كتب: إيهاب مجاهد عكس مقترح طرحته نقابات مهنية على الحكومة خلال اجتماعها الاخير برئيس الوزراء، يتضمن دمج صناديق تقاعد النقابات بصندوق الضمان الاجتماعي، مدى قلق النقابات او عدد منها على مستقبل صناديقها.
المقترح لم يصدر عن احدى النقابات التي تعاني صناديقها من عدم قدرتها على دفع رواتب متقاعديها، او من عدم توفر السيولة اللازمة لذلك، بل من نقابة يعتبر صندوقها من الصناديق المستقره ماليا، الا ان مخاوف عدم استمرار هذا الاستقرار المالي الذي تشهده معظم النقابات المهنية، كان الدافع وراء هذا المقترح.
ورغم ان الحكومة لم تتبن او ترفض المقترح، واكتفت بتشكيل لجنة لدراسة الدمج، الا ان البعض يرى بان المقترح ولد ميتا، وان تشكيل اللجنة ما هو الا رد دبلوماسي على مطالب النقابات والذي سبق ان رفضه الضمان الاجتماعي لوجود فارق كبير في الاقساط التي يدفعها منتسبو صناديق النقابات مقارنة بالاقساط التي يدفعها مشتركو الضمان الاجتماعي.
وكانت ازمة «الكورونا» قد ضغطت على اوجاع بعض صناديق النقابات المهنية، ورفعت من انينها، وادخلتها العناية المركزة، ولم ينعشها سوى قروض اوامر الدفاع التي مكنت بعضها من دفع رواتب متقاعديها او جزء منها.
ورغم تفاوت تأثير أزمة «كورونا» على صناديق النقابات، إلا أنها وحدت مخاوفها من تبعاتها المستقبلية، اما الصناديق المرهقة اصلا فتحتاج لأكثر من الترياق، ولربما لتعويذة أو اكسير يعيد لها شبابها الذي كان يمكنها من دفع رواتب منتسبيها المتقاعدين الذين ما ان شاخوا حتى شاخت معهم صناديقهم وجلسوا جنبا إلى جنب يتبادلون النظرات.
لكن النظرة المتشائمة لواقع صناديق النقابات لا تنطبق على جميع الصناديق، فبعضها لا يزال يحافظ على عافيته، بعد ان ساعدها الحظ احيانا والحرص الزائد احيانا اخرى على تجنب الوقوع في الحفر التي وقعت فيها بعض الصناديق التي لم تعد قادرة على دفع الرواتب التقاعدية، والتي تأثرت بعدم توفر السيولة قبل أن تأتي الكورونا على ما تبقى من المقترحات التي وضعت لإخراجها من ازمتها، ومن بينها صندوق الأطباء الذي يقف عاجزا عن دفع الرواتب التقاعدية.
ومع تراجع إيرادات تلك الصناديق التي تعتمد بالدرجة الأولى على اشتراكات منتسبيها، وخاصة بعد تراجع عوائد استثماراتها، وجدت العديد من النقابات المهنية نفسها عاجزة عن دفع كامل الرواتب التقاعدية من إيراداتها الشهرية، ولجأت بعض النقابات، لدفع نصف الراتب التقاعدي، وسعى بعضها للحصول على قروض بنكية لسد العجز الذي أصاب سيولتها نتيجة لتراجع تسديد منتسبيها لاقساطهم التقاعدية بنسب كبيرة.
ولم تكن «الكورونا» في حسابات الدارسين الاكتواريين لصناديق التقاعد، وخاصة أن بعض النقابات ومنها «المهندسين» وضعت تعديلات على نظام تقاعدها بناء على دراسة اكتوارية بهدف تعزيز الوضع المالي للصندوق، إلا أن آثار الأزمة فاقت التوقعات.
وباتت معظم النقابات المهنية مقتنعة أن إيرادات صناديقها بعد الأزمة لن تكون كما كانت قبلها، وخاصة مع اتساع شريحة المهنيين غير القادرين على الالتزام بسداد اقساطهم التقاعدية، أو المتشائمين بمستقبل بعض تلك الصناديق.
كما غيرت الأزمة من أولويات النقابات المهنية، اذ تقدم عبء الرواتب التقاعدية، وتأمين الحياة الكريمة لمنتسبي النقابات، ومساعدتهم على تجاوز تبعات الازمة، على الاستعداد لانتخابات والتي كانت ولا زالت تنتظر سبع نقابات مهنية (المحامين والصيادلة والصحفيين والجيولوجيين والأطباء البيطريين والفنانين والاطباء).