بدا من المنطقي لكثيرين أن يخسر رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو، الانتخابات البرلمانية، التي أجريت الاثنين، بسبب اتهامات الفساد التي تلاحقه، لكن العكس هو ما حدث على الأقل وفق النتائج غير النهائية.
واحتفل نتانياهو، فجر الثلاثاء، بما وصفه بـ”الانتصار الكبير” في الانتخابات البرلمانية، الذي جاء “رغم كل الصعاب”، بحسب “فرانس برس”.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو حقق أعلى الأرقام، لكنه لا يزال أقل من الغالبية اللازمة في الكنيست (البرلمان) من أجل تشكيل الحكومة.
ويتألف الكنيست الإسرائيلي من 120 عضوا، ويحتاج رئيس الحكومة إلى ثقة 61 عضوا منه حتى يتمكن من تشكيل الحكومة.
وبعد انتخابات غير حاسمة في أبريل وسبتمبر 2019، عاد الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع، الاثنين.
وجاءت الانتخابات الثالثة بعد فشل نتانياهو ومنافسه الرئيسي زعيم تحالف “أبيض أزرق” الجنرال السابق بيني غانتس، في تشكيل تحالف الأغلبية في الكنيست خلال الأشهر الماضية.
لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن نتانياهو وحلفاءه حصلوا على 59 مقعدا، بزيادة محدودة على أرقام الانتخابات الماضية.
وتفصيلا، نال الليكود بين 36 و37 مقعدا، مقابل 32 إلى 34 لتحالف “أبيض أزرق”، وفق “رويترز”.
ويحتاج نتانياهو إلى مقعدين لتحقيق الأغلبية في البرلمان الإسرائيلي مما يشير إلى طريق مسدود محتمل، وربما انتخابات رابعة.
تكتيكات نتانياهو
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يوصف بـ”الملك بيبي” ربما يستطيع تحقيق اختراق، يمكنه من تشكيل نيل ثقة الأغلبية وتشكيل الحكومة.
ومن التكتيكات التي قد يتبعها نتانياهو إجراء مفاوضات مع أعضاء في تحالف “أزرق أبيض” من أجل الانشقاق عنه، أو إجراء مفاوضات مع زعيم حزب “إسرائيل بيتا”، أفيغدور ليبرمان لتشكيل حكومة أغلبية مقابل مناصب كبيرة.
ويلاحق القضاء الإسرائيلي نتانياهو باتهامات الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، وتتعلق بمزاعم عن تقديمه مزايا قيمتها مئات الملايين من الدولارات لأقطاب إعلام إسرائيليين في مقابل هدايا وتغطية إيجابية له.
ومن المقرر بدء محاكمة نتنياهو في 17 من مارس الجاري، حيث من المرجح أن تكون المداولات على أشدها حول تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات.
“الساحر السياسي”
نتانياهو (70 عاما) حكم إسرائيل لمدة 14 عاما، منها 11 عاما متواصلة، ليكون الزعيم الأكثر بقاء في السلطة، ووصفته صحيفة “جيروزلم بوست” الإسرائيلية بـ”الساحر السياسي”، بعد أدائه في الانتخابات.
وقالت الصحيفة إن مفتاح نجاحه يتمثل في قيادة حملة انتخابية رائعة، مضيفة: “لا أحد ينظم حملات أفضل من نتانياهو”.
وركز رئيس الوزراء الإسرائيلي في حملته الانتخابية على “التخويف من اليسار” و”الفخر الصهيوني واليهودي”، فضلا عن ترويجه الكبير لعدد من الإنجازات في المجالات الأمنية والدبلوماسية والاقتصاد.
وتعهد نتانياهو بضم غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة خلال الحملة الانتخابية، في خطاب دغدغ آمال كثيرين في إسرائيل.
ويبدو أن الجمهور المؤيد لنتانياهو من معسكر اليمين لا يرى مشكلة في فساده، كما أنه يشكك في الاتهامات التي قدمتها السلطات وفي نزاهتها.
وتقول “جيروزلم بوست” إن أنصار نتانياهو إما لا يعتقدون أنه فاسد، أو أن الأمر لا يستدعي طرده من السياسة.