سميح المعايطة
مع كل موجة تفاوض او مبادرات لحل الملف الفلسطيني نعيش في الأردن سلسلة إشاعات تسريبات وأمنيات، وجوهر كل هذا أفكار تخدم التفكير الصهيوني الذي لا يسعى لحل القضية الفلسطينية بل حل المشكلة الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين والاردنيين.
هذه الايام توقعات كبيرة بإعلان ترامب مبادرته الجديدة القديمة، ومعها عاد الحديث عن الغاء قرار فك الارتباط، ومع الإشاعات كان هناك تسريبات لموقف رسمي يؤكد أن الأمر غير مطروح، وهذا أمر إيجابي، لكننا نحتاج أيضا إلى تصعيد في رفض هذه الأفكار، لأن إلغاء فك الارتباط يعني ضم سكان الضفة الغربية مع بعض الأرض هناك إلى الأردن، ويعني ان يصبح كل أبناء الضفة وربما حتى مخيماتها حملة للجنسية الأردنية، اي توطين لمن هم هناك وإلغاء حق العودة لمن هم خارج الضفة، وهذا يعني أيضا الغاء حق الفلسطينيين في دولة فلسطينية على أرضهم، ويعني أيضا تفكيك الهوية الوطنية الأردنية، وتمييع هوية الاردن والاردنيين، وأن لا يبقى الأردن هو الأردن ولا فلسطين فلسطين.
في داخل بعض الأوساط الفلسطينية والسياسية ترويج لإلغاء قرار فك الارتباط منذ سنوات، لأنهم يرون في هذا مكسبا سياسيا وتغييرا الخارطة السياسية الأردنية، وهؤلاء ذاتهم هم من كانوا يخوضون المعارك ضد الأردن خلال الخمسين عاما الماضية دعما لاستقلال القرار الفلسطيني ووحدانية التمثيل الفلسطيني، وهم الذين فرحوا عندما اتخذ العرب قرارا بهذا الخصوص عام 1974، وهم الذين غنوا واحتفلوا لأوسلو، لكن عندما فشلت عملية استقلال السلطة وتحولها إلى دولة، عاد بعضهم للترويج لفكرة الغاء قرار فك الارتباط.
قرار فك ارتباط اليوم يعني موافقة أردنية فلسطينية على جفن مشروع الدولة الفلسطينية، ويعني أيضا إنهاء الهوية الوطنية الأردنية المجسدة في المملكة الأردنية الهاشمية، ويعني إعطاء إسرائيل حلا يجعلها لا تدفع ثمن احتلالها لفلسطين، وهو مسار سريع للتوطين وإلغاء حق العودة، ولا يختلف عن فكرة الكونفدرالية أو الفدرالية من حيث النتائج، وهو مشروع يخدم كيان الاحتلال ولا علاقة له بالوحدة، مثلما لم تكن وحدة الضفتين عام 1951 قرارا مرفوضا عربيا ودوليا ولم توافق عليه سوى دولتان.
من واجبنا جميعا دولة أردنية واردنيين مثلما هو واجب كل فلسطيني ان نرفض كل الأفكار التي تخدم إسرائيل، فأي حل عليه ان يعطي الفلسطينيين حقوقهم على أرضهم، أما نحن الأردنيين فلسنا حاضنة لأفكار صهيونية تدفع ثمنها من هويتنا وبنية دولتنا.