رمزي الغزوي
• ها نحن ننطلق إلى ربوع الحياة الطليقة مجدداً. ننظر إلى الأمام، ونرى القادم مشرقاً جميلاً فيه الخير الوفير. نعم تعبنا، وخسرنا وتوترنا، وضاقت بنا الحال والحيل، ولاكتنا الأزمات. لكننا لا نرمي تفاؤلنا أبداً، ولا نطيح به. نأمل خيراً ونسعى إليه.
• نخرج من ظلال الأزمة محملين بالدروس والعبر والمواقف العظيمة التي لا تقدر بثمن. ستكون الحياة غالية علينا. ستكون عزيزة في عيوننا. سنحب التفاصيل، وتفاصيل التفاصيل. سندرك أن السعادة لا تكمن في الأشياء الكبيرة. وأننا قد نجدها في أصغر الأشياء من حولنا.
الكورونا وضعتنا في ظرف تعلمنا منه أن نقدّر ما بين أيادينا. أن نحب أعمالنا التي كنا نستثقلها. أن نشتاق إلى أصدقاء رغم ما كانوا يسببوه لنا غصات. الكورونا جعلنا نعلي من شأن الحياة البسيطة. أن نرى في كل محنة منحة.
• سنشعر أن ما كان يتعبنا قبل الكورونا هو بالضبط ما نحبه ونطلبه ونريده. سنشعر بتثاقل وببعض الإنقباض في الحياة. سنشعر أن الناس مكبلة بقيود العزلة وأنهم منكمشون. ولكن هذا لا يهم. إنهم سيعودون بالتدريج وعلينا أن نتقارب عاطفيا.
• الخطأ الذي ظل يتردد طيلة أزمة كورونا هو حافظوا على التباعد الاجتماعي. مما جعلنا نصاب بكل هذا التوحد والانعزال والخوف من الآخرين. الأصل أن يطلب منا: تباعدوا جسدياً وتقاربوا عاطفيا واجتماعيا.
• فمع كل وسائل التواصل التي نمتلكها، إلا أن قلة كانوا يتواصلون حقاً. الكثير منا انخرط في العزلة النفسية أكثر مما ينبغي فأحجموا حتى على التواصل مع أقاربهم وأصدقائهم وزملائهم. أي عزلة فوق عزلة. وهذا مأساوي.
• قديما قال أهلنا: البعد جفا. وهذا صحيح. وسنتلمس معانيه بكل دقة حين نجد صعوبة في العودة إلى ما كنا عليه. وسيكون علينا أن نبذل جهودا كي نعيد المياه إلى مجاريها، ونتقارب إنسانيا من جديد.
• كثيرون قد خرجوا بمكاسب كبيرة من الكورونا. أولها وأهمها اكتساب عادات جديدة صحية، والتخلص من عادات سيئة. المشي اليومي ربما يكون من أبرز هذه العادات. والإدارك أن الحياة تمشي بدون كثير من أشياء كنا نرهق أنفسنا من أجلها.