استقبلت نقابة المعلمين الاردنين العام الدراسي الحالي بأعلانها الاضراب عن العمل والطلب من المعلمين الامتناع عن اعطاء الحصص الدراسية للطلبة في سعيها للحصول على علاوة الخمسين في المائة التي تطالب بها . وقد استقبل المجتمع الاردني هذا الامر بأنقسام حاد بين مكوناته . ففيما عارضه البعض لما رآى فيه من تعطيل للعملية التعليمية ومدى تأثيره على الطلبة وذويهم والذين وقعوا ضحية الخلاف ما بين الحكومة والنقابة على العلاوة . فيما رأي البعض منهم ان هذا الاجراء هو عملية استقواء على الدولة من قبل النقابة وخاصة بعدما تبين عدم صحة ادعاءها بأنه تمت الموافقة على العلاوة من قبل وزارة التربية والتعليم منذ خمس سنوات الامر الذي ثبت عدم صحته وبألوثائق . والبعض رأى ان النقابة تعمل على خطف الشارع لصالح جماعة الاخوان المسلمين وجبهة العمل الاسلامي . فيما ذهبت مجموعة اخرى وهم كثر الى الوقوف الى جانب مطالب النقابة . وتضم هذه المجموعة المعلمين وذويهم واقاربهم والمتعاطفين معهم ومع مطالبهم . كما تضم اعضاء ومناصري حركة الاخوان المسلمين وجبهة العمل الاسلامي كون مجلس النقابة هو الاقرب اليهم رغم انهما لم يُظهرا هذا الدعم بشكل مباشر ولم يكن لهما دوراً علنياً بهذه الازمة كما ان حركة الاخوان المسلمين اصدرت بيانا مؤخرا تدعم مطالب المعلمين ولكنها نفت ان يكون لها دوراً فيما قامت به النقابتة وقراراتها ودعت في بيانها الى حواراً جاداً ما بين النقابة والحكومة . كما تضم هذه المجموعة الحراكيين ودعاة محاربة الفساد والمعارضين للحكومة والمطالبين برحيلها لأنهم بطبيعتهم يدعمون المطالب الشعبية ولأنهم يرون ان ذلك يسارع في رحيلها دون مراعاة الثمن الذي يمكن ان يتم دفعه في سبيل تحقيق ذلك . فيما وقفت مجموعة أخرى من المواطنين موقفاً متوازناً داعين الى حل الازمة ما بين الحكومة والنقابة بالحوار وان يتم التوصل الى حل وسط يسرع عودة الطلبة الى مقاعد الدراسة . الا ان المنحنى الذي سارت عليه هذه الازمة لم يكن يبشر بالخير ففي الوقت الذي اصرت فيه النقابة على حصولها على العلاوة وزادت عليها الطلب بأن تتقدم الحكومة بأعتذار علني لها وللمعلمين على التصرف الذي تم معهم يوم الاعتصام من قبل الاجهزة الامنية وتحميل وزير الداخلية مسؤولية ذلك والمطالبة باستقالته ، فقد اصرت الحكومة على عدم اقرارها بالموافقة المسبقة على العلاوة وانها كانت قد رفضتها على عهد المجلس الثاني للنقابة واصرارها على تنفيذ مذكرة التفاهم التي جرت مابينها والمجلس الثالث للنقابة في نهاية العام الماضي والتي ورد فيها ان مجلس نقابة المعلمين وافق على اعتماد العلاوة الفنية الواردة في المادة ١٨ من مشروع نظام مزاولة المهن التعليمية والمسار المهني والذي يربط العلاوة الفنية بجودة العملية التعليمية والمسار الوظيفي للمعلم . وبتقييم اداء المعلم اعتماداً على برامج تدريبة ودورات وابحاث وشهادات علمية من بكالوريس الى ماجستير الى دكتوراه وربط العلاوات وقيمتها بهذه المعايير . واعتبار التعليم مهنة وليس وظيفة ( وسأعود للتحدث عن هذه النقاط فيما بعد ) ومن ناحية اخرى كانت نقابة المعلمين تصر على طلبها بالحصول على علاوة الخمسين في المائة غير ناقصة وغير مجزوءة وكان كلا الطرفين يدعوان الى الحوار ويدعيان استعدادهما للجلوس على طاولة المفاوضات ، وعندما كان يعقد الحوار كانت وزارة التربية والتعليم ترفض بحث موضوع العلاوة وتعلن استعدادها لمناقشة مذكرة التفاهم الني وقعت مع مجلس النقابة السابق وتطلب من المجلس الحالي طرح اقتراحاته على هذه المذكرة وافكاره لتحسين مخرجاتها بما يحقق مصلحة المعلم ويزيد من دخله . فيما كانت النقابة في جلسات الحوار هذه تصر على تحقيق العلاوة كما تطلبها واقرارها فوراً قبل مناقشة اية تعديلات على مذكرة التفاهم المشار اليها . وكانت دوماً جلسات الحوار تنتهي من حيث بدأت ولكن مع زيادة مقدار التخندق في المواقف . وللحقيقة ورغم تعنت وزارة التربية والتعليم بموقفها هذا فأنها لم تصدر اي بيانات تسيئ للنقابة واعضائها وان كانت ومنذ اليوم الاول تلوح وتهدد بالحلول القضائية في اشارة الى طلب حل مجلس النقابة اذا لزم الامر ، كما انها في الايام الاخيرة اشيع عنها انها بصدد قبول اي طلب استقالة يتقدم بها