على الرغم من تأكيد منظمة الصحة العالمية، إمكانية وقف انتشار فيروس كورونا الجديد في حال اتخذت البلدان تدابير للكشف المبكر عن المرض وعزل المرضى وتتبع اتصالاتهم، فإن تقارير تشير إلى أنه قد يكون من الصعب وقف تفشي الفيروس.
ويعزو الباحثون والعلماء “الصعوبة” في وقف تفشي فيروس كورونا، الذي أصاب أكثر من 77 ألف شخص في العالم وتسبب بوفاة نحو 2360 آخرين، إلى عدة أسباب، من أبرزها طول فترة حضانة الفيروس.
وكان الأطباء والباحثون يعتقدون أن فترة حضانة الفيروس تقدر بنحو أسبوعين، وهي الفترة التقديرية المستندة إلى فترة حضانة فيروس “كورونا ميرس”، وكذلك “كورونا سارس”، على اعتبار أن كورونا الجديد أو “كوفيد 19” من نفس عائلة الفيروسين السابقين.
غير أن أطباء وباحثين في الصين قالوا إن فترة حضانة فيروس كورونا الجديد قد تصل إلى 24 يوما، وهذا يعني أن فترة حضانة “كوفيد 19” أكثر بنحو 10 أيام من الفترة التي قدرها الخبراء سابقا.
الأمر المخيف الذي استجد في أمر فيروس كورونا الجديد هو دراسة حالة لامرأة صينية من مدينة ووهان، في العشرين من عمرها، سافرت إلى مدينة أخرى تبعد مئات الكيلومترات، ونقلت الفيروس إلى 5 من أقاربها من دون أن تظهر عليها أعراض الإصابة أو العدوى، بحسب ما ذكر علماء صينيون.
وبنظر العلماء الصينيين، فإن هذا الأمر يشكل دليلا جديدا على أن فيروس كورونا الجديد يمكن أن ينتشر من دون ظهور أي أعراض.
وتبين حالة المرأة من ووهان، التي لا تظهر عليها أعراض، السبب وراء أن تفشي المرض “سيكون من الصعب إيقافه”، خصوصا وأنها لم تظهر علامات المرض، وجاءت الاختبارات بشأن الفيروس سلبية.
وقدمت دراسة الحالة، التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية، أدلة حول كيفية انتشار فيروس كورونا الجديد، وأشارت إلى أنه قد يكون من الصعب إيقافه.
ووفقا للدراسة، التي أجراها الدكتور ميون وانغ من مستشفى الشعب بجامعة تشنغتشو وزملاؤه، فقد سافرت المرأة على بعد 640 كيلومترا، حيث سافرت في العاشر من يناير الماضي، من مدينة ووهان في مقاطعة هوبي إلى مدينة أنيانغ في مقاطعة هينان، وزارت العديد من أقاربها.
وعندما بدأ أقاربها يعانون من المرض وظهرت عليهم الأعراض، عزل الأطباء المرأة واختبروها بحثا عن فيروس كورونا الجديد، وفي البداية، جاءت نتائج الفحوصات عليها “سلبية” تجاه الفيروس، غير أن اختبار المتابعة كان إيجابيا.
وبينما أصيب جميع أقاربها الخمسة بفيروس كوفيد 19، لم تظهر الأعراض على الشابة الناقلة للفيروس حتى 11 فبراير، وظل صدرها طبيعيا ولم تظهر عليها أية أعراض للحمى أو آلام المعدة أو الجهاز التنفسي، مثل السعال أو التهاب الحلق.
وقال العلماء في الدراسة إنه إذا تكررت النتائج فإن “الوقاية من عدوى كوفيد 19 يمكن أن تشكل تحديا”.
وبينما امتدح مسؤولو منظمة الصحة العالمية إغلاق الصين للعديد من المناطق حيث يقيم ملايين الأشخاص لأن ذلك يساعد في شراء الوقت لبقية العالم للاستعداد لمواجهة الفيروس الجديد، فإن ظهور بؤر ساخنة في جميع أنحاء العالم، مثل كوريا الجنوبية وإيران، يثير القلق أكثر بشأن عملية احتوائه.
كذلك يواجه المسؤولون الصحيون صعوبة في العثور على المصدر الأول للفيروس وعزله، أو ما يسمى بـ”حالة الفهرس”، وهو أمر آخر يثير القلق.
لكن منظمة الصحة العالمية تصر على أن كوفيد 19 ليس وباء بعد، وتقول إن البلدان خارج الصين لا تحتاج إلى المزيد من الإجراءات القاسية والمشددة، لكن الارتفاع في حالات الإصابة به خارج الصين يعني أن وقت العالم بدأ ينفد.
الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية تعرف الوباء العالمي بأنه مرض ينتشر في قارتين، على الرغم من أن بعض خبراء الصحة العامة قد يصفونه باعتباره “وباء” إذا كانت رقعة الانتشار واسعة أو عبر العديد من الحدود الدولية.
وأوضح خبير الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل، الدكتور ويليام شافنر، الذي لم يشارك في دراسة جامعة تشنغتشو، إن حالة امرأة ووهان قدمت “مختبرا طبيعيا” لدراسة فيروس كورونا الجديد.
وقال “لقد كان العلماء يسألون ما إذا كان يمكن أن تصاب بهذه العدوى من دون أن تعاني من المرض.. الجواب على ما يبدو هو: نعم”.
وأضاف: “عندنا هذه المريضة من ووهان حيث يوجد الفيروس، وسافرت إلى حيث لا يوجد الفيروس.. بقيت بدون أعراض وأصابت مجموعة من أفراد الأسرة، ثم توافر لديك مجموعة من الأطباء الذين اقتنصوا الفرصة على الفور واختبروا الجميع”.
وقال شافنر إن الأسئلة الرئيسية الآن هي “كم مرة يحدث هذا النوع من انتقال العدوى؟ ومتى تأتي نتائج الاختبارات على الشخص المصاب بالفيروس خلال فترة عدم ظهور الأعراض، إيجابية؟”.