موسم الصيف وحرائق الغابات في جرش والحلول المقترحة جرش – حسني العتوم ليس جديدا ما يحدث في غابات جرش هذه الايام ، من حرائق في غالبيتها مفتعلة وتحصد اجزاء واسعة من غاباتنا لا سيما غابات السنديان والاشجار المعمرة في دبين الشهيرة وغابات ساكب غربا ووصفي التل شمالا وبرما ومرتفعات سوف والكثير من مسطحات المحافظة الخضراء .
ومع كل حركة لاطفائيات الدفاع المدني نضع ايدينا على قلوبنا وندعو الله السلامة لاشجارنا التي باتت مهددة بالانقراض ، وبات التصحر كقاب قوسين او ادنى من ارضها ، فلا زيادة التشجير قادرة على ان تحل المشكلة ولا الاجراءات التي ما زالت ضعيفة وغير قادرة على لجم المعتدين على هذه الثروة التي لم يبق لنا سواها كآخر نفس نتوق اليه ونهرب اليه .
ولم يرتدع عشاق الخشب ولا المتطاولين على غاباتنا ففي كل يوم حريق هنا او هناك ، وفي كل يوم تهرع الاطفائيات لتخمد حريقا هنا و هناك وما ان تصل حتى تكون النيران قد التهمت اشجارا كنا نستظلها ونتنفس من اوكسجينها ، وفي كل مرة نقول لا حول ولا قوة الا بالله .
فهل اصبحنا عاجزين عن حماية ما تبقى منها ؟ ام اننا استمرأنا الحكاية وكأنها أصبحت أمرا عاديا بحجة الصيف وحرارته ، ولهو الاطفال والمتنزهين ، او ما يقوم به البعض عن جهل في حرق مخلفات مزارعهم فتمتد النيران الى الغابات ، ام انه العبث والسلوك المرصود مع سبق الاصرار من قبل تجار الاخشاب للحصول على غنائمهم ؟
أسئلة كثيرة تطل علينا في كل صيف ، وهذه البوادر كثيرة التي تنبينا عن احتمالات أوسع واكبر مما حصل من حرائق لغاية الآن بان هناك حرائق قادمة ستمحو عن الوجود هذا المسطح الاخضر الذي نتغنى به في حياتنا .
وما يرشح من ارقام من الدوائر والاجهزة المعنية في محافظة جرش يبدو متواضعا عن حجم المشكلة ولا يكشف حجم الحقيقة عن تلك المساحات التي مسحت عن الوجود ومنها حرائق في غابات باب عمان وبرما وعدد من المواقع الاخرى قبل ايام وغيرها الكثير من الحرائق التي أخمدتها اطفائيات الدفاع المدنى وما هو متوفر من معدات في مديرية الزراعة .
والى هذه النقطة فإننا أمام حقيقة دامغة تتمثل بهدر مئات ان لم نقل آلاف الأشجار كل عام ان لم نجد الحلول المنطقية والمقنعة لها وهنا تجدر الاشارة الى ما قامت به بعض الجمعيات كجمعية رجال الاعمال ومشروع هداة دبين من اقامة مشاريع نحسبها انها مفيدة جدا من ناحيتي المحافظة على رقعة الغابات التي تضمنها كل مشروع والاخر ما يمكن ان يوفره من فرص عمل حقيقية للشباب الباحثين عن العمل وما اكثرهم .
وفي هذا السياق نجد ان هناك جمعيات اخرى تطمح لا بل وتتامل ان تقوم باقامة مشاريع مشابهة في غابات سوف وغيرها بهدف المحافظة على الغابات ومنع تلك الايدي العابثة من الوصول اليها وإيجاد اماكن محترمة امام حركة المصطافين وتامين حماية بيئية لها ، ويبقى السؤال لماذا لا تكون مثل هذه المبادرات من هنا من دوائر محافظة جرش والقائمين عليها .
نعلم ترحيب واهتمام مدير زراعة جرش الدكتور عماد عياصرة هذا الشاب الرائع الذي يغار على الغابات كما يغار على عرضه ، فحين طرحت جمعية اعلاميون وخبراء من اجل السياحة والبيئة لاقامة مشروع في منطقة جبال سوف ومرتفعاتها لحماية احدى غابات السنديان فيها والتي تتعرض كغيرها الى العبث بقطع اشجارها المعمرة فانه أبدى اهتماما كبيرا بهذا الطلب ولكن الامر ليس من اختصاص الدائرة في جرش بقدر ما هي موافقة وزير الزراعة .
فاذا اردنا ان نحمي غاباتنا فعلا من وحش الحرائق الذي لا يبقي ولا يذر فعلينا ان ندعم مثل هذا التوجهات لما تحققه من أهداف كبيرة على المستوى الوطني والا فان الاجراءات القانونية التي يتم اتخاذها فعلا بموجب قانون الزراعة الحديث والتلويح بها من قبل الاجهزة التنفيذية فانه سيبقى قاصرا عن المعالجة الجذرية التي ينشدها كل محبي الغابات والمدافعين عنها .
اخيرا ما نامله من محافظ جرش عاطف العبادي الذي يبدي اهتماما كبيرا بالمحافظة على الغابات وحمايتها ان يفتح هذه النافذ امام الجمعيات لتقوم بدورها الفاعل في الحد من التعديات التي تقضم مساحات كبيرة من غاباتنا وتصحر ارضها ، وهي نافذة نحسبها من الاهمية بمكان ستكون اضافة نوعية لمشروع جمعية رجال الاعمال في عجلون التي حمت تلك المساحات من التعديات وقطع الاشجار مثلما سيكون اضافة متناغمة مع مشروع هداة دبين الذي حافظ على مساحات جيدة من الغابة ووفر الاماكن المناسبة للتنزة من حيث توفير اماكن للجلوس ومواقف المركبات والحافلات ، وهو بلا ادنى شك سيكون نموذجا متفردا في حماية الغابات ووفق اتفاقيات ملزمة وشروط من شانها ان تحقق هذا الهدف ، فضلا عما يحمل في طياته نماذج لمشاريع تنموية من شانها ان توفر فرص عمل حقيقية والاهم من ذلك كله النهوض الايجابي بقطاع السياحة في ارجاء محافظة جرش والذي يعاني ما يعاني في مشهده القائم من نقص كبير في توفير الخدمات اللازمة لهذا القطاع الحيوي والهام .