د. عبير الرحباني
بطبيعتي أحب دائما أن اتعمق في كل الامور .. بعيداً عن السطحيات.. حتى لو كان الامر مجرد حضوري لفيلم سينمائي..
بعد حضوري الفيلم السينمائي (علاء الدين ).. والذي تم تصوير جزءا من مشاهده في الاردن في منطقتي وادي رم ووادي الديسي، بالتعاون مع الهيئة الملكية للافلام .. فقد كان لدي فضول أن استمع الى آراء وملاحظات بعض الصديقات والاقارب الذين حضروا الفيلم السينمائي علاء الدين في السينما..
فسالتهم ماذا استفدتم من الفيلم ! ما هي ملاحظاتكم عن الفيلم.. ما هي النتيجة التي خرجتوا بها من هذا الفيلم !! ولكن جميعهم اجابوا اجابات متشابهه.. بانه فيلم رائع .. فيلم للصغار .. ومعظمهم قال: يا عبير لما تلبسي النضارات
المكبرة بتعيشي بالجو وكأنك معهم..
صحيح أنني لم أتمكن من ان احضر الفيلم السينمائي (علاء الدين) عبر شاشات العرض السينمائية.. لكني اليوم حضرته وتابعته للنهاية عبر شاشة الكومبيوتر المتواضعة الموجودة في غرفتي الصغيرة .. وصحيح بان قصة علاء الدين قصة خيالية لا تمت بالواقع .. لكنني اليوم أحببت ان اتعمق في مضمون الفيلم .. واكتشفت بأنه يجسد واقعنا الحقيقي ..
لن اتحدث عن الفيلم من النواحي الاخراجية او التقنية او الفنية فهناك اصحاب الاختصاص الذين لديهم الحق في النقد او التعليق فيما يتعلق بهذه النواحي .. لكنني هنا سأتحدث عن ما شعرته واحسسته في هذا الفيلم من خلال المضمون المقدم رغم ان الفيلم قصته قديمة جداً لكن فيه من الحكم والمواقف ما يعلمنا الكثير.. والتي لم يلاحظها الكثيرون منا .
مضمون الفيلم يعكس واقعنا ويقول لنا: بأننا بطبيعتنا الانسانية نحن نولد عبيد للمصباح السحري ( الباطني) الموجود بداخلنا ..
عندما خرج علاء الدين من الكهف بصعوبة … إعتقد اصدقاؤه بانه قد مات .. لكنه اجابهم: انا لم أكن ميتاً بل مدفوناً .. وهذه الجملة ربما تعني الكثير أمام التحديات والمصاعب التي تعتري حياتنا.
علاء الدين طلب من (مارد المصباح السحري) ان يجلب له سلطانة القصر من دون فعل سحر لها .. وأن تحضر اليه
لوحدها .. وهذا يعلمنا ان أعمال السحر والشعوذة التي يستخدمها البعض لجلب الاخر لا تدوم بالسحر .. وانما بالمحبة
عندما جلس المارد مع علاء الدين وأصدقائه .. جاء دور علاء الدين ليطلب ويتمنى من المارد …. لكن علاء الدين أجاب : ( لدي انتم اصدقائي الجيدون .. لدي الصحة .. لدي حياتي الجميلة .. لا افتقر لشيء .. فلا يوجد شيء مفقود بحياتي .. الشيء الوحيد المفقود هو ( حب السلطانة )
وهذا الموقف يعلمنا اولاً: بان الانسان يجب ان يكون شاكراً الله على نعمه وعلى كل شيء .. وثانياً: أن المحبة تساوي كل كنوز الدنيا.
علاء الدين طلب من السلطانة عندما حضرت اليه الى الحديقة بان تتصرف براحتها.. وأن لا تخاف من ان تكسر القواعد التي اعتادت عليها في قصرها …. وهذا يعلمنا ان كسرنا لبعض القواعد التي توارثناها ليس معيبة اذا كانت ستجلب لنا السعادة
السلطانة قالت لعلاء الدين: السعادة صعب الحصول عليها اذا كنت تحكم مملكة ..
وهذا يعني أن الحرية والتصرف ببساطة وبلا قيود وبلا تعقيدات وبلا مظاهر وبرستيجات .. تعني جزءا كبيرا من السعادة التي نستطيع ان نصنعها بأنفسنا
الفيلم السينمائي علاء الدين.. يعلمنا بان لا نفقد الامل في الحصول على ما نريده وما نحن مؤمنين به .. وان الانسان القوي لا يحتاج الى مصباح سحري كي ينجز ما يريد .. فقط يحتاج الى شيئين اثنين هما: الارادة والتصميم …
هذا ما استفدته أنا من خلال حضوري لهذا الفيلم
.. الكثيرون حضروا الفيلم وارتدوا نضارات مكبرة .. وقضوا ساعات طويلة وخرجوا من قاعات السينما من دون فائدة ومن دون نتيجة .. وأنا حضرته عبر شاشتي المتواضعة في غرفتي الصغيرة .. ولم ارتدي نضارات مكبرة لاعيش في اجوائه .. لكني ابصرت الفيلم بعقلي وقلبي