عجلون: فقراء وأطفال يجوبون كروم الزيتون لإلتقاط بقايا الثمار
المصدر: الغد
ما ان ينتهي مزارعو الزيتون من جني ثمار أشجارهم، حتى يشرع أطفال وفقراء بالبحث عن كميات من الثمار، خلفها المزارعون وراءهم، ليلتقطوها في مهمة يطلقون عليها “البعارة” أو “الجوال”، فيجمعوها خلال بضعة أيام بكميات مناسبة لعصرها، أو بيعها على الفور واستبدالها بالنقود لسداد حاجاتهم.
ويؤكد هؤلاء أنهم اعتادوا هذا العمل خلال مواسم جني ثمار الزيتون، التي تمتد لزهاء شهرين من كل عام، توفر لهم مبالغ جيدة ينفقونها على أنفسهم وأسرهم، أو استغلال كميات من الثمار الناضجة جيدا وشديدة السواد، لصنع نوع من التخليل بمذاق شهي.
ويقول الطفل محمود إنه يستغل هو وأقرانه أوقات العطل لجمع كميات من ثمار الزيتون، وبما يصطلح عليه بينهم بـ”البعارة”، بحيث يستطيعون جمع عدة كيلوغرامات في كل يوم لبيعها للتجار والحصول على مبلغ جيد، يشترون به الحلوى وحاجاتهم الأخرى، فيما يدخرون منه مبالغ للإنفاق على أنفسهم خلال الذهاب إلى مدارسهم، مشيرا إلى أن الكيلوغرام الواحد يبيعونه بأكثر من دينار للتجار الذين يجمعونها بكميات مناسبة لعصرها والحصول على أرباح جيدة.
ويقول أبو أمجد إنه يستغل هذا الموسم هو وأسرته، بحيث يقوم بجمع كميات جيدة من الكروم التي أنهى أصحابها قطافها، فيجمع كميات جيدة، ليقوم ببيعها وتوفير مبالغ يستطيع من خلالها سد احتياجات العائلة وشراء بعض مستلزمات البيت.
ويضيف انه يقوم بهذه المهمة بعد أن ينتهي المزارعون من قطف ثمار أشجارهم، ليقوم بالتقاط الثمار التي يخلفونها على الأشجار، أو”يجولها” كما يطلق عليه، بعد أن تنضج كثيرا في أواخر شهر تشرين الثاني(نوفمبر) وحتى منتصف كانون الأول(ديسمبر)، وتسقط بفعل الأمطار والرياح، مشيرا إلى أنه يستغل كميات من تلك الثمار الناضجة جيدا، والتي تتحول إلى اللون الأسود في تخليله بالزيت، موضحا أن طريقة تصنيعه تتم بعد أن يتم “ركن”تلك الثمار عدة أيام، بوضعها بقطعة قماش ووضع أثقال عليها حتى تخرج منها المياه تماما.
وتؤكد السيدة ابتسام أنه في كل موسم زيتون، تتمكن هي وزوجها وأسرتهما من جمع كميات جيدة من”الجوال”، بحيث يقومون بعصر أغلبها وتوفير 3 صفائح زيت تكفيهم”المونة”، وتخليل كميات من الثمار السوداء.
ويقول المزارع حسين أحمد إن نسبة لا بأس بها من الثمار يخلفها المزارعون على أشجارهم لعدم قدرتهم من الوصول إليها، خصوصا الأشجار الكبيرة “الرومي”، ولحرصهم على عدم إيذاء أشجارهم واسقاط أوراقها في حال استخدام العصي عند جنيها، الأمر الذي يوفر كميات متساقطة تحت تلك الأشجار، عند نضوجها وتعرضها للرياح الشديدة.
في الأثناء، شارف موسم الزيتون في محافظة عجلون على الانقضاء، حيث تمكن أغلب المزارعين من الانتهاء من جني الثمار، في حين ما تزال المعاصر تستقبل ما تبقى من تلك الكميات لعصرها قبل أن تغلق أبوابها في موعد أقصاه مطلع الشهر المقبل.
ويقول المزارع محمد رشايدة إن موسم قطاف الزيتون العام الحالي كان جيدا، كما أن سعر الزيت كان مناسبا، رغم انخفاض الكميات، مؤكدا أن موسم الزيتون يعد من أهم المواسم، نظرا لانتشار آلاف الأشجار في المحافظة، وهي التي توفر لهم احتياجاتهم من سلعة غذائية أساسية يسمونها”المونة”، ويبنون آمالا على الفائض منها لبيعها وسداد احتياجات أسرهم.
ويضيف أن المحافظة تتميز بأشجار الزيتون المعمرة “الرومي”، والتي تتفرد بجودة زيتها وثمارها، كما أن كثيرا من الأراضي الزراعية تم استصلاحها وزراعتها بأشجار الزيتون منذ بضع سنين.
وطالب وزارة الزراعة بدعم مزارعي الزيتون من خلال حماية المنتج والحفاظ على سعر مناسب له، وعدم استيراد مادة الزيت خلال الموسم، وكذلك تشديد الرقابة من الجهات المعنية لمنع بعض التجار الجشعين من التلاعب بالسلعة وتسويق المغشوش منها والإساءة لسمعة زيت المحافظة ذي الجودة العالية.
من جهته، يقول مدير زراعة المحافظة المهندس رائد الشرمان إن المحافظة تحتوي على آلاف الأشجار المعمرة والحديثة من أشجار الزيتون، مشيرا إلى أن المديرية قدرت كميات الإنتاج لموسم العام الحالي بـزهاء 20 ألف طن من ثمار الزيتون، تتوزع في لواء قصبة عجلون بواقع الثلثين، ولواء كفرنجة بواقع الثلث، بحيث يتم استغلال القسم الأكبر منها لعصرها ، فيما يذهب قسم منها للتخليل.
وأكد الشرمان أن المديرية ملتزمة بحماية أشجار الزيتون الرومي”الأمهات” ولا تسمح بالمتاجرة بها، أو اقتلاعها إلا بعد الحصول على التصاريح من المديرية وفي حالات نادرة كفتح الطرق وتراخيص البناء.