تفاوتت التقديرات حول الإنفاق على العملية الانتخابية في ظل ارتفاع حمى الانتخابات، فقدر خبراء اقتصاديون حجم انفاق المترشحين المتوقع على الانتخابات النيابية للعام الحالي بأكثر من 100 مليون دينار.
وبحسب الخبراء، يشمل انفاق الحملات الانتخابية الإنفاق على وسائل الاعلام والمطاعم وقطاع الاتصالات، ووسائل النقل، وبعض القطاعات الاخرى التي تساعد وتدعم العملية الانتخابية.
وبينوا أن إنفاق المترشحين على الانتخابات النيابية يقدر بمتوسط 50000 ألف دينار لكل مترشح، تشمل جميع المصروفات التي تدعم العملية الانتخابية بعدد مترشحين يبلغ نحو 1500 مترشح تقريبا.
الناطق الرسمي لجمعية حماية المستهلك سهم العبادي قال إن غالبية الانفاق يصب في بناء وتشيد المقرات الانتخابية الفارهة، وخصوصا في عمان، والتي تشمل كذلك على الدعاية من صور وضيافات، لافتا إلى أن ذلك حرك عجلة الاقتصاد الأردني بشكل جيد من خلال إنعاش بعض المهن كالخطاطين والمطابع، ومحلات تأجير الصيوانات والكراسي، ومحلات الحلويات والأطعمة.
إلا أنه لم يخف أن الإنفاق أقل بكثير من عمليات الانتخابات السابقة التي أكد أن سببها إحباط الناخبين من العملية الانتخابية، والتي أسهم في بنائها ما خلفته المجالس النيابية السابقة.
من جهته، قدّر الخبير الاقتصادي حسام عايش كلفة الإنفاق على العملية الانتخابية بـ 150 مليون دينار، وأكد أن هذه الكلفة كبيرة جداً.
ولفت إلى أن من ضمنها الإنفاق على ما يسمى بـ’المال السياسي’، أو ‘المال الأسود’، ناهيك عن الإنفاق على الدعاية الانتخابية من لافتات ودعايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والإنفاق على متطلبات مختلفة كالمقرات الانتخابية وغيرها.
وبين أن هناك ضوابط لهذا الإنفاق كما قرره القانون، إلا أن هناك تجاوزات واضحة؛ إذ تجاوزت نفقات بعض المرشحين نصف مليون دينار، وبعض المرشحين رصد لبرنامجه ولحملته الانتخابية أضعاف هذا المبلغ.
وأضاف: ‘نحن أمام مشهد يصعب على القانون ضبطه’. وأشار عايش في حديثه لـ’السبيل’ إلى أن ‘المشكلة لم ترتق في الكيفية التي نستغل بها هذه المناسبة، لكي نسلط الضوء بشكل واقعي، وليس دعائياً على المشاكل التي ينبغي لمجلس النواب أن يوجه الحكومة لمعالجتها، ولا لكيفية وضع حلول لمواجهة هذه المشاكل، حتى ثقافة الدعاية لم تتغير من حيث مخاطبة العواطف والغرائز، وليس العقول’.
من جهته، أكد نقيب أصحاب المطاعم السابق رائد حمادة لـ’السبيل’ أنه لا يوجد تقديرات واضحة للطلب على المطاعم ومحلات الحلويات؛ لأن المترشحين ما زالوا يفتتحون مقراتهم الانتخابية، وحراك الناس مع الأجواء الانتخابات ضعيف لغاية الآن؛ إذ لا يتجاوز أعداد المتواجدين داخل المقر الانتخابي من خلال المراقبة 30 شخصًا، والذين يعملون مع المرشحين يقومون بإعداد وجبات الطعام بأنفسهم، فلا يوجد لدينا تقدير واضح لاستخدام المرشحين للمطاعم ومحلات الحلويات هذه الأيام.
وأضاف: ‘الناس منشغلة بتجهيزات العام الدراسي الجديد وعيد الأضحى، وقبول أبنائهم في الجامعات، ولم تتفاعل مع موضوع الانتخابات بعد’. ويتوقع حمادة أن يتفاعل الناس مع المقرات الانتخابية وحملات المرشحين بعد العيد.
بدوره، يرى الأستاذ الأكاديمي أنيس الخصاونة أن الإنفاق على الدعاية الانتخابية يحرك عجلة الاقتصاد الأردني المحلي بشكل جزئي، وينعش المحافظات، مبينا أن بعض المترشحين ينفق من لا يخشى فقرا، معبرا عن معارضته الشديدة لموضوع شراء الأصوات الذي يخالف نص القانون.
