الطفيلة – عبدالله الحميدي
قدم الباحث محمد النعانعه. الورقة السابعة. في حوارات السلع الثقافية
وقال ان الصالونات الثقافية كانت محطة عملاقة، في التاريخ العربي، لما تحمله من دور في توظيف الجهد الى ابداعات
واعتبرها الكاتب المكان الذي يتم فيه ممارسة عناصر الثقافة المتعددة و ذلك من خلال اللقاءات, و الندوات, الاحتفالات ,و الشعر ,و القصة ,و الرواية , والخطابة, والحديث عن الفروسية و الفرسان, واكرام الضيف, و القهوة العربية, وحل المنازعات وتصفية القلوب , وكل ما يهم القبيلة من امور الحياة,
وقال انها من العادات و التقاليد التي كانت سائدة بين ابناء المجتمع بشكل عام .
ان جغرافية الطفيلة ذات الجبال العالية ,و الاودية العميقة,و التربة الطينية,و الاشجار الكثيفة,و ينابيع المياه الكثيرة والوفيرة, والتنوع المناخي والبيئي الحيوي قال، كل ذلك جعلها بين الحار و الجاف صيفا والمعتدل في الجبال الى البارد شتاءا, فهي منطقة جغرافية متشابهة في كل شيء ما جعل لهم نفس العادات و التقاليد ونفس الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و النفسية
وخلص الى ان لهم هوية متشابهة في حياتهم ,كما ان وجودهم في نفس المنطقة الجغرافية المتشابهة جعل لهم لهجتهم الخاصة بهم وكلمات متعارف عليها بينهم..
ويرى انها كانت مضافات العائلات الاردنية مكانا للعامة وروادها شيخ القبيلة والرجال والصبية والنساء، وتهدف لنشر المعرفة و الثقافة والتسلية من خلال القصص, والحكايات , والشعر ,والرواية , و الحزازير, ولعب الفنيجيلة ,والحديث عن الفروسية و الشجاعة والكرم والصدق وامور الدين وسيرة الصحابة, ويقوم الشيخ بتحفيز المشاركين بالمال او امور اخرى, و يرى بعض النقاد (احمد الغما ز) ان ما يحدث في بعض هذه الصالونات الحديثة لا يرتقي الى المعنى الحقيقي و الهدف الاسمى منها ,
فما نراه سوى( تعليله ) حيث تجد الاسماء مكررة اضافة الى عملية الاطراات وحشد الالقاب التي ما انزل الله بها من سلطان، بمعنى اخر هو مجرد تقليد للحصول على صفة الاديب و صفة الفنان او الكاتب او…, اما الناقد ( احمد ابو حليوة) فيرى ان الصالونات تواجه مشاكل عديدة و على رأسها عدم القدرة على الاستمرارية، لتذبل و تفتقد و تنتهي مع مرور الشهور والاعوام و ربما يموت الصالون مع فراق اصحابه و حملة شعلته للحياة
وان بعضها – كما يرى – ليست لديها القدرة على الاستمرار نتيجة الظروف الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية و السياسية التي تقيد الحريات العامة .
الصالونات الثقافية و الادبية ليست جديدة على مجتمعنا فهي اوفر حظا ووجودا و كانت موجودة كمنتديات مفتوحة للعامة و اشهر تلك المجالس في التاريخ عرفت قبل الاسلام مثل مجلس قيس ابن عاصم, ومجالس الخلفاء و الامراء وغيرهم وكانوا يعقدون المجالس الادبية ويدعون لها اشهر الشعراء و الرواة مثل مجلس عبد الملك بن مروان, و الحجاج ابن يوسف الثقافي, و مجلس سيف الدولة الحمداني, والحسن البصري, ومجلس سكينة بنت الحسين مما زاد من انتشار ظاهرة التكسب بالشعر و مدح الخلفاء والامراء والولاة ( عندما التقى جرير و الفرزدق في مجلس الحجاج ) ومن المجالس مجلس مي زيادة و العقاد و الامير عبد الله بن الحسين ) حيث كان لهما اكبر الاثر في اثراء المعرفة والثقافة العربية
وبين في الورقة ان هناك بعض المنتديات و الصالونات التي تعود الى افراد او ادباء او شعراء او نقاد او مفكرين او فنانين ,و هناك بعض الصالونات النسائية مثل صالون مريم الصيفي حديثا
ان هذه الظاهرة لم تترسخ بعد لعدة اسباب منها حداثة التجربة و قصر عمرها الا ان المثقفين و الادباء في هذه الصالونات التي تشهد اقبال متزايد من قبل الكثير من الادباء الاردنيين في اثراء الثقافة و المشهد الثقافي الاردني و الحراك الادبي , و تشكل فضاءات مشتركة و اضاءات نوعية مثل مثيلاتها في عدة دول عربية و التي صنعت تاريخا ادبيا حافلا بالمنجزات .
