إبراهيم قبيلات يكتب
لا اذكر ان انتخابات نقابة الصحافيين جرت وسط أجواء تكثيف الأزمات من كل صوب كما هي اليوم. ازمات وملاحظات داخلية تتعلق بالصحافيين وطموحاتهم وأحلامهم المسفوكة على أعتاب النقابة، إلى جانب أجواء محلية ساخنة، ومناخات دموية في الاقليم فرضها الدم الفلسطيني، وفوضى طاحنة تجري محاولات ترتيب أوراقها على عجل.
أما من حيث ملاحظات الداخل النقابي، فالمشهد أكثر تعقيداً، ولربما من الصعب فكفكة عقده المتراكمة، وفق اصطفافات منزوعة الدسم النقابي، اختزلت كل شيء في كأس المصلحة الشخصية، ثم أرادت الطيران عالياً على وهم الأحقاد وتجليات الذات المتورمة.
في الحقيقة، المشهد اليوم يختزل الصراع بين من يريد تكريس تجربة خطفت مصائر الصحافيين من جهة، وحفرت عميقاً في إضعاف صوتهم، وتكسير هيبتهم، وهذا كان اسمه بالأمس “التغيير”، وبين أصوات قوية تسعى الى إعادة النقابة _على الاقل_ لسكة كنا نعرفها، كانت النقابة منا ونحن منها .
لا أعرف لم استدعي نموذج ما بعد الحداثوية وما فعلوه الصلعان الجدد في الجسد الأردني من أزمات ارتقت حد الخطيئة فيما كان السيل الهادر ينادي من بعيد بالتغيير وبتصحيح المسار الاقتصادي؟ ربما إنني أهذي .
بعيدا عن تجربة الليبراليين الجدد وما خلفوه من “جرائم” اقتصادية وسياسية بنيوية، المسألة تحتاج الى اعادة فك وتركيب للمشهد النقابي بعيداً عن حالة الاستعطاف والثأر.
ادرك ما تعانيه النقابات المهنية جميعها، لكن السؤال لم لا نكون نحن الصحافيين بوصلة التصحيح.. النقابات عانت وتعاني من سنوات عجاف، طحنت ما تبقى لها من أرصدة متراكمة سابقة حتى لم يبق لها من حظوتها فينا شيئا .
بالطبع، الصحافيون لا يدعون الى التغيير الشامل، فهذا غير متاح سوى ان المطلوب اليوم الرجوع خطوة الى الوراء، والدفع بمسيرة النقابة الى أعمدة التصحيح، فكم سارت عربتها في سياقات خاطئة أوصلتها إلى التهلكة، ثم نهمس مساء ” ألم يكن هذا خيارنا ذات يوم بعد أن توهمنا أنه “التغيير”؟.
تغيير أخذنا إلى رمال طينية “سوداء” ومتحركة . فماذا حدث سوى مراكمة الفشل المدفوع بالرغائبية والذاتية البعيد كل البعد عن مصلحتنا النقابية؟ .
اليوم يحسم الامر، بعد ان يعيد الصحافيون الأشياء إلى سياقاتها المألوفة، ويرمون بحمل ثقيل في سلة المهملات النقابية.
الخيارات اليوم، إما نحو مزيد من الهاوية او استدراك ما يمكن استدراكه والحصول على نفس نقابية نطرق فيها فكرة الاسعاف، نريد أن نطرق طرقاً مفيداً لعل طارقا ما ينقذ النقابات كلها وليس نقابة الصحافيين وحدها مما تراكم عليها من دخن وأتربة.
