بترا -أشرف الغزاوي-يعكس متحف “بيادرنا” للتراث الشعبي في بلدة مخربا بلواء الطيبة غربي إربد، موروثا أردنيا غنيا بمقتنياته العابقة بنكهة عادات وتراث الأجداد وتقاليدهم ووسائل حياتهم اليومية.
والمتحف الذي بدأ بتأسيسه عاشق التراث حمزة صالح العزام منذ 2008 بجهود ذاتية، بدأت ملامحه تتضح اليوم، إذ يجد الزائر نفسه أمام ما يشبه لوحة فسيفسائية تراثية شكلتها مقتنياته التي احتضنها مبنى منزل تراثي يعود لأجداد العزام، والذي بني عام 1885 من القرن الماضي، ليشكل إضافة نوعية للمتحف ومقتنياته وسط الحجارة القديمة المبنية على نظام “القناطر” التي يفوح منها عبق الماضي وتعاليل أحاديث الحصيدة والمطر والغلال.
مقتنيات تراثية عديدة يحويها المتحف، فمن أدوات الزراعة القديمة مثل لوح دراس القمح و”القادم” المستخدم في نقل المحصول قديما على ظهر الدواب، و”المذراة” و”الشاعوب” و”المناجل” وعود الحراث وغرابيل القمح وشربال الشعير ومقطف الحمص والفول المستخدمة في غربلة المحصول، إلى أثاث منازل الأجداد من “مطاوي الفراش” وجرات المياه الرملية وأواني طبخ الجدات النحاسية وأدوات صنع القهوة من دلال و”محماس” و”مهباش” ومنقل جمر ينطق بكرم الأجداد وضيافتهم.
كما يزخر المتحف، من بين المئات من مقتنياته، بملابس قديمة للأجداد والجدات مصنوعة يدويا تحكي زمن الطيبة والبساطة والبركة، بالإضافة إلى حلي وأطواق ومراود ومكاحل زينة الجدات التي يعود عمرها إلى نحو 200 عام، إلى جانب الألعاب القديمة للأطفال ومواد عديدة كانت تباع بالدكاكين القديمة.
ولم يغفل المتحف عن ضم أجهزة الراديو القديمة التي كان تواجدها بشكل أساسي عند مختار القرية الذي يتجمع عنده أهلها لسماع الأخبار، إلى جانب أجهزة الهاتف القديمة، إضافة إلى طوابع توثق تاريخ الأردن وعملاته القديمة ونسخ من صحف صدرت إبان تأسيس المملكة وانطلاق الثورة العربية الكبرى، وغيرها من أدوات الإنارة التراثية من فوانيس وشمعدان وقناديل.
وقال مؤسس المتحف، العزام، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن هوايته بالمقتنيات التراثية دفعته إلى تأسيس المتحف واستغلال منزل أجداده العتيق ليكون حاضنا طبيعيا له في محاولة للحفاظ على الموروث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية والتعريف بعادات وتقاليد الأجداد الأوائل وأسلوب حياتهم.
وأضاف أن المتحف يسهم بإحياء تراث القرى والأرياف الأردنية عبر ما يحويه من مقتنيات تنبض بالماضي الأصيل وتعكس طبيعة الحياة للأجداد وأنماط حياتهم القائمة على البساطة واستبشار الخير والبركة.
وأكد أهمية توثيق التراث الأردني عبر المتاحف ودعمها من قبل الجهات الأهلية والرسمية بهدف زيادة مقتنياتها وتشجيع القائمين عليها من خلال تنظيم زيارات سياحية وطلابية إليها.
ويأمل العزام، في إيجاد دعم بهدف توسعة مبنى متحف البيادر في قرية “مخربا” التراثية الذي يحوي غرفا ومرافق إضافية تحتاج إلى تجهيز لعرض المزيد من المقتنيات التراثية، إلى جانب وضع المتحف ضمن المسارات السياحية في محافظة إربد ما يسهم في تعزيز دوره الثقافي والتراثي.
بدوره، أكد مدير مديرية ثقافة إربد الدكتور سلطان الزغول، الحرص على دعم المنتديات والهيئات الثقافية والتراثية والشعبية لاسيما متاحف التراث المنبثقة عن مبادرات أهلية لتؤدي رسالتها في الحفاظ على التراث الشعبي الذي تتميز به محافظة إربد.
وأضاف أن متحف “بيادرنا” يعتبر من المتاحف الغنية بمقتنياتها التي تمثل سجلا للذاكرة الشعبية والريفية، إلى جانب خصوصيته في وجوده ضمن مبنى تراثي، ما يشكل المتحف دعما للمحافظة عليه، والذي سيجري التنسيق بشأن تأمين تمويل استكمال تجهيز مرافقه لتوسعة المتحف حتى يضم مزيدا من المقتنيات التراثية.
وأكد الزغول، توجه المديرية لتسويق المتحف بالتعاون مع الجهات المعنية مثل وزارتي السياحة والتربية والتعليم، وتشجيع الزيارات إليه، لافتا إلى مبادرة المديرية لإشراك المتحف في معارض التراث التي تنظمها خلال شهر رمضان الفضيل.
