وكالة انجاز الإخبارية_ رزان المومني
يعمل “العم أحمد” في سوق عجلون “شارع الحسبة” منذ ثلاثون عاماً في بيع المنتجات الغذائية المحلية، ويندرج عمله تحت مسمى “العمالة غير المنظمة”، والتي غالباً ما تفتقر إلى معايير العمل اللائق والضمان الاجتماعي.
يخرج العم أحمد الساعة السابعة صباحاً إلى عمله الذي يبعد حوالي كيلومترين عن منزلة، “في بعض الأحيان أذهب مشياً على الأقدام، واعتبرها رياضة” يقول لـ”وكالة إنجاز الإخبارية”.
ويعمل منذ أن كان عمره 38 عاماً، في محل لبيع المنتجات الغذائية المحلية والمعاد تصنيعها كــ(الزبيب، القطين، الخبيصة.. ومنتجات محلية اخرى).
ينوّه أنه كان يعمل في بيع الخضار في المحل ذاته، ولكن مع تقدم السن أصبح لا يستطيع الاستمرار، واتجه إلى بيع المنتجات الغذائية المعاد تصنيعها، “بدأت ببيع الخضار برأس مال لا يتعدى الـ150ديناراً، ثم أصبح العمل في بيع الخضار متعب فاتجهت إلى هذا العمل برأس مال لا يتجاوز الـ450 ديناراً”.
يبيع منتجات اخرى في المحل، كــ(الحلقوم، الفيصلية، الكعكبان وغيرها من المنتجات التي ارتبطت في ذكريات الطفل الأردني)، ويشتريها من تجّار في مناطق مختلفة، واحياناً اخرى يأتي التجار إلى المحل، ويعتمد الأمر على نوع المنتج.
يعمل في المحل شخصين وهما غير مسجلين في الضمان الاجتماعي، وعند سؤال “وكالة إنجاز الإخبارية” عن سبب عدم الاشتراك، أجاب العم أحمد “في بداية عملي لم يكن الاشتراك بالضمان الاجتماعي سوا للأشخاص العاملين في وظيفة وعندما تقدمت في السن أصبح مسموحاً للجميع”.
ورغم أن عمل العم أحمد يصنف من غير منظم، فإن عمله في المحل مصدر دخل آخر إلى جانب راتب التقاعد الذي يحصل عليه، ويساعده في تغطية مصاريف عائلته المكونة من 10 أشخاص، “استطعت من خلال المحل تعليم ثمانية من أبنائي في الجامعات”، يؤكد لـ”وكالة إنجاز الإخبارية”.
غيداء إحدى بنات العم أحمد، تقول إن والدها ساعد في حصولها على الشهادة الجامعية في تخصص الهندسة المدنية من خلال عمله في المحل.
“دراسة الهندسة مكلفة ومشروع التخرج يحتاج إلى مبالغ كبيرة، ولولا وجود والدي إلى جانبي ودعمه لما كنت شيء يذكر” توضّح لـ”إنجاز الإخبارية”.
وينوّه العم أحمد إلى أن عمله في المحل حالياً بمثابة “التسلية وتمضية الوقت، ولا يوجد شيء يعمله في سن السبعين أفضل من هذا العمل.
يأتي الناس من كافة محافظات المملكة من الكرك عمان وإربد وحتى العقبة ليشتروا من المنتجات التي يبيعها العم أحمد، “الناس يثقون بالمنتجات التي ابيعها ويعرفون أنها بلدية مكفولة”.
قاسم أبو جلبان، أحد العاملين في المحل، يقول إنه منذ البداية يعمل مع العم أحمد، “تقاعدنا في عام 1990م وبدأنا العمل معاً”.
ويشير إلى أن البيع والأرباح سابقاً كانت أفضل من الوقت الحالي، وأصبحت إمكانيات المحل ضعيفة، ويحتاج إلى صيانة وديكور كي يتماشى مع التطور الحاصل.
ويوضّح أنه يتقاضى أجر لا يتجاوز الـ200 ديناراً شهرياً، وغالباً ما تتعدى ساعات العمل الـ10 ساعات يومياً، “المحل مستأجر وشهرياً يدفع 190 دينار، إلى جانب تكاليف خدمات الكهرباء والماء، ولا تتجاوز الأرباح الـ150 دينار”.
تُقدر نسبة العمالة غير المنظمة 48 بالمئة من إجمالي القوة العاملة في الأردن، وفق منظمة العمل الدولية. وهؤلاء العاملون، غالباً، غير مشمولين في أنظمة الضمان الاجتماعي.
ووفق مؤشرات العمل اللائق العالمية، فإن كل من قطاع (الزراعة، السكرتارية، عاملات المنازل، المهن الصحية المساندة، صالونات التجميل، والمحلات التجارية) من القطاعات الاقتصادية غير المنظمة. تفتقر هذه القطاعات إلى الحد الأدنى من المعايير المتصلة بظروف العمل.
ويُعرّف الاقتصاد غير المنظم على أنه، “جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها العمّال والوحدات الاقتصادية الذين لا تشملهم كل أو بعض الترتيبات النظامية في القانون أو في الممارسة. وأنشطتهم غير مدرجة في القانون، مما يعني أنهم يعملون خارج نطاق الترتيبات الرسمية والقوانين، أو أنهم غير مشمولين عملياً بها، وفق دراسة بعنوان “عدم المساواة بين الجنسين وظروف العمل غير المنظم في الأردن”.
وجاءت الدراسة أيضاً بمفهوم “العمالة غير المنظمة”، بحيث تعتبر “الوظائف غير المنظمة التي تؤدى في منشآت الاقتصاد المنظم أو غير المنظم، أو الأسر، وتشمل: العاملون المشتغلون وأصحاب العمل الذين يعملون في منشآتهم الخاصة في الاقتصاد غير المنظم، والعمالة المساهمة من أفراد الأسرة بغض النظر عما إذا كانوا يعملون في منشآت الاقتصاد المنظم أو غير المنظم”.
الدراسة الغير منشورة التي أعدّها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في أيار 2020، خرجت بعدة توصيات من أهمها، العمل على تفعيل تنفيذ “الإطار الوطني للانتقال من الاقتصاد غير المنظم الى المنظم” الذي صدر عام 2014م.
ويهدف الإطار الوطني للانتقال من الاقتصاد غير المنظم الى المنظم، إلى تعزيز منهجيةٍ متكاملة لإضفاء الطابع الرسمي على القطاع غير المنظم بما يضمن خلق فرص عملٍ لائقة، وتأمين ظروف معيشةٍ كريمة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين الإنتاجية، وزيادة النمو الاقتصادي.
وصادقت عليه كل من وزارة العمل، والاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن، وغرفة صناعة الأردن، والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في عام 2015.