مرّ المجتمع الأردني قبل فترة بأحداث متسارعة متتالية أشغلت الرأي العام ، أولاها تغيير المناهج من قبل وزارة التربية والتعليم ، وتلاها حدث الانتخابات وما جرى بدائرة بدو الوسط ، وأعقبتها حادثة مقتل الكاتب ناهض حتر ، ومن ثم توقيع اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني ، وبعدها استقالة حكومة الملقي واعادة تشكيلها ، ولكن ما يهمنا هنا الحدث الأبرز وهو ما جرى من تداعيات لمقتل الكاتب ناهض حتر ، وما الذي يجب علينا فعله في تلك المرحلة .
لكنّ ما نريد أن نسلط الضوء عليه هم خفافيش الظلام الذين يصطادون بالماء العكر ، ويحاولون جاهدين وبلا جدوى زرع فتنة داخلية في مجتمعنا الطيب ، الذي أبى منذ تأسيس المملكة بل من قبل إلا أن يزرع الحب داخله وبين أبنائه أيا كانت ديانتهم ، وأيا كان منبتهم .
قبل أيام أعلن عن تنظيم مسيرة رفضا لاتفاقية الغاز التي وقعتها الحكومة الإثنين الماضي ، وعلى اثرها ثارت موجة من الغضب الشعبي ، وانطلقت المسيرة أمس الجمعة بمشهد رائع وحد أطياف الأردنيين ازاء بوصلة العدو الصهيوني ، والحكومة التي استغلت تلك الأحداث وغياب البرلمان لتمرير تلك الاتفاقية وما شاءت من قرارات .
إلا أن البعض أصرّ على فك تلك اللحمة من خلال اعادة طرح قضية حتر في المسيرة ، سيما أن قرارا صدر من القضاء العسكري بحظر فتح النقاش بتلك القضية أو اثارتها ، وأدى الى وقوع التنازعات ، فانحرفت بوصلة المسيرة من الهدف الأسمى الى الهدف الأدنى حسب ما ذكره مراقبون ، وتشتت المشاركون وانصرف كل حزب بما لديهم فرحون ، وتناسوا الهدف الأسمى وهو منع استغلال العدو الصهيوني للوطن من خلال تلك الاتفاقية .
وقبل المسيرة لاج ” الفيسبوك” وهاج باثا سموم أفاعي الأوكار العفنة التي لا تريد للأردن خيرا ، ولا للأردنيين ، وانشغلنا بما هو تافه ونسينا الأهمّ ، ومررت القرارات ونحن غائرون في جدالنا ، وحينما قررنا الوقوف صفا واحدا ازاء قرار ضرب عرض الحائط بقيم الشهداء ، وازاء تعديلات المناهج التي أقرتها وزارة التربية والتعليم بغية سلخنا عن جلدتنا الإسلامية والقيمية ، شغلنا بتمجيد الأشخاص والنزول لسفاسف الأمور ، ونسينا الوطن الذي يأنّ من وطأة السياسات الحكومية ، والذي أثخن بالجراح من سياسات صندوق النكد الدولي ، وتحول مشهد الوحدة الشعبية عبر الفيسبوك و من خلال مسيرة وسط البلد الى مشهد هزلي باعث على الضحك من قبل الجميع سيما العالم الخارجي.
بكل أسف نقولها أن الحكومة والمتربصين بالوطن أيا كانوا ضحكوا ملء أفواههم ازاء ما جرى ، وأن المؤملين بحراك شعبي واسع رافض لتلك الاتفاقية أصيبوا بهوس الإحباط ، سيما أن الحكماء غابوا عن تلك الفعالية المعبرة عن نبض الشارع .
ما نريد الوصول اليه أن قضية حتر ومقتله طويت ، وأسدل الستار عليها ، والقضاء ينظر في قضية قاتله ، إذن فالواجب علينا طي الصفحة والمضي واليقظة لما يحاك ضد الشعب وضد الوطن من الداخل والخارج ، فحتر شخص مضى و غيره الكثير من الأشخاص مضوا ، لكن هذا الوطن باق ، وعلينا أن نتكاتف ونوحد الصف لنوئد المؤامرات الحكومية و الخارجية في قبرها ، قبل أن تنتشر أفاع تبث السموم في اوصال جسدنا المتماسك.