعي.
هي وحتى تحمي نفسها ومن حولها تجد أن من الأفضل تجنب المصافحة والتقبيل، وهذا ما فعلته تماما معهن، الأمر الذي وضعها في موقف محرج، مع مشاعر من العتب واللوم والاستياء حملتها عباراتهن المستنكرة لتصرفها رغم أنها لم تخطئ في حق أحد.
وتلفت الى أن الظروف الراهنة وصعوبة الوضع الصحي الذي أوجته جائحة كورونا كلها أمور تفرض على الجميع أن يكونوا أكثر حذرا ووعيا، وأن اهتمامنا بأنفسنا هو سبيل لحماية الآخرين. وتبين أن “تلاصقنا وتلاحمنا لا يعني بالضرورة أن نكسر مسافة الأمان بيننا وبين الآخر”. وتؤكد على أن التقارب وخاصة في الزيارات الاجتماعية أمر في غاية الأهمية لا يمكن الاستغناء عنه أو إلغاؤه تماما، لكن بالمقابل لا بد من الالتزام بالتوصيات التي تحد من انتشار فيروس كورونا وبالتالي يكون هناك احترام لحرية الآخر بعيدا عن الأمور الشخصية والإحساس بالإهانة وغيرها من الأفكار الخاطئة التي تدفع لأن نسيء لبعضنا البعض.
في زمن كورونا برزت الكثير من التغيرات التي أثرت على الحياة الاجتماعية، إذا إن صعوبة الأزمة حدت حتما من التواصل الاجتماعي والزيارات، وذلك من أجل تحقيق مبدأ الوقاية والحماية، وحتى يتمكن الجميع من الوصول إلى إحساس الأمان الذي فقد مؤخرا بسبب انتشار فيروس كورونا وتفشيه.
استهتار البعض بإجراءات السلامة وانتقادها واتخاذها أمرا شخصيا، سلوكيات مؤذية تسلب الآخر حريته وحقه في تجنيب نفسه الإصابة وإلحاق أضرار كبيرة به من شأنها أن تنهي حياته. وهنا من المفترض أن تكون المسؤولية مشتركة بين الجميع وتحديدا في الزيارات اجتماعية التي من الضروري أن تراعى فيها آداب وقيود مهمة جدا لضمان السلامة العامة.
أما سماح غانم فهي أيضا تواجه انتقادات مزعجة جدا من قبل بعض الأقرباء، والسبب أنها فهمت خطورة فيروس كورونا، فلم تجد أمامها خيار سوى أن تكون حذرة في تعاملها مع الآخرين حريصة قدر الإمكان حتى لا تتسبب في أذية أحد. تقول منذ بداية الحجر المنزلي وهي ملتزمة بكل ما توصي به وزارة الصحة متبعة كل طرق الوقاية موضحة أنها في منزلها تهتم كثيرا بتعقيمه يوميا.
خوفها من العدوى، يدفعها للتقليل من الاختلاط والتجمعات وحتى الزيارات الاجتماعية وخاصة أنها موظفة، وترى أن الزيارات الاجتماعية اليوم في زمن كورونا يجب أن تكون منضبطة بعض الشيء ومحدودة لكن بدون أن يخلق ذلك عتبا بين الناس.
وتذهب الى أنها وفي الزيارات الاجتماعية، تحرص دائما على وضع المعقمات على باب المنزل رغم السخرية التي تطالها من بعض المستهترين، لكن ذلك لا يؤثر فيها بل على العكس يزيدها تمسكا بإجراءات الوقاية محاولة توعية من تعرفهم وإقناعهم بأن الالتزام هو طوق النجاة للجميع.
ويرى الأخصائي الاجتماعي الأسري مفيد سرحان أن انتشار وباء كورونا وما صاحبه من إجراءات وقائية أدى إلى حرص البعض على الالتزام بهذه الإجراءات قناعة منهم بأهميتها للوقاية والحد من انتشار الفيروس. ويحرص هؤلاء على الالتزام سواء داخل بيوتهم أو أماكن العمل أو حتى في حال زيارتهم للآخرين.
وبالرغم من استمرار تأكيد المختصين على ضرورة التزام الجميع بإجراءات الوقاية، إلا أن الكثيرين ما يزالون لا يلتزمون بهذه الإجراءات، وذلك واضح في مختلف الأماكن وعدم الالتزام الذي يأخذ أشكالا متعددة منها التقارب الجسدي والازدحام وعدم ارتداء الكمامات في الأماكن العامة والإصرار على المصافحة وتقبيل الآخرين، ومن هؤلاء من يبرر تصرفاته بعدم القناعة بهذه الإجراءات وعدم جدواها، ومنهم من يشكك أصلا بوجود فيروس كورونا.
ووفق سرحان، فإن الملتزمين بالإجراءات يجدون صعوبة في كثير من الأحيان في إقناع الآخرين بالالتزام، بل إن هؤلاء يواجهونهم بالاستغراب والتندر وأحيانا السخرية فقط لالتزامهم، فالبعض لا يتقبل فكرة أن تتحدث معه وأنت غير قريب جدا منه أو أن تتعامل معه وأنت ترتدي الكمامة، ويعتبر ذلك مبالغة أو انتقاص من قدره، فهو إضافة إلى عدم التزامه يتهكم على الملتزمين ويسخر منهم ربما ينعتهم بصفات غير جيدة.
وهنا فإن المسؤولية تتطلب أن يصر الشخص على موقفه بالاستمرار في اتخاذ إجراءات الوقاية الشخصية والأسرية وحث الآخرين على الالتزام، بحسب سرحان، وتوضيح الآثار السلبية على الجميع في حال عدم الالتزام على مستوى نقل العدوى وانتشارها، وأثر ذلك على المجتمع والاقتصاد حيث إن انتشار الوباء يؤدي إلى إرباك القطاع الصحي ويقلل من قدرته على تقديم الخدمات الصحية المثلى للمرضى.
كما أن الأثر الاقتصاد خطير على الجميع وقد عانى وما يزال الكثير بسبب توقف العمل وانقطاع الدخل أو انخفاضه بنسبة كبيرة. والأصل أن تقتصر الزيارات على الأمور الضرورية وفي الحد الأدنى وأن لا تكون بأعداد كبيرة، فالظرف يتطلب التعاون وعدم المغامرة والاستهتار والتواصل ممكن أن يتم عن بعد وهذا لا يؤثر على عمق العلاقات والمحبة بين الناس.
ويذهب الأخصائي النفسي يوسف مسلم إلى أن الناس أحيانا لا يتقبلون الجديد، وإذا تقبلوه فإن تقبلهم له يحتاج في الغالب إلى وقت كبير ويرجع السبب في ذلك إلى عدم إدراكهم للخطر الحقيقي أو الحاجة الحقيقية للوقاية وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين الأول أولئك الذين يظنون أن نظرة الآخرين لهم قائمة على أنهم سبب للعدوى، هذا النوع تحديدا يأخذ الأمور بشخصنة، وذلك لكونهم يفرطون في حساسيتهم.
أما القسم الثاني فهم أولئك الأشخاص الذين يستهينون بالإجراءات الوقائية ويعتبرونها أمرا مبالغا فيه، مبينا أن الاستهزاء سلوك بشري يخفي خلفه نية للتقليل من شأن الآخرين، أو محاولة لأهانتهم كما يرى أن صعوبة صمود الإنسان والإبقاء على صلابته باعتباره مخالفا لمن حوله أمر يدفع بالكثيرين إلى الاستجابة للمطلب الاجتماعي والتهاون بالإجراءات كغيرهم.