قد يكون من المبكر قراءة مشهد الصراع على موقع رئاسة مجلس النواب بشكل كامل، بيد أن الأمور تسير باتجاه معركة حامية الوطيس على الموقع، الذي ارتفعت مدة الجلوس على كرسيه من عام إلى عامين.
وقد تكون عملية تأجيل افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة الثامن عشر، لنحو 35 يوماً، فرصة جيدة لكل الراغبين بالترشح للرئاسة، لبحث وخلق تحالفات وتشكيل كتل نيابية، خاصة بهم، تساعدهم على الفوز بالموقع.
وكانت الإدارة الملكية السامية قد صدرت بدعوة مجلس الأمة للانعقاد في السابع من الشهر المقبل.
الأيام الـ35 التي تفصلنا عن بدء الدورة العادية الأولى للمجلس النيابي الجديد، جيدة للجميع لترتيب البيت الداخلي للمجلس المقبل، وهي فرصة أكثر من ممتازة للحكومة لفتح قنوات اتصال مع النواب، وسبر أغوارهم ومعرفة مواقفهم وتوجهاتهم، لا سيما وان الحكومة، التي عليها طلب الثقة من “النواب” تعرف أن أمامها “قنابل” كبيرة، يجب تعطيلها قبل الذهاب لطلب الثقة، ومنها ما يتعلق بصفقة الغاز مع إسرائيل، والتي عبر عن رفضها نواب وأحزاب ونقابات والكثير من مؤسسات المجتمع المدني.
كما امام الحكومة ملف المناهج المدرسية المفتوح على مصراعيه بين شد وجذب، وفي الاثر هناك الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وما يرتب على الحكومة من استحقاقات ربما ذات صلة بجيب المواطن.
كلها ملفات على الحكومة اخذ وقتها قبل الذهاب بها لمجلس نيابي جديد، فيه ما فيه من الآراء ووجهات النظر والأفكار، وأحزاب ونواب خارجين للتو من معركة انتخابية قاسية، كانوا فيها على التصاق مع الناخبين، وفيه أيضا ارث مجلس نيابي سابق تعرض لنقد كبير من قبل الرأي العام.
من جهة ثانية، فإن الراغبين بالترشح لرئاسة مجلس النواب وعضوية المكتب الدائم بات لديهم وقت كاف لمعرفة النواب الجدد والتواصل معهم، وهو ما قام به البعض.
ووفق تصريحات مختلة، ورصد لتحركات بعض النواب، فإن عدد الراغبين بالترشح لرئاسة “النواب” كبير، إذا ما قورن بالمرات السابقة.
ومن النواب الذين ينوون الترشح حتى الآن، عبدالكريم الدغمي وعاطف الطراونة وكلاهما سبق له أن ترأس مجلس النواب، ومازن القاضي، وعبدالله العكايلة، الذي تم ترشيحه رسميا من قبل كتلة التحالف الوطني للإصلاح النيابية لخوض غمار انتخابات الرئاسة، فضلاً عن أحمد الصفدي وخميس عطية، وجميعهم يتحركون لسبر أغوار النواب ومعرفة ميولهم.
بطبيعة الحال، فإن العدد لن يبقى كما هو الآن، حيث من المتوقع أن يتقلص أو يرتفع، وهذا يمكن معرفته بشكل أكبر واكثر شمولية كلما اقترب موعد بدء الدورة وبدء معركة الرئاسة التي تعقب خطاب العرش واجتماع مجلس الاعيان الجديد.
وتشير التوقعات إلى أن النواب الراغبين في الترشح لرئاسة المجلس، سيعملون على تشكيل كتل خاصة بهم، إذ كانت البداية من قبل كتلة التحالف الوطني للإصلاح، التي حصلت على 15 مقعداً نيابياً وأعلنت عن ترشيح رئيسها العكايلة لموقع الرئاسة.
فيما يعمل الطراونة على تشكيل كتلة باسم كتلة وطن، حيث قطع شوطا كبيرا بهذا الاتجاه، بحسب المعلومات الراشحة من مقربين منه، في حين يعمل عطية على تشكيل كتلة، مجرياً اتصالات لهذا الغرض مع نواب مختلفين، وينطبق هذا الأمر على الدغمي ايضا، والذي قام بفتح خطوط تواصل مع جميع النواب، جددا وقدامى والتقى جلهم.
لكل ذلك، تبدو القراءة الدقيقة لمشهد التنافس على كرسي رئاسة النواب مبكرة، رغم توقع سخونتها منذ الآن.
كما أن الصراع على عضوية المكتب الدائم لمجلس النواب لن يكون سهلا أيضا، خصوصا أن التنافس قد يشهد مناورات بين راغبين حاليين بالترشح لموقع الرئيس، فيما هم يخططون لموقع النائب الأول أو الثاني.
كل ذلك يبقى مجرد بداية طريق لأيام حامية وطويلة، تمتد لأكثر من شهر، سنشهد فيها قيام تحالفات والإعلان عن قيام كتل نيابية، قد تصل إلى 6 كتل أو أكثر، وبروز أسماء جديدة راغبة بالترشح.