قال نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور جعفر حسان، إن خطط الحكومة المالية والاقتصادية تهدف إلى ضبط الدين العام وتحقيق الاستقرار المالي، وتحفيز النمو الاقتصادي في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني بسبب ظروف الإقليم وما تشهده المنطقة من أزمات.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدها منتدى الاستراتيجيات الأردني برعاية بنك ستاندرد تشارترد وشركة كيمابكو وشركة سمنترا، تحت عنوان “السياسات الاقتصادية والمالية وأثرها على تحفيز الاقتصاد الأردني”، بمشاركة وزير المالية عمر ملحس، وحضور عدد من أعضاء الفريق الاقتصادي الحكومي وأعضاء المنتدى من شركات القطاع الخاص.
وقال حسان إنه لا يمكن الاستمرار في المزيد من الاستدانة ومضاعفة تكاليف المديونية لتحفيز النمو، لأن خدمة الدين العام أصبحت مرتفعة جدا واللجوء للمزيد من الدين سيؤدي لزيادة الأعباء في الموازنة خلال السنوات المقبلة، وستكون على حساب نفقات أساسية وتنموية.
وأكد أنه ولتحفيز القطاعات الانتاجية ودعمها، يجب العمل على هيكلة سوق العمل وتوفير الكوادر المؤهلة، بالإضافة إلى النظر في استراتيجية الطاقة لدعم القطاعات الانتاجية، ومراجعة الاجراءات الحكومية بهدف تسهيلها لتحسين بيئة الأعمال.
وأشار حسان إلى أن الهدف من برنامج تحفيز النمو الاقتصادي هو ضمان وجود أهداف وبرامج واضحة يعمل الفريق الحكومي بشكل موحد على تحقيقها وتنفيذها، مشددا على أهمية تعزيز المساءلة والشفافية فيما يتعلق بالالتزام بتنفيذ المشروعات الواردة في الخطة.
وأوضح أن جميع البرامج الواردة في خطة تحفيز النمو الاقتصادي تُراجع بشكل شهري لإعادة التقييم والمتابعة، مضيفاً أن الهدف الرئيس والعام هو الوصول إلى نسبة نمو اقتصادي تعادل 5 بالمئة في نهاية عام 2022.
وفي هذا السياق، قال: إذا أردنا النظر إلى مسألة تحفيز النمو، فيجب أن نأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي، مثل تكاليف الطاقة وهيكلية سوق العمل وكلف التمويل بالإضافة لتكاليف المعاملات الإدارية والإجراءات الحكومية والتشريعات الاقتصادية المختلفة.
وشدد حسان على أن الحكومة حريصة على دعم مختلف القطاعات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، مؤكدا أن العمل يجري حاليا لدراسة سبل التخفيف من تكاليف الطاقة على القطاعات الانتاجية لتعزيز تنافسيتها.
وفيما يتعلق بالإصلاح الضريبي، أكد الدكتور حسان ان من الضروري العمل على إصلاح قانون ضريبة الدخل بما يساعد على تحسين كفاءة التحصيل والحد من التهرب الضريبي، وأن الهدف من التشريع هو تحسين كفاءة التحصيل والحد من التهرب الضريبي الذي يأتي من الشركة والمواطن الملتزم ويؤثر على ايرادات الحكومة، مؤكدا مبدأ التزام العدالة في إعداد مسودة القانون الجديد والحوار مع مختلف القطاعات.
واكد وزير المالية ضرورة وجود سياسة مالية مستقرة تقود لتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المستوى الكلي وبالتالي دفع عجلة النمو الاقتصادي، وان الحكومة تعمل مع صندوق النقد الدولي على اصلاح المالية العامة للوصول إلى مرحلة “نتخلص بها من العجز في الموازنة العامة”.
وفيما يتعلق ببرنامج الإصلاح المالي الذي تجريه الحكومة، أشار إلى أن الحكومة تعمل حاليا على تأسيس وحدة لإدارة الاستثمارات الحكومية، تكون وظيفتها العمل على رفع كفاءة وانتاجية الانفاق الرأسمالي الحكومي، وإعادة النظر في المشروعات الرأسمالية للوزارات كافة.
وشدد ملحس على ضرورة إعادة النظر في هيكل الإيرادات الضريبية في الأردن، وضرورة تجنب الاعتماد الكلي على ضريبة المبيعات والتي تشكل نحو 70 بالمئة من الإيرادات الضريبية التي تحققها الحكومة، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل حاليا على تحديث النظام الضريبي في الأردن، وجعله أكثر عدالة وشمولا.