الصالونات الثقافية قال انها جاءت لعدة اساب منها : الظروف الاقتصادية التي تحول دون انشاء هيئات ثقافية لعدم توفر المكان و المال و تتفوق على الندوات في الهيئات الثقافية المعروفة
ومن معوقات الثقافة في الطفيلة كما يراها صاحب الورقة تدهور احوال المثقفين والفنانين الطفايلة المادية و ذلك ان معظم الفنانين و الكتاب و اهل الفن لجأوا الى العمل الخاص و تركوا الثقافة جانبا و اعطوا جل وقتهم للبزنس على منطق القيم .
وانشغال معظم المثقفين و الفنانين في الامور الانتخابية و السياسية و اعطاء الثقافة جانبا تحت وطأة الفقر و الحاجة , و العمل في مهن اخرى .
ونزوح الشباب المبدعين الى اماكن في العاصمة تأويهم و تحتضنهم و ترعاهم .
واعتقاد الكثيرين ان الثقافة فن و ترف و لهو و تسلية لبعض القراء المحبين للقراءة .
وقال ان الطفيلة واحة للثقافة تمتد جذورها الى اعماق التاريخ و بصمات مثقفي الطفيلة واضحة تماما في خارطة الاردن الثقافية رغم بعض محاولات التهميش .
وقال ان منها غياب الثقافة بسبب الصراع على المكتسبات و الغنائم الشخصية و المحاصصات و الشهرة و ان غياب الثقافة يؤدي الى غياب من يدافع عن الهوية الوطنية و الوجود لان الثقافة هي التي تؤسس لوجودنا و تدافع عن حدودنا .
ولعدم وجود صالونات ثقافية متخصصة ترعى الشأن الثقافي في الطفيلة و ان ما يوجد هو قاعات تعقد فيها بعض الندوات والنشاطات, ومغيب عنها مبدعون و مثقفون وجب علينا ان نبرزهم للكشف عن ابداعاتهم و مواهبهم و الاخذ بأيديهم .
وكذلك لغياب دور منظمات المجتمع المدني الثقافية و ان وجدت فهو دور خجول و ليس بالصورة المطلوبة .
ان اي حراك ثقافي اذا لم تتم تغطيته اعلاميا سيتلاشى تأثيره بسرعة و هو غير محفز .
وقال انه ينبغي ان يكون لجامعة الطفيلة الدور الاكبر في اعادة احياء الدور الثقافي و تسليط الضوء على الفعل الثقافي , و انها اوصلت الى المجتمع اسماء جديدة من المبدعين الجدد , و ساهمت في نشر الفعاليات الثقافية ودعوة المثقفين والادباء والفنانين و تنوع المشاركات في البرامج الثقافية لإذاعة جامعة الطفيلة التقنية بعد ان تركتها قامات ثقافية كبيرة .
وطالب بانشاء دارة للثقافة و متحف يحوي بداخله الارث الثقافي الاثري للمنطقة و الحاجة الماسة لهما .
كان الفعل الثقافي و النشاط الثقافي موسميا و متناثرا في ارجاء المحافظة في اشهر الصيف, لكنه اشار الى وجود المدن الثقافية و تفعيل دور مديرية ثقافة الطفيلة و على رأسها من اصحاب الخبرة والكفاءة كانت نقطة تحول في الحراك الثقافي الاخير في الطفيلة من حيث اظهار المزاج الثقافي للناس و الخروج عن النمط التقليدي و العمل الموسمي بفعاليات ثقافية ابداعية منتجة لطاقات شابة غير مكتشفة سابقا.
