نظمت كلية القانون وضمن سلسلة ندواتها، ندوة حول القانون الجنائي، بعنوان ” تعديلات قانون العقوبات2022 تحت الضوء”، شارك فيها مجموعة من القضاة العاملين والمتقاعدين والمحامين والاكاديميين المتخصصين في القانون الجنائي.
وقال نائب عام إربد القاضي ناصر طراد القاضي، ورقة حملت عنوان “الجرائم التي تستلزم شكوى لتحريك الدعوى الجزائية في ضوء تعديلات قانون العقوبات 2022″، استعرض فيها جميع الجرائم التي لا تحرك فيها الدعوى الجزائية إلا بشكوى من المجني عليه كما جاءت في المادة (52) من قانون العقوبات.
وأشار إلى الجرائم التي تسقط الدعوى الجزائية والعقوبات المحكوم بها بشأنها اسقاط الحق الشخصي كما جاءت في المادة(52)، مؤكدا أن تعديلات قانون العقوبات2022 على المادة (52) لم تأتِ بجديد بشأن الجرائم التي لا تحرك فيها الدعوى الجزائية إلا بشكوى من المجني عليه.
ولفت القاضي إلى أن الجديد في هذه المادة هو التوسع في الجرائم التي تسقط الدعوى الجزائية بإسقاط الحق الشخصي، مشيرا إلى أن السبب في هذا التوسع هو التخفيف من أعداد المحكوم عليهم في مراكز الاصلاح والتأهيل.
و قال المحامي والقاضي المتقاعد حسين الحراحشة، إن المشرع الأردني وفي تعديلاته الأخيرة على قانون العقوبات، شدد العقوبات على الجرائم الواقعة على الأشخاص، وخاصة مكرري ومعتادي الجرائم أو ما يسمى جماعات الأتاوات، الذين يعيثوا فساداً في المجتمع والاعتداء على أمن المجتمع واستقراره والاعتداء على طمأنينة الأشخاص وتهديد السلم الأهلي.
وأضاف أن هذا التشديد جاء بنص المادة (٤١٥ مكررة) من قانون العقوبات، بأن تصاعد في عقوبة هؤلاء الأشخاص الذين يهددوا استقرار المجتمع والأشخاص من عقوبة الحبس إلى الاعدام في حال أن نتج عن أفعال هذه الفئة المنحرفة قطع أو استئصال او تشويه أو بتر لجسم المجني عليه، وهنا تفرض العقوبة ذاتها على المحرض والمتدخل .
وفي الجرائم الواقعة على الأموال، أكد الحراحشة على أن قانون العقوبات شدد العقوبة على الجرائم الواقعة على الأموال العامة وخاصة الغش في تنفيذ عقود المقاولة أو التوريد أو غيرها من العقود التي تخص الإدارة العامة، وتضمين مرتكب هذا الغش قيمة الاضرار الذي لحق بالمال العام.
وأشار الحراحشة إلى أن المشرع استحدث العقوبات البديلة في جناية السرقة، أي في حالة الخلع والكسر والتسلق في حالة عدم التكرار إعادة الأموال لصاحبها، وفي الجنح توسع في العقوبات البديلة، بحيث شملت جميع الجرائم في حالة التكرار ودراسة الحالة الاجتماعية للمشتكى عليه.
وتابع أن المشرع توسع في اسقاط الجريمة والعقوبة في كثير من الجرائم الجنحية الواقعة على الأموال الشخصية بنص المادة ٥٢ من قانون العقوبات و المادة ٤٢٧ من قانون العقوبات فيما يتعلق بجريمتي الاحتيال واساءة الائتمان سعيا منه لإعادة الحقوق لأصحابها، وتنفيذا لمبدأ الغاية من العقوبة وهو جبر الضرر على مال المتضرر، أي إعادته لمالكه.
وبين الحراحشة أن لهذه التعديلات آثار ايجابية على المجتمع والأشخاص ومنها تحقيق الفائدة للدولة من الناحية الاقتصادية من حيث وفرت النفقات التي كانت تصرف على النزلاء، وتخفيف الضغط على مراكز الاصلاح والتأهيل وبالتالي على خزينة الدولة، كما وأن لهذه التعديلات أثر ايجابي على بعص الأفراد من مرتكبي الجرائم البسيطة والغير مكررين أي ما يسمى المجرم بالصدفة، وبالتالي اعطائهم الفرصة لتصويب أوضاعهم وعدم امتهانهم للإجرام كمهنة، وأثر ذلك الكبير على الدولة والمجتمع، وبذلك تحققت الغاية من العقوبة وهي الردع الخاص .
وقدم أستاذ القانون الجنائي في كلية القانون بجامعة اليرموك الدكتور عبدالله احجيلة، ورقة بعنوان نظرة نقدية لبعض تعديلات قانون العقوبات 2022 ، أشار فيها إلى أن المادة(25 مكررة) من قانون العقوبات جاءت بثوبها الجديد غامضة، لأنها تثير عدة تساؤلات أبرزها- هل يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها ببدائل العقوبات السالبة للحرية أم يُشترط لزوم تقديم طلب من المحكوم عليه – ومتى تبدأ المدة التي يجب أن تُنفذ خلالها الخدمة المجتمعية من تاريخ الحكم بالعقوبة السالبة للحرية أم من تاريخ الحكم بالبديل ؟.
وأضاف أن الحق العام يبرز في جرائم التزوير أكثر من الحق الشخصي – وبالتالي لماذا يتم في ضوء هذه التعديلات الجديدة اسقاط الدعوى الجزائية في جنح التزوير في الأوراق الخاصة بناءً على اسقاط الحق الشخصي؟.
وبشأن المادة (72) من قانون العقوبات بثوبها الجديد، أكد احجيلة أن صياغتها جاءت ركيكة – لأننا لو دققنا بكلمة فللمحكمة المذكورة في هذه المادة نجد أن سلطة المحكمة جاءت تقديرية في الفقرة (ب) من ذات المادة- أما إذا قرأنا هذه الفقرة بشكلٍ مستقل فصيغتها تفيد بإلزام المحكمة بالأمر بتنفيذ العقوبة الأشد دون سواها، إذا اقترنت جميع الجرائم باسقاط الحق الشخصي.
وأثنى أستاذ القانون الجنائي في كلية القانون في جامعة اليرموك الدكتور عقل مقابلة، الذي أدار الجلسة على ما تناوله المشاركين فيها، مؤكدا على ضرورة اشراك أساتذة الجامعات والقضاة المختصون في مجال القانون الجنائي في لجان أعضاء مجلس النواب أثناء مناقشة المشروع أي مشروع تعديل “القانون الجنائي”، للاستفادة من تخصصاتهم وخبراتهم في مجال القانون الجنائي.