د. طلال طلب الشرفات
لا تبتئس يا صديقي ودع خضاب العفو تغشى مدينة الورد، وتحط راحلة الود في بني ليث، وما بين هنا، وهناك اهل لك ولنا في البتراء؛ يسطرون – كما هم أهلك في سيدة قلاع الوطن – ملحمة البرّ، والصبر من أجل عزة الوطن، ويلهجون بالدعاء – كما هو حال كل الشرفاء في الأردن الحبيب – بأن يحفظك الله، ويرعاك، وأن يعطيك، ويشفيك، وأن يلطف بناخبيك، ومحبيك الذين كنت دوماً عوناً لهم، ولكل فقراء الوطن، فكنت ملح الأرض، والناطق باسمنا في كل ما قلت تحت قبة الشعب، وميادين الحب الوطني الأصيل.
عرفتك – يا صديقي – في مؤتة العز، والفخار، وتعلمنا منكم، ومن أهلك أصول الكرم، وشموخ القلم الذي لا يخط إلا عبارات المروءة، والعنفوان، ولا يسجل إلا روايات الصفح، وخدمة الأردنيين في مضافة دليوان، وحكايات الشوق، وعفوية البوح، ولطف المزاح في ظلال القلعة، وجوار مؤتة؛ يوم كان الزمن غير هذا، والظروف غير تلك، زمن حابس، وذكريات هزاع، وتاريخ قدر باشا؛ يوم كان رجالات الكرك يتحدّون “كيركبرايد”.. وحسين الطراونة يُمزِّق منشور المُعتمد البريطاني أمامه.
لا تغضب يا صديقي فنحن في زمن الردّة، فقد نال “كبار القوم” من أسياد الزمن الأردني الجميل حيفاً، وجفاءً، ونكراناً في عيد استقلال الوطن الذي بني في أكناف القلعة، وعلى أكتاف أهلها، حالهم في ذلك حال كل الأردنيين الشرفاء، وتلاقت المبادرة، والريادة هناك، والوفاء، والعزم في تل إربد كي ينهض وطن على مرمى وفاءٍ من البلقاء، وأسياد الصحراء حاضرة التأسيس في خاصرة الوطن، وسادة الجبل في كل أرجاء الوطن.
لا تحزن يا صديقي فأنت رسالة أبي سطام للوطن، ورواية هزاع في التضحية، وحكاية عبدالسلام المخلصة في البناء، وقصة عبد الوهاب في نكران الذات، ومسيرة عبدالهادي في حمل الهوية الوطنية على رؤوس الأشهاد لدرء المخاطر في التذويب، والتهجين، ومصادرة الحداء الأردني الخالد الذي لم يعد منه سوى بقايا نضال من أجل وطن جميل يسكن فينا، ونداءاً فريداً خالداً في أرواحنا كصهيل الخيل بأن يحفظ الله أردننا الحبيب سالماً معافى.
ستبقى – أيها النبيل – سيد التفاني من أجل الوطن، وتاج المدافعين المنافحين عن الفقراء، والمعوزين، وكما الكرك عنوان الوطنية، وبوابة العشق الأزلي المقيم، سنبقى نقاتل سوياً من أجل نبل الرسالة التي تعلمناها سوياً في مؤتة التأريخ، والكبرياء، والسيف، والقلم، وسنبقى نلهج بالدعاء ان يمّن الله عليك بالصحة، والعافية، وأن تكمل رسالتك الوطنية بكل وطنية وإصرار، فالمشاعر التي بوصلتها الكرك، والربة، ومؤتة وقبلهما الأردن ستخط بالتأكيد رواية الخلود كي لا تغضب القلعة، وليحفظك الله ….!!!