وقدر مختصون عدد المترشحين في الانتخابات النيابية الماضية بـ1263، مبينين أنه وحسب التقديرات فإن كل مترشح من المتوقع ان ينفق نحو 5 دنانير على كل ناخب في منطقته الانتخابية؛ تتمثل في: كلف النقل، وتقديم الاطعمة والمشروبات والحلويات للناخبين.
ولفتوا إلى ان هناك بعض القطاعات الاقتصادية التي ستتحرك خلال فترة الانتخابات، ومنها الصحف ووسائل الاعلام والمطاعم وقطاع الاتصالات والمطاعم ووسائل النقل، وبعض القطاعات الاخرى التي تتحرك خلال فترة الانتخابات النيابية.
وقدر خبير كلفة انفاق المترشحين على الانتخابات النيابية بـ75 الى 100 مليون دينار تقريبا، بمتوسط نحو 50000 الف دينار لكل مرشح، تشمل الدعايات الانتخابية النقل والاطعمة والحلويات والرسائل الخلوية والبرامج الانتخابية.
من جانب آخر، أقرت الهيئة المستقلة للانتخاب تعليمات بخصوص قواعد الدعاية الانتخابية للقوائم المترشحة في انتخابات مجلس النواب الثامن عشر.
وبموجب هذه التعليمات؛ فإن القوائم الانتخابية معنية بالإفصاح عن موارد تمويل حملاتها الانتخابية. والشق الأول من ضوابط الإنفاق المالي تحدده المادة (14) التي تشير إلى أن السقف الإجمالي للإنفاق على الحملة الانتخابية، إنما يُحدد وفق معايير تتعلق بحجم الدائرة الانتخابية، وعدد الناخبين وتكلفة المعيشة؛ بحيث تلتزم القوائم المترشحة بالسقف المالي، ومقداره (5) دنانير لكل ناخب في دوائر محافظات العاصمة وإربد والزرقاء، و(3) دنانير لكل ناخب في باقي الدوائر.
وهذا يعني أن التحديد الرسمي الدقيق للسقف المالي يتوقف على اعتماد القوائم الانتخابية النهائية؛ لأن سقف الإنفاق للقوائم في دائرة انتخابية هو نتيجة ضرب عدد الناخبين فيها بخمسة دنانير في المحافظات الثلاث الكبيرة بعدد سكانها، وبثلاثة دنانير في باقي المحافظات ودوائر البادية.
بهذا، فإن من المتوقع أن يتجاوز السقف الأعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية للقوائم المترشحة مليون دينار في الزرقاء الأولى، وربما أيضاً في العاصمة الثانية، والعاصمة الخامسة، وإربد الأولى. فيما ستكون العقبة هي صاحبة السقف الأدنى للإنفاق بحوالي 120 ألف دينار للقائمة.
من الواضح أن المعيار المالي المعتمد لسقف الإنفاق قابل للجدل؛ لأن الفرق ليس مبرراً إلى هذه الدرجة، فهو مريح في محافظات العاصمة وإربد والزرقاء، بينما جاء مضغوطاً في باقي المحافظات ودوائر البادية.
ويرجح أنه لو تم استخدام مبلغ ثابت في كل الدوائر الانتخابية من مثل (4) أو (3) دنانير لكان أقرب إلى التوازن.
ومع ذلك يجب أن يكون واضحاً أن هذه الفروق بين الدوائر لا تخل بعدالة الانتخاب؛ لأن ما هو مهم في نهاية المطاف هو أن السقف المالي بالنسبة لجميع القوائم في الدائرة الواحدة هو نفسه.
وبالتالي فرغم وجود أية ملاحظات مشروعة على المعايير المعتمدة لسقف الإنفاق، فالمهم أنه أصبح هناك سقف، وهذا السقف يخضع للرقابة. وعليه فإن هذه التعليمات بحاجة إلى دعم، وإنها بحاجة إلى تطوير في ضوء الممارسة العملية. ولعل من المهم جداً أن يتم النظر لسقف الإنفاق ارتباطاً بالحملة الانتخابية، وضمن المدة القانونية المحددة لها، إذ ليس وظيفة هذا السقف أن يمنع المرشحين المحتملين للانتخابات من التصرف بأموالهم كما يشاؤون خارج نطاق العملية الانتخابية المباشرة.