من يخبر حبيب الزيودي عن حوران؟
الشاعر العربي الأردني حبيب الزيودي
على أي جنب يمكن أن يكتب قلم حبيب الزيودي؟ ذاك الشاعر الذي ما ذبل الموت بين يديه، ولم يذبله. ولم يذبل معه حتى الورد في المزهرياتِ، فلا العود انكسر بين يديه، ولا ورده.
ألم ينفخ في فلسطين روحه، فغدت من طينها وطنا. حبيب لم ينم مثلما نام الكثيرون. ولم يمت مثلما مات الكثيرون. وكيف يموت وهذا السناج، يغطي السراج، وهذا الظلام، يغبّر أحداقه بالرماد.
صرخ الحبيب فجأة: دقوا الدفوفْ ليعرف هذي المدينهْ.
لقد عرفها شارعا شارعا، ورصيفا رصيفا، وعرف فيها أبوابها وشوارعها، حتى القصائد غنّاها فغنته من دمها، ولم تخذله السيوف كما خذلت كثيرين.
كأن القرى تركت شالها في العراء، وقصت ضفائرها، منذ ودّعها. كأنه على هودج الحزن طوى الصحراء، شجرة شجرة، وصخرة صخرة، وعندما احتاجت عروقه إلى أن يبللها الرمل صرخ: كأن الكلام انتهى، وكأني هرمت, وأوحش سرداب قلبي، فليس يبلله غيم روحي.
وصرخ مرة اخرى: اتركوني أعود لها, وأصب على رملها فتنتي واتركوني أربي ضفيرتها، وأعيد لها شالها، وأعود، أنفخ فيما تبقى من الجمر في نار أمي.
فجاءه صدى العالوك: لعلك تلقي عنك بعضا من التعب. لعلك تمشي على الرمل. تلك التي لا يستريح منك ولا منها.
في عام 2012م، وقبيل أن يغني انشادته الأخيرة رحل. لكنه لم يرحل هكذا، قبل أن يزرغ في ‘العالوك’ غيمته، وقبل أن يطمئن على ظبائه في حوران.
قبل أربعة سنوات عجاف غاب قمر وراء الجبال الغامضة. رحل قلب شاعر قبل ان تدميه جراح الشام، وحرائق اليمن، وقد كان يظن ان الأمور أخيرا عادت إلى ما يجب أن تكون عليه.
في سيرته الذاتية ستقرأ التالي عن حبيب الزيودي: إنه عمل في التلفزيون الأردني والإذاعة الأردنية ووزارة الثقافة، وعمل مستشاراً ثقافياً لأمين عمان، وإنه أسس أيضا بيت الشعر الأردني عام 1999 كما عمل مديراً له لمدة تسع سنوات، ومساعداً لرئيس الجامعة الأردنية للشؤون الثقافية، وكاتباً في صحف ووكالة عمون.
من يخبر الزيودي أن حوران لم تعد بخير، وأن براميل حقد باتت تطارد أطفالها، وتقصف نساءها، وتغتال رجالها؟