محمد الملكاوي
رِفقة السلاح هي أعلى مراتب الجُندية في قواتنا المسلحة الأردنية، لأنها تعني أن الجميع مهما كانت الرُتب التي يحملونها هم (جُنود) لحماية الوطن والدفاع عنه (ظهراً بظهر وكتفاً بكتف)، لهذا لم يكن على ملك الجنُدية الملك عبدالله الثاني إلا أن يستذكر رِفاق السلاح خاصة الرِفاق الأوائل الذي شاركوا في الجيش بين فترة وأخرى، ويزورهم في بيوتهم أو يقابلهم في الديوان الملكي العامر، أو يلتقيهم في لقاءات عامة أو خاصة، وذلك تكريماً لخدماتهم الجليلة في القوات المسلحة الأردنية.
وعندما حط موكب جلالة الملك أمام منزل الجنرال محمد يوسف الملكاوي، كان يهدف جلالته من ذلك إلى إرسالة رسالة لكل بواسل الجيش الأردني بأن (الجندية) هي ركن رئيسي من أركان الوطن، وأنهم خط الدفاع الأول عن حدود المملكة من الخارج والداخل، وأن الجندي الذي يقف بشرف وكرامة للدفاع عن السياج الوطني يحمي كل أسرة أردنية، ويدافع عن كل إنجاز أردني، لا بل إنه يبني أمن وسلام واستقرار مستقبل الوطن، وأحلام أطفاله.
وجلالته يعرف الباشا الملكاوي جيداً ومن على قُرب، جندياً حكيماً وصلباً وشرساً وحليماً في ذات الوقت في الجيش الأردني، وخاصة في القوات الخاصة والعمليات الخاصة والمنطقة العسكرية الجنوبية ومفتشاً عاماً ثم رئيساً لهيئة أركان القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، فهو لا يبتسم في الجندية إلا إذا كان للابتسامة معنى في قاموس جنديته، ولا يغضب إلا لأجل الوطن والقيادة، أو انتصاراً ونُصرة لكل جندي أردني تلفح الشمس الحارقة جبهته وسواعده صيفاً، أو تلامس البرودة أعماق عظامه شتاءً وهو يقف في وظيفته شاخصاً كأسدٍ كاسر حتى لا يسمح لعدوٍ أو إرهابي أو مهرّبٍ أو متآمر أو أبله أو أحمق أن يجتاز حدود الوطن. (لأن هذا ما تعلمه كجنرال وقائد عسكري فذٍ في مدرسة الهواشم).
والجنرال الملكاوي هو ابن فلاح بسيط بأحلامه ولكن عظيم بأفكاره وطموحاته، انتقل كغيره من الشباب من بلدة ملكا في أقصى شمال المملكة، (الجارة القريبة من نهر اليرموك وشمال فلسطين والجولان وسوريا) إلى إربد مشياً على الأقدام وفي طريق ترابي طويل جداً لينضم كغيره من الشباب إلى صفوف بواسل الجيش العربي حتى يدافع عن الأردن، وكذلك حتى يدافع عن فلسطين وعن المسجد الأقصى، وأن يكون جاهزاً للدفاع عن ثرى الأمة عندما ينادي المنادي.
فكان له ما أراد في أحلامه … أحلام ذاك الشاب الملكاوي الفلاح الذي يتقد طموحاً وعنفواناً، ويحمل في قلبه صلابة الملكاوي المُحارب والأردني الشهم، فقد دافع بشرف الجندي عن وطنه الأردن مثلما دافع عن ثرى فلسطين وعن المسجد الأقصى الذي لا يزال يتعطر حتى اليوم بعبق رائحة شهداء الجيش الأردني الذين دافعوا عنه ببسالة وقضوا شهداء في أكرم مَواطِن وأماكن الشهادة. وكانت أيضاً روحه جاهزة للشهادة ككل الجنود الأردنيين ومعهم الأردنيين الغيارى دفاعاً عن أرض الوطن في معركة الكرامة الخالدة.
وجلالة الملك عبدالله الثاني يؤمن بأن الجندي الأردني لا يتقاعد في عقله وفي قلبه وروحه ووجدانه، لأنه سيبقى جندياً جاهزاً وعلى أهبة الاستعداد لتبلية نداء الوطن للدفاع عن الأردن، ولا يستلزم الأمر من كل متقاعد عسكري إلا أن يتوضأ ويصلي ركعتين لله تعالى ثم يلتحق بحضنه الأبدي الدافئ في (القوات المسلحة الأردنية)، ويقبّل سلاحه باعتزاز، لأن فيه كرامة الوطن وعزته وفخره وفخاره.
لهذا كانت زيارة جلالة الملك لمنزل الجنرال الملكاوي (أبو رأفت) هي زيارة رفيقُ سلاحٍ لرفيق سلاحٍ قبل كل شئٍ، واطمئنانُ ملكٍ هاشمي نبيل على أحد قادة القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، وبَركةٍ ملكية هاشمية لبيتٍ أردني مجبول على الوفاء للوطن والولاء والطاعة للقيادة الهاشمية، التي يرفع لواءها سِبط من أسباط بني هاشم، وعميد آل البيت الأشراف والأطهار الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
هذا هو عهد الهاشميين الدائم، وهذا هو سيدنا (أبو الحسين) يحمل شؤون وشجون الوطن والأمة إلى زعماء وقادة العالم ويدافع عنها بحكمته وحنكته السياسية، وفي ذاته الوقت يدير شؤون دولة عدد أفراد أسرته فيها الآن يربو على (10) ملايين إنسان، حتى يعيش الإنسان الأردني وكل من هو على أرضها من الأشقاء والأصدقاء بعزة وكرامة، ويزور بيتاً أردنياً لعائلة تحتاج إلى لمسة عطفٍ وحنانٍ هاشمية في قرية نائية أو على طرف بادية بعيد جداً أو في مخيم، وعندما يحتاج إلى راحة عقل وقلب وفِكر يُسرع الخُطى إلى بيتٍ أردني ليرتاح فيه بين أبناء وبنات شعبه.
هذه هي جندية الملك، وهذا هو ملك الجندية، الذي أراد بزيارته إلى بيت الجنرال محمد يوسف الملكاوي أن يقول بهدوء وعلى وقع زغاريد ملكاوية بسيطة ومتواضعة جداً بأنه تعب كثيراً من السياسة والاقتصاد وأنه يرتاح كثيراً في بيوتِ رِفاق السلاح العسكر.