وقال ملحس إن الحكومة تعمل على تفعيل استخدام التكنولوجيا في النظام الضريبي وتطوير وتحسين إجراءات العمل فيه والتخلص من التعقيدات والإجراءات الحكومية الضريبية غير المبررة.
وأكد أن أهم مواطن الخلل التي يواجهها النظام الضريبي في الأردن، هي مسألة عبء اثبات الدخل؛ حيث أن عبء الاثبات حاليا يقع على عاتق المكلف ضريبيا وليس دائرة الضريبة، “وهو غير مطبق بالصورة الصحيحة، ويجب أن يكون عبء الاثبات على دائرة ضريبة الدخل وليس على المكلف”.
وشدد على ضرورة العمل بجدية على محاربة التهرب الضريبي، مشيرا إلى أن محاربة التهرب الضريبي تكمن في تغليظ العقوبات على المتهربين ضريبيا، لأن العقوبات الحالية غير رادعة.
وقال إن من الضروري العمل على رفع كفاءة التحصيل، ورفع نسب التحصيل للمستويات العالمية من خلال توسيع قاعدة المكلفين ضريبيا والوصول إلى أكبر عدد منهم من خلال ادخال الأنشطة الاقتصادية التي تعمل في الظل أو في الاقتصاد غير الرسمي ضمن المنظومة الضريبية.
وعن قانون الضريبة، أكد ملحس ضرورة العمل على تحقيق الاستقرار والثبات في التشريعات الضريبية، وضرورة سن قانون ضريبة دخل يمكن أن يدوم لمدة طويلة تحت التطبيق دون حاجة للتعديل، لتحقيق الاستقرار في تحصيل الإيرادات وعدم ارهاق الناس والقطاعات الاقتصادية بالتغيرات المستمرة، كما أن الثبات في التشريعات الضريبية يساعد على تقليل المخاطرة وجذب الاستثمارات.
ودعا رئيس مجلس ادارة منتدى الاستراتيجيات الأردني عبد الاله الخطيب، الذي أدار الجلسة، الحكومة وأصحاب العلاقة بالشأن الاقتصادي للانخراط في حوار وطني شامل وفاعل يضم مكونات النسيج الاقتصادي الأردني.
وأشار إلى أن هذه الجلسة تأتي ضمن الجهود التي يبذلها المنتدى لتعزيز التواصل مع الحكومة، وتفعيل الحوار بين القطاعين العام والخاص في سبيل رسم السياسات التي تقود لاقتصاد أردني متقدم ومزدهر.
وقدمت المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني المهندسة هالة زواتي خلال الجلسة ملخصا عن الدراسة التي أصدرها المنتدى أخيرا بعنوان (قانون ضريبة الدخل: الحاجة لرؤية جديدة)، مبينة أن رؤية المنتدى فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والمالية؛ هي وجود سياسة اقتصادية تؤدي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المستوى الكلي من كافة النواحي.
وشددت على ضرورة تبني سياسة مالية مواجهة للدورة الاقتصادية تعزز الاستثمارات الرأسمالية الحكومية والارتقاء بالخدمات العامة، لما لذلك من أثر على دفع عجلة النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات للاقتصاد الوطني.
وفي سياق الخدمات العامة والسياسة المالية والنظام الضريبي في الأردن، أشارت الى إن غياب الخدمات العامة وتراجعها والتقلبات المستمرة في النظام الضريبي والضرائب والاعفاءات المختلفة أدت لإشعار المواطن بأنه يدفع ضرائب أكثر مما يدفع بالفعل على أرض الواقع.
وقالت ان النظام الضريبي يجب أن يكون شاملا وعادلا وشفافا ويحارب التهرب الضريبي، خصوصا في القطاع المهني، ويحقق النمو الاقتصادي، ولرفع الإيرادات الضريبية، يجب تنويع هيكل الإيرادات الضريبية بما يخفف من الاعتماد على ضريبة المبيعات وزيادة الإيرادات الضريبية من القطاعات الأخرى، وأن ما نحتاج إليه في الأردن هو كفاءة في الانفاق ورفع إنتاجية وكفاءة الانفاق الرأسمالي الحكومي، وضرورة وجود إيرادات حكومية كافية سواءً أكانت ضريبية أم غير ضريبية.
وطرح عدد من الحضور تساؤلات حول عدد من القضايا المتعلقة بالسياسة المالية في الأردن وقانون ضريبة الدخل المزمع طرحه خلال الشهر المقبل على مجلس النواب وأبرز تحديات الاقتصاد الأردني.