المعلمين والذين يبدوا انهم لجؤوا الى تقديم مثل هذه الطلبات للضغط على الوزارة وارغامها على الاستجابة لطلباتهم . علماً ان الاحالات على التقاعد التي اصدرتها الوزارة مؤخراً كانت مبرمجة من السابق وبناء على طلب المعنين بها لكي يستفيدوا من الامتيازات التي قدمت لموظفي القطاع العام ذوي الخدمات الطويلة ولم يبلغوا سن التقاعد . اما من ناحية النقابة فقد لجأ نائب نقيبها ناصر النواصره الى اصدار مجموعة من التصريحات والبيانات النارية واعلان اصرار النقابة على الاستمرار في الاضراب مهما طال الوقت وحتى تتحقق مطالبهم . وقام بنشاطات واتصالات واجتماعات مع الكثير من الاشخاص والجهات الداعمة لموقفه وحاول كسب اعداداً اخرى الى جانب النقابة مصعدا لهجته وحدة خطابه ضد وزارة التربية ووزير الداخلية مستخدماً عبارات واشارات التهديد وان الموت هو ما يمكن ان يقف دون تحقيق مطالبهم . وكان يعلن انه على استعداد للحوار بكل وقت ومن غير شروط مسبقة ولكنه وبنفس الوقت كان يعلن ان لا تنازل عن العلاوة كاملة وفوراً وغير منقوصة او مجزوئة ، وانه لا بد من الإعتذار للمعلمين ولا ادري بعد ذلك عن اي حوار يتحدث والذي من المفترض ان يجري بين الطرفين ، تقدم فيه وزارة التربية تنازلاً بموضوع رفضها للعلاوة ، وتقدم النقابة فيه تنازلا بقيمة العلاوة وموعد استحقاقها وطريقة دفعها . وقد ساهم الشحن الذي يمارسه نائب النقيب ناصر النواصره الى زيادة الشحن لدى المعلمين وانعكس ذلك على صورة بعض المشاحنات التي كانت تجري بينهم وبين بعض وسائل الاعلام التي كانت تغطي احداث الاضراب بالمدارس ، ومن ذلك هذا القسم والذي سمي قسم الاضراب والذي ردده المعلمون في بعض المدارس مع انكار النقابة علاقتها بهدا القسم ومن مظاهر هذا الشحن المسيرات والاعتصامات التي قام بها المعلمين في مدينة السلط قبل ايام وفي اربد مؤخراً ، وارتفاع سقوف مطالب المشاركين فيها لتصل الى مرحلة المطالبة باستقالة حكومة الرزار والهتاف بأسقاطها . وعلى اثر اشارات ايجابية من نائب النقيب ارسل دولة الرئيس كتاباً للنقابة يشيد بهذه الاشارات ويعلن استعداد الحكومة للحوار مع النقابة فوراً . ولكن وقبل مرور اربع دقائق فقط على نشر كتاب الرئيس كانت النقابة قد اعدت الرد ووقعته واعلنته والذي يتضمن اتهام دولة الرئيس بالمرواغة بهذا الطلب . ولكن وفي وقت لاحق اعلن نائب النقيب استعداده للذهاب الى وزارة التربية والتعليم في اليوم التالي والمشاركة في الحوار والذي عندما عقد تمترس كل طرف بمواقفه السابقة مما ادى الى فشل جلسة الحوار هذه في الوصول الى اي اتفاق ومما اشار الى ان موافقة النواصره على الحوار ليس الا تكتيكاً منه يلقي به الكرة بملعب الحكومة . ثم كانت السقطة الكبرى لنائب النقيب الدكتور ناصر النواصره من خلال دعوته للقوات المسلحة الاردنية والاجهزة الامنية على مختلف تشكيلاتها لمشاركة نقابة المعلمين باسقاط حكومة الرزاز حاشراً هذه الاجهزة في صراعه مع الحكومة ومطالباً لها بعصيان الاوامر والتمرد على الحكومة والذي لا يمكن تفسيره الا انه يطلب منها التخلي عن واجباتها بحماية امن المواطن والوطن والقيام بأنقلاب عسكري في سبيل حصوله على العلاوة التي يسعى للحصول عليها ، وان حاول ان يغلف هذا الامر بأنه وقوفاً منه الى جانب جلالة الملك متجاهلاً ان جلالته يستطيع وعندما يرى ان تغيير الحكومة امراً مناسباً ان يقوم بذلك بقراراً منه دون تدخل النقابة ولا القوات المسلحة والاجهزة الامنية . وها هو الاضراب لا يزال مستمراً منذ عشرة ايام ولا توجد في الافق بوادر لإنهائه . وها هم طلبة مدارسنا الحكومية والتي تضم في الاغلب ابناء الطبقات المتوسطة وما دون ومن بينهم ابناء المعلمين المضربين انفسهم محرومين من تلقي العلم بمن فيهم طلبة التوجيهى وهم هائمين على وجوههم في الشوارع وهذا الامر يضع على كاهل وزارة التربية والتعليم وعلى كاهل نقابة المعلمين مسؤولية انهاء هذه المهزلة الآن وليس بعد لحظات والعمل على عودة الطلبة لصفوفهم بأعتبار ذلك اولوية قصوى وحتى لا يسبقهم في تحصيل العلم طلبة المدارس الخاصة وطلبة مدارس اللاجئين وحتى لو كان عن طريق التفاهم على حلول قد يكون طعمها مراً كل العلقم على الطرفين . وسوف اتحدث عن تصوري لما يمكن التفاهم عليه في وقت لاحق