كيف نَشفى بالصيام؟
انتشر مصطلح العلمانية في اوروبا الغربية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بمفهوم ان يعيش الانسان بالعلوم. وتم تطبيق نتائج هذه الحقبة من الزمن على معظم شعوب العالم وخاصة تطبيق النظام الغذائي العالمي الجديد، الذي بدأ تدريسه في المدارس والجامعات الغربية منذ تلك الفترة.
توصل العلماء حينها الى معرفة تفاصيل اعضاء الجسم الانساني، وما يحتاجه من البروتينات والدهون والنشويات والفيتامينات والعناصر المعدنية حتى يعيش وينمو. وعليه قالوا بما ان جسم الانسان لا يستطيع تخزين عنصر النتروجين مثلا فعلينا اعطاءه اللحوم ومن لا يأكل اللحوم سيصبح مريضا. واُستخدام حينها شعار مضمونه أن الرُقي يقاس على مستوى الاسرة وحتى على مستوى الدول بمدى إرتفاع نسبة استهلاكها من اللحوم.
وكانت نتائج تلك الفترة تشير الى انه اذا اردنا العيش طويلا علينا بتناول اللحوم ومنتجات الالبان والخبز الابيض بعد استخراج النخالة منه لتغذية الحيوانات عليها وعلى والشعير لإنتاج اللحوم. وتم الاستغناء او عدم الاهتمام باستهلاك الخضار والفواكه والالياف.
ماذا حصل بعد ذلك … حوالي 50% من الغربيين يموتون بأمراض القلب والشرايين بسبب اللحوم واكثر من 40 % منهم يموتون بسبب سرطانات الثدي والقولون بالإضافة الى الخلل الهرموني وهشاشة العظام عند النساء والحصى في المرارة والبروستاتا عند الرجال. وكذلك امراض السكري وارتفاع الضغط والدهون الثلاثية والكوليسترول بالدم.
لماذا كل هذه الامراض هي المنتشرة في هذا العالم، ولا يستطيع أحد إنكارها، ومعظم المراكز الطبية العالمية توصي باستئصال المرارة والغدة الدرقية والبروستاتا والسرطانات. واصبحت هذه الامراض المناعية في الدول العربية والاسلامية اكثر انتشارا من الدول الغربية.
لماذا هذا كله؟ ببساطة لان المواد الغذائية التي نتناولها هي المسببات لكل هذه الامراض. وعلماء التغذية قالوا مؤخرا توقفوا لا تاكلوا اللحوم والاجبان واعيدوا النخالة لتغذية الانسان.
لذا فالصيام جاء سنويا لاستدراك ما اصاب اجسامنا من خلل بسبب نظام التغذية الخاطئ. وعلى الصائم اتباع نظام غذائي جديد أقره علماء التغذية بناء على الضرر العام الذي حصل للبشرية بسبب هذا النظام الغذائي الغربي. ولا شك بان معظم الدراسات العلمية اكدت اهمية الصيام في الحد من امراض القلب والشرايين ومرضى السكري من الدرجة الثانية ومرضى البروستات وحصى المرارة وارتفاع الضغط والغدة الدرقية والمفاصل.
قال علماء التغذية بان على الصائم الافطار بتمرات (رطب) او/ و ماء والسبب ان الرطب تحتوي على الفيتامينات والسكريات التي يتعرف عليها الجسم. وتبدأ المعدة بافراز انزيمات تربسين وكيموتربسين فور دخول اي شيء فيها. ثم نتوقف بدون أكل لمدة 5-10 دقائق لتصل هذه المواد الى الدم ويكتمل افراز الانزيمات في المعدة وبعدها تصبح المعدة جاهزة لاستقبال الاكل.
يفضل البدء بالوجبة الرئيسية بدون تنويع اصناف الاكل لتفادي الانتفاخ من خلط المأكولات وينصح بعدم شرب الماء اثناء الاكل وعدم التسرع بتناول الاكل. والاصل في التغذية السليمة للوجبة الرئيسية هو الامتناع عن اللحوم بأنواعها ماعدا الاسماك وتفادي المقليات والحلويات والاجبان والمشروبات الغازية وتجنب استخدام الاواني البلاستيكية والزيوت الصناعية والمارجرين. وتناول الخضار الطازجة (العضوية) وخاصة الخضراء منها وتناول البيض البلدي والخبز بالنخالة والبقوليات والشعير واستعمال زيت الزيتون بكثرة، مع الاكثار من تناول الفواكه.
بالإضافة لما سبق فان مرضى السكري للدرجة الثانية عليهم تفادي الجزر والشمندر والعنب والبطيخ والعسل والاكثار من القرع والفت والقرع وسلطات الخضار. اما مرضى السكري بالأنسولين فمن الصعب عليهم الصيام حيث جاء في الحديث “إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه”، فلا تهلك نفسك بالصيام.
اما الفترة ما بين الافطار والسحور فيمنع تناول اي من المأكولات سوى الفواكه والاكثار من السوائل. وفي السحور علينا شرب السوائل وتناول اي مادة نشوية وزيت الزيتون واللوز والجوز والفواكه، ولا ننسى ان التقيد بالسنة النبوية التي تامرنا بان نتسحر لان في السحور بركة.
فاذا صام المسلم وتناول وجبتي الفطور والسحور فقط وتفادي تناول اللحوم والحلويات والمقليات والمشروبات الغازية فيهما وتناول اغذية نباتية عضوية واستخدم الطبخ المنزلي اثناء شهر رمضان. هؤلاء فقط الذين يستفيدون من الصيام للشفاء من الامراض والحد منها. وعلينا ان لا ننسى قول الله تعالى ” وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”، ونلاحظ انها لم تأتي “وكلوا واشربوا” مطلقة بل مقيدة بعدم الاسراف في الاكل والشراب.
د. ماجد فندي الزعبي / مستشار في الزراعة والبيئة
مع الاسترشاد بمحاضرات بروفيسور التغذية محمد الفايد