بشرى نيروخ- تبدو مهمة تقريب صورة الرسول الكريم بصفته ملهما وقائدا، ضرورة قصوى لطلبة المدارس الذين سيستمعون لكثير من الخطابات بمناسبة المولد النبوي الشريف.
وفي مولد الرسول الكريم، تبدو المدرسة حقلا لزرع قيم النبوة، عبر اضاءات كاشفة على شخصيته العظيمة، ما يستدعي تناولا ابداعيا وفارقا لشخصية الرسول المثال، الذي قاد عملية تحول تاريخية في مسار الامة العربية وجل الامم والشعوب التي دانت بالاسلام.
مديرة مدرسة الحكمة الثانوية التربوية مها الخطيب، تقول ان الأنشطة والاحتفالات المقررة غداً صباحا في المدرسة في الفترة الإذاعية، تتناسب مع مختلف الفئات العمرية بأفكار جديدة تطرح سنوياً، مثل سرد القصص والمسرح وإلقاء الأناشيد بطريقة تربوية مكتملة الجوانب الروحية منها والمعرفية والإدراكية والأخلاقية والتربوية والتعليمية بطريقة هادفة وممتعة ومشوّقة.
أما أستاذة علم النفس والتربية الخاصة في كلية الأميرة عالية الجامعية الدكتورة منى أبو طه، فتقول ان التنشئة الاجتماعية للطفل تبدأ منذ لحظة ولادته ويمكن تعريف التنشئة الاجتماعية بأنها ” تحويل الكائن الحي من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي” فهي عملية تساهم فيها أطراف عديدة بدءاً من الاسرة ثم المدرسة والمجتمع ووسائل الاعلام وغيرها، كما تتأثر بعوامل عديدة أيضا منها اقتصادية وثقافية وفيزيائية وجغرافية ، يكتسب الأطفال من خلالها الضبط الذاتي والحُكم الخلقي أي القيم والمعايير والتمثلات الاجتماعية والدينية والاتجاهات وأنماط السلوك اللازمين لهم حتى يصبحوا أعضاء راشدين مسؤولين في مجتمعهم.
وبينت أن القصة تعتبر من أنجح الوسائل التربوية، ومن الوسائل التربوية المستخدمة لإثراء وتعزيز القيم الدينية لدى الأطفال، وأكثرها تأثيراً وتشويقاً للجميع، و”لدينا حصيلة وفيرة من القصص الإسلامية التربوية الثرية بالقيم والمفاهيم، وبالقصص قد يستعين المربى في غرس أجود القيم، من خلال إظهاره عنصر التشويق والإثارة فيها، ومراعاة التسلسل الزمني لأحداثها”.
أبو طه ترى أنه يجب استغلال المواقف اليومية التي يمر بها الطفل، ولا تجعلها تمر مرور الكرام؛ بل نوظفها في توجيهه بالملاحظة التربوية، وطرح أي أمر في صورة قضية للنقاش المثمر.
وأشارت إلى أن القدوة هي الوسيلة الأكثر اختصاراً وتوفيراً للجهد والوقت، والأكثر عملية للمربي، فغرس القيمة، ليست بالأمر السهل، اذ تقول الحكمة : “ازرع قيمة تحصد سلوكا، ازرع سلوكا تحصد عادة، ازرع عادة تحصد شخصية، ازرع شخصية تحصد مصيراً طيباً”، مؤكدة على أهمية تحدث الاسرة والمدرسة عن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام لغرس القيم الاخلاقية من خلال القصص ومن خلال التأكيد على النموذج والقدوة في حياتهم .
الخبير التربوي شفيق علقم، بين أهمية غرس القيم التربوية في السيرة النبوية لنجني الأخلاق الإسلامية، إذ أن على المعلم استخراج القيم من السنن النبوية ثم تعريف الطلبة بالقيمة المقصودة وتبرزها القيم من خلال المضمون والأهداف التعليمية، كقيمة التسامح ويعرّف الطلبة بها ويتم تعليمهم وتدريبهم على ممارسة القيمة وترسيخها في وجدانهم ليتبنوها بقناعة، مع التركيز على ابتكارات الطلبة لتحقيق المتعة في هذا، ثم بإمكان المعلم قياس أثر السلوك والقيم وممارستها وتدريب الأهل على قياسها، فهل يمارس الطالب مثلا قيمة الصدق في البيت أم لا.
عميد كلية الشريعة السابق وأستاذ الفقه وأصوله في جامعة مؤتة الدكتور خالد علي بني أحمد، قال إن احتفالات الامة بالمولد النبوي استحضار عياني للدور الكبير الذي نهض به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الوجود، فمولده نقطة تحول وتبدّل وتغيّرعلى مستوى الإنسانية، ليحرر الإنسان من القيود والخنوع لغير الله، فالاحتفال بمولده واحدة من الأمور التي نعبر بها عن حبنا لرسول الله، وعن الامتنان له، فرسولنا بذل وأدى رسالة وهداية، وعلينا تذكير النشء برسول الله وسيرته وفضائله.
أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور بسام العموش بين أن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم الأيام فبولادته ولدت أمة وحضارة وحضرت المبادئ التي ترتقي بالإنسان.
وقال أن اسم (محمد ) هو الاسم الأكثر انتشارا في العالم، بسبب المبادئ التي نادى بها من حرية وعدالة ومساواة وحق وقوة وتسامح وكرم واقتصاد وسياسة حكيمة وتجارة نظيفة، إذ تناول الاسلام الذي دعا اليه النبي السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق، وطلب من أتباعه العزة ودعاهم الى العفو والصفح والقوة دون بطش أو اعتداء.
وأضاف أنه لتلك المبادئ نحتفل ولهذه الأخلاق ندعو، فالعالم اليوم في أمس الحاجة لدين محمد، فهو الطريق إلى الفهم ووحدة الصف وغرس المبادئ في البيت والمدرسة والمسجد والجامعة ومختلف الدوائر والمؤسسات.