لماذا يستهدفون الأردن؟
بقلم: جهاد مساعده
لأننا الأردن.
صخرةٌ صغيرة في خريطةٍ ملغومة، لكنها تقف كأنها جبلٌ لا يلين، لا تهزّه الرياح، ولا تطاله مخالب الطامعين.
لأننا لم نساوم على ثباتنا، ولم نضعف أمام رياح الابتزاز.
لأننا وطنٌ يحكم بالعقل، ويتنفّس بالمروءة… يستهدفوننا.
لأن فيه جيشًا يزرع الطمأنينة في الوجوه، والرعب في صدور الأعداء.
لأن فيه شعبًا إذا جاع، لا يثور، بل يزرع بصبره رغيفًا للأحفاد.
لأن فيه مليكًا شجاعًا، يسير على الألغام كأنه يسير على سجادةٍ وطنيةٍ مفروشةٍ بالشوك، ولا يتوقّف.
يستهدفونه لأننا لم نغيّر بوصلتنا تجاه فلسطين، وتاجها القدس.
لأنهم يُتقنون صناعة الانهيارات، فعجزوا عن فهم بلدٍ يُتقن النهوض.
يا هؤلاء…
أنتم لا تفهمون هذا البلد، ولا تعرفون كيف يصنع كرامته، ويغسل ماء وجهه بتراب الشرف.
تظنّونه صامتًا لأنه قوي، وفقيرًا لأنه عفيف، وعاجزًا لأنه لا يشتكي… لكن الكرامة لا ترفع الصوت، بل ترفع الرأس.
ومن الداخل؟
آه من الداخل…
من أولئك الذين يلبسون عباءة الوطن في النهار، ويبيعونه في منتصف الليل.
من أولئك الذين يشربون قهوة الوطنية، ويأكلون كعكة المناصب.
من الذين يجلسون على الكرسي ليغتالوا المعنى لا ليحموا الوطن.
من يظنّون أن حب الوطن يمرّ عبر المحسوبيات، وأن الولاء مجرّد ختمٍ على الورق.
ومنهم من لبس عباءة الدين، وتوضّأ بالخيانة، وصلّى في محراب الطمع.
يتاجرون بالآخرة وهم يسرقون الدنيا.
يتحدّثون عن الحلال، ويمضغون أموال الوطن بأسنان الحرام.
يرفعون السبابة في الخُطب، ويُخفون الخنجر في الرداء.
يُلبسون الفضيلة ثوبًا جديدًا… لكن بماركة التعري.
هؤلاء أخطر من العدو… لأنهم يشبهوننا كثيرًا، ولا ينتمون إلينا أبدًا.
أيها المتآمرون، من الخارج والداخل:
هذا الأردن، لا يُؤخذ بحرب، ولا يُستدرج بخدعة، ولا يُباع.
هذا وطنٌ علّم الحجارة أن تصبر، والجبال أن تنحني فقط لله،
وعلّم الناس أن يعيشوا بقلوبٍ من نار، وأيدٍ من سلام.
هذا الأردن:
لا يُقاس بمساحته، بل بتاريخه.
لا يُعرف بثروته، بل برجاله.
لا يُحبّ لأنه معروفٌ بمواقفه، بل لأنه لا يخون.
وأنتم؟
أنتم كالريح: تمرّ، ثم تُنسى.
كالورق: يتساقط في صمت، وتطؤه الأقدام دون أن تلتفت إليه العيون.
فدعونا وشأننا.
دعونا في جوعنا وشرفنا، في ضيقنا وكبريائنا، في صبرنا وكرامتنا.
دعونا نمضي كما نحن:
بلا ضجيج… لكن بثبات.
بلا طائرات… لكن بأجنحة.
بلا نفط… لكن بضميرٍ لا يجف.