اسعد العزوني
تحدث إبن خلدون كثيرا عن العرب في مقدمته الشهيرة التي تحمل إسمه،وقارب في أوصافه حقيقتهم ووصفهم بأوصاف شتى لا مجال لذكرها هنا،وانا أضيف عليها أن العرب لا يتقنون فن الإختلاف ،وهم يفتقرون للدبلوماسية بكافة أشكالها الرادعة التي تظهر قوتهم وتردع عدوهم ،والمقربة التي تظهر رغبتهم بتحقيق السلام مع الآخر، الذي لا يتناقض معهم تناقضا رئيسيا لا يحل إلا بالنار ولا شيء غير النار،كما هو الحال بالنسبة لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية .
يبدو أن العرب لا يعرفون أن الحياة مصالح متبادلة ،وأن لا صديق يدوم أو عدو يستمر في عداوته إلى الأبد،بمعنى ان عدو اليوم ربما يتحول إلى صديق غدا، والعكس صحيح بالنسبة للصديق الذي ربما يتحول هو الآخر إلى عدو حسب المصالح المتحركة والتحالفات وموازين القوى.
من الضرورة بمكان أن نعرف أن الدبلوماسية الحقة ،هي تحويل العدو إلى صديق في حال كان تناقضنا معه تناقضا ثانويا، يتم حله بالحوار كما هو الحال بالنسبة لدول الجوار غير العربية وكذلك دول الجوار العربية،إذ لا يجوز بأي حال من الحوال اللجوء إلى القوة لحسم خلافاتنا الثانوية كما حصل بيننا وبين إيران وتركيا ،وكذلك الصراعات العربية –العربية التي تحولت إلى صراعات عسكرية إعتمد فيها الغزو العسكري حلا وحيدا ،والحالات كثيرة.
وهذا يجرنا إلى القول أن الدبلوماسية هي فن وعلم تشمل أسس الحوار والإقناع والنفس الطويل،وتتطلب معرفة معمقة بدواخل الخصم بصورتي تناقضه الثانوي والرئيسي،والعمل على تراكم ما يجمع مع صاحب التناقض الثانوي،وكذلك القدرة على إمتلاك مفاتيح في ساحات العدو الذي يتناقض معنا ثانويا،وعملاء في ساحات عدونا الذي يتناقض معنا تناقضا رئيسيا،فكلا العاملين يفيداننا في الحوار كل حالة وما تتطلب من مواجهة.
يجب على العرب أن يفهموا قاعدة برونزية وهي أنه ليس عدوا من يوجه النصح لهم،أو ينتقد أوضاعهم التي باتت لا تسر عدوا ولا صديقا،وأن يعمدوا إلى تحديث قوائم أعدائهم وأصدقائهم على الدوام،إنطلاقا من عدم الإستقرار على حال واحدة ،فربما من إنتقدنا بالأمس وقف إلى جانبنا اليوم وأصبح من أشد المدافعين عنا ،لقناعته بصحة موقنا ،ويجب تثمين الداعمين الذين يقفون معنا من خارج مجتمعنا المحلي ،بسبب قوة تأثيرهم في ساحاتهم ،وقدرتهم على الإقناع لأنهم ليسوا من ضمن مجتمعتنا المحلية.
يجب التفاهم حول ذلك بين وزارات الخارجية وبين الأجهزة الأمنية التي تعتمد الآية القرآنية التي تقول”ويحسبون كل صيحة عليهم”،ويضعون صاحب النصح في خانة الأعداء،ليقوم الأعداء بإلتقاطه وتوظيفه لصالحهم ،وهناك العديد من الصور والحالات التي تتطلب مراجعات فورية بين الأمن والدبلوماسية.