والمح في ختام الورقة الى ان الصالونات الثقافية في الحاضر اماكنها في بيوت خاصة او اماكن مرخصة اختصرت على المتعلمين و حملة الشهادات العليا من (الشعراء والادباء و الروائيين)
واعتبرها الاديب ا. احمد الحليسي ورقة متميزة وشاملة ربطتنا بالتاريخ والجغرافيا والاجتماع والأرض والإنسان واشرت إلى المجالس الأدبية في عصورنا المزدهرة والى الصالونات الأدبية والسياسية، بل عرجت على معوقات الثقافة في الأطراف وبالطفيلة بالذات، كل الشكر والتقدير لك استاذ محمد النعانعة حفظك الله ورعا
وفي نقاشه قال الشاعر عدنان السعودي، انها ورقة شاملة ركزت على الصالونات الثقافية، او ما كان يسمى قديما بالمضافات التي كانت بمثابة المدارس للاجيال، فلقد كانت المجالس هي المدارس التي منها تستقي الأجيال القيم والعادات والتقاليد، والمخزون اللغوي بصوره المتعددة ….
“للحقيقةِ والأمانةِ” قالها الشاعر محمد الشروش، أنّ الورقةَ النّقاشيّةَ المقدّمةَ من الفاضل الأستاذ النعانعه تميّزت بالواقعيّةِوالبحثِ المفصّل في همومِ الثقافةِ والمثقّفين وهي همومٌ مشتركةٌ لكلِّ أبناءِ الوطنِ ، وأنّ للطفيلةِ خصوصيتها في هذا الجانبِ مع الإشارة لحقيقةِ أنّ مديريةَ ثقافة الطفيلةِ منذُ بدايةِ تأسيسها وعملها لم تألُ جهداً في عملها الثقافي الذي تميّزَ بالجدِّ والإجتهاد مع معرفتِنا وإطلاعِنا على أنّ الواقعَ الماليَّ والماديَّ قد يقفُ في كثيرٍ من الأوقاتِ عائقاً في طريقِ الطموحِ والمرادِ والمؤمّلِ وأنَّ المديريّةَ وعلى مدى وجودها استضافة العديدَ العديدَ من اهلِ الثقافةِ والمثقفين شعراً ونثراً وسياسةً واجتماعاً وفي كلِّ أبوابِ المعرفةِ والعلومِ.
إنّ موازنةَ وزارةَ الثقافةِ مذ كانَ للثقافةِ وزارةٌ هيَ الأقلّ ويعلمُ الزملاءُوالأخوةُ أصحابُ العطوفةِ الذين تولّوا الإدارةَ الثقافيةَ حجمَ المعاناةِ في هذا الجانبِ فهيَ اداراةٌ بلا كوادرَ أو مساعدين والجهدُ يكونُ فرديّاً تتحمّلُ به الإدارة وحدها التحضيرَ والتنسيقَ والترتيبَ والإدارةَ والضيافةَ والإستقبالَ والتوديعَ وكافة متطلبّات انجاح أيّ ندوةٍ او لقاء او أمسيةٍ او مهرجان.
لقد أجادَ الأستاذ النعانعه في تفصيلِ هموم الثقافةِ والمثقفين وطنيّاً ومحليّاً، وأن الإشارات في هذه الورقة الرائعة هي بوصلات جميلة ورائدة في العملِ الثقافي على عمومه في الزمانِ والمكان عربيّاً ووطنيّاً ومحليّاً.
وتَجمعُنا إذا اختَلفَت ديارٌ
ولكن كلُّنا في الهمٌِ شرقُ
واعتبرها النقابي المهندس علي المصري ورقة عمل شاملة تحاكي الواقع الثقافي وتضع الحلول للنهوض بالشأن الثقافي بعد أن سلطت الضوء على معوقات الثقافة في الطفيلة وكان من ضمنها غياب دور منظمات المجتمع المدني للنهوض بالثقافة الوطنية المنبثقة من الثقافة القومية العربية والإسلامية والتي ذكرتها من خلال الصالونات الثقافية على مر العصور وبصفتي ممارس للعمل في العديد من الجهات والمنظمات المحلية والدولة فأنني وجدت قلة المشاركين هي السبب وراء تراجع دور منظمات المجتمع المدني بدعم ورعاية الشأن الثقافي وقد عشت العديد من الفعاليات الثقافية وكان أكثر ما يؤسفني قلة المشاركين في حين تعج القاعات بالحاضرين عند عقد ندوة سياسية أو تواجد فرق فنية واتسائل بصدق راجياً الإفادة وانت أستاذ محمد الباحث والمؤرخ ما سر غياب الجمهور للفعاليات الثقافية وهل هنالك علاقة بالوضع الاقتصادي المتردي أو الإحباط العام الناتج عن الظروف السياسية المحيطة والواقع المتردي المؤسف الذي يعيشه عالمنا العربي
كل الإحترام والتقدير أستاذنا الفاضل على هذه الورقة القيمة مع خالص الود وأطيب المنى
م. علي المصري