مصطفى الشبول
شخصية اليوم
انه أبو محمود الذي لم يتجاوز الخمسين من عمره والذي أنهى عمله العام الماضي وخرج على التقاعد بعد خدمة طالت لأكثر من عشرين عام ، وهو الآن حر طليق لا يرتبط بأي شيء ولا يريد أن يعمل ويكتفي براتبه التقاعدي (على قوله) ، ويبدأ يومه من الصباح الباكر من خلال جلوسه في عريشة الدار مع أم محمود و أمامه دلة القهوة ومرفقاتها ، بعدها ينطلق إلى القرية وأسواقها والجلوس مع أُناسها ، أبو محمود صاحب الطبع الحشري الذي يُدخل أنفه في كل شيء ، فمثلاً بالمسجد دائم القول: ( مين اللي شَغّل المراوح مهي الدنيا برد ، لويش الإمام اليوم غايب ، الإمام اليوم غلط بالآية ما قرأها صح ، ولما تصف بجنبه بالصلاة بعطيك مليون ملاحظة ، لويش بترفع إصبع السبابة كثير عند التشهد، لويش بتطّلع بعيونك لفوق وأنت بتصلي ( طيب أنت يا أبو محمود شلون شفت عيوني )… الخ) .
أما بالأسواق فهو كثير السؤال ، فإذا صادف شاب يسأله : ابن مين أنت ؟ وين بتشتغل ؟ قديش راتبك ؟ طيب أبوك ما يخطب لك ويجوزك ؟ أبوك بعده بشتغل بتهريب الدخان ؟… بعدها ينهي حديثه مع الشاب بقول: سلم على أبوك وعلى أمك وقول لأبوك خليه يمر يسهر …
أما في بيوت العزاء ما بخلّي ملاحظة ولا تعقيب إلا بحكيه وبعقب عليه ، وبالأعراس تعال وأتفرج على أبو محمود ما بخلي ثوب الستر على أصحاب العرس ، إذا كان العرس على مناسف بحكي الأكل مش طيب واللحم مش مستوي ، وإذا كان على كنافة وحلويات بحكي نص الناس ما أكلوا كنافة …
هذا عدا عن تدخلاته وحشره بالأمور الاجتماعية و أحوال الناس ( فلانة زعلانه ، وفلان طلق مرته ، وأولاد فلان عاقيين ما بطلّوا على أمهم ولا بلشانين فيها ، وأبو فلان ضحك على خواته بمنسف جاج واخذ أرضهن ) … طبعاً أبو محمود عامل حاله بعرف بكل شيء يعني على قول الشاعر ( هو بفهم بالتجارة، وهو شاطر بالصناعة، وشي عجايب بالسياسة، وهو مرشد بالزراعة ، وهو وضاح اليماني بالجمال وبالوداعة ، وهو عنتر بالشجاعة ، وهو صادق هو مخلص من الحسد عنده مناعة ….ولو تشوفونه ببيته رح تقولوا له فظاعة) …
هذا هو أبو محمود استحق أن يكون شخصية اليوم وشخصية كل يوم … وللعلم والتوضيح فأن أبو محمود يسكن في حارتنا وفي حينا،… فهل يوجد في حاراتكم وأحيائكم أبو محمود ؟؟