سميح المعايطة
ما كان من نشاط وورشات عمل ولقاءات يقودها الملك مؤخرا ليس ندوات وحوارات بل هو تغيير مسار في اداره الدوله للملف الأهم والاصعب الذي يواجه الأردن وهو الحياه المعيشيه للناس التي أصبحت تأثيراتها تفرض تغيرات سياسيه وتصنع غضبا او قناعات لدى الناس بأن الأمور لا حل لها .
وبعض النظر عن الظروف التي عاشها الاردن خلال الثلاثين عاما الماضيه فإن المسار الاقتصادي كان ينظر للمواطن على أنه مصدر تمويل للخطط الاقتصاديه وليس مستفيدا منها بما يكفل تحسن مستواه المعيشي ،فكانت الضرائب والرسوم وسياسات رفع الدعم وكلها كانت في النهايه تخفض من القيمه الشرائية للراتب ،وفي نفس الوقت كانت هذه السياسات عاجزه عن وقف تصاعد أرقام البطاله والفقر وضعف التنميه .
وجاء إلى مواقع السلطه التنفيذية من حاولوا بإخلاص وجاء إليها أيضا من قاموا بممارسة التجارب على الناس وبيع الأوهام للدوله ،وجاء أيضا فئة من المستشرقين الذين لا يدركون الفرق بين اداره الدوله والحديث في المنتديات ،والمحصله ان التأثيرات أفرزت واقعا اقتصاديا بدأ يصنع قناعات سياسيه في جزء مهم من المجتمع كان دوما سند الدوله في أزماتها .
ما نشاهده جميعا خلال الفتره الاخيره ليس تفكيرا بإجراءات اقتصاديه فقط بل هو مسار سياسي مختلف للملف الاقتصادي ،مسار يهدف للقول ان الدوله معنيه بابناءها ومواطنيها ،ومعنيه بخطوات اقتصاديه قد تصنع املا لدى الناس وفئات الاقتصاد بأن الأمور تشير إلى الأمام ،وأن المشكله الاقتصاديه يمكن ان تواجهها بمسار يأخذنا إلى الأمام ولو خطوات .
فكره زياده رواتب العاملين في القطاع العام تعبر عن قناعه بأن الأردنيين ليسوا طرفا لحمل أعباء الحلول ،وبغض النظر عن التفاصيل فإن التفكير إيجابي وقد كانت فكره مرفوضه حكوميا منذ زمن طويل باستثناء زياده كانت في بدايه عام 2011 على وقع الربيع العربي ، وحتى ما كان مع المعلمين مؤخرا فقد كان يمكن أن يكون خطوة تحسب للدوله لو كانت الإداره السياسيه للازمه بكفاءة اكبر ،لكن ما يجري في مسار تعديل نظام الخدمه المدنيه ،وتوجيهات الملك بتحسين رواتب المتقاعدين العسكريين القدامى قبل 2010، وما سيصدر من قرارات قادمه مسار جديد في التفكير الاقتصادي يدرك ان المواطن له الحق في تحسين وضعه المعيشي ولو بالتدريج ،لكن المهم ان يكون التفكير للشعور به وليس لتحميله أعباءا جديده .
مايفعله الملك ،هو انه ” يشتغل بيده” ، ولا يتعامل فقط بلغه الأرقام على أهميتها ،لكنه مسار سياسي للملف الاقتصادي لايغمض عينيه عن الناس وماذا تغير في قناعاتهم والذي يحتاجونه غير القرارات التي لم يعد اي طرف قادر على تسويقها للناس .
الالتفات للاردنيين ،والتوقف عند أولوياتهم لم يعد ترفا ، ومع إدراكنا ان الدوله لا تملك عصا سحريه ولن تكون الزيادات القادمه قادره على إنجاز ما يريده المواطن لكنها رساله بأن الدوله تتعامل مع معاناه الناس بما يخفف عنه .
مره اخرى لن نبيع الأوهام بأن هذه الخطوات ستحدث انقلابا في حياه الناس ،لكنها خطوه سياسيه هامه في تفكير الدوله في اداره الملف الاقتصادي ،وأن خطط الإصلاح تدخل شيئا لجيب المواطن ولا تمد يدها في داخله ،وفي المسار السياسي العام فإن هذا التحرك يعبر عن مبادره هامه من الملك وحكمه في اداره المرحله القادمه بكل أبعادها الداخليه و الخارجيه ، فالدوله عليها ان تستعيد الأردنيين من مربعات أخرى وقناعات خطيره .