ابراهيم السواعير
ينفثُ القاص الأديب، مدير مديرية الدراسات والنشر في وزارة الثقافة، الدكتور مخلد بركات، نفثةَ المصدور، في هذه الأجواء التي تكشف عن إبداعه وفرحته بالحبس محرّضاً على الإبداع؛ فلقد تتبّعت طقوس هذا الكاتب، الذئب، أمام قطيع الكلمات التي يظلّ ينهشها واحدةً واحدةً وهو يرتشف المزيد من دمها الإبداعيّ، أمَّا مشاهده المرعبة التي يرسمها في أقاصيصه ورواياته، ونتاجه العصيِّ على التجنيس الأدبيّ، لجودته وحيرة النقّاد أمامه والأدباء، فقضيّةٌ تحتاج وحدها حديثاً طويلاً بعد الانتهاء من هذا “الفيروس” الذي حاصر البلاد والعباد وما يزال”يتشعلق” بالشجر ، “شعلقة” الطفل بأبيه، وعلى حربٍ مع النوافذ وأسطح الدور، مختبئاً بين جموع المشترين، بل ويصحبهم إلى بيوتهم ويحمل أغراضهم، ويلعق منها ما هو مكشوف، بل ويعلق بأحذيتهم حين يطردونه، وإن فاته أن يشاركهم طعامهم ومنامهم وسهراتهم، فإنّه يظلّ ينام على العتبات؛ ينتظر متى تفتح الأبواب،.. بل ويناجز الموت أمام كلّ المعقّمات، متوعداً، ليتحدى المزيد من المستشفيات ويزاحم المرضى على الأسرّة،.. فلقد جعل من الأُسرة الواحدة، في كلّ الكون، محلّ تخزينٍ وبياتٍ وعزلة وخوف وترقّب وحسابٍ لغدٍ، ما كنّا نحسب له قبل أن يستجدَّ أقلّ الحساب…
ونحن،..معشر الإعلاميين والكتّاب والصحفيين والمؤلفة قلوبهم على الكتابة والأدب والإبداع، ما نزال نتعيّش على ما تجود به صفحة كِتاب أو يلهمنا إيّاه وحيٌ أمام كلّ هذا الذي نحن فيه.
أما مخلد بركات “أبو عبدالرحمن”، فيحاول على يأسٍ منه وفتور أن يزجي وقتاً، فمرّةً هو ينتقم أشد الانتقام من “هَشيرٍ” يحلم أن يطاول أشجاره العالية العملاقة في فناء بيته الذي بناه طوبةً طوبة وباركه بعرق السنين،.. وأخرى تراه على ساحل الأطلسيّ في بلاد المغاربة يبيع مع بطل مشهدياته “الحرّوش”، وتارةً ثالثةً يتسكّع بين المقهى والبيت متسللاً في جيوب الظلام يبحث عن طقوس… حتّى قيل: لو نفض مخلد بركات جيبه لتناثرت مشهديّاته المثيرة عالية المزاج على الرمضاء؛ تماماً كما ينفض المخلوق الأسطوريّ نفسه بعد أن ابترد للتوّ في الماء!
يقولون: “كل ما طالت تلمّ غمور”؛ وأنا أقول: “كل ما طالت يرشح المزيد من إسفنجتك الغارقة بالإبداع”، أيّها العباديُّ غير العاديّ،… فاصبر، وإنّ غداً لمبدعه قريب!
ملاحظة: سمعت أنّ د.حسين العموش يكتب رواية عن الكورونا، وقرأت نصّاً جميلاً لعاقل الخوالدة مدير ثقافة إقليم الشمال،… وها أنت تشتغل، في الظلام بين الغرف،..و..و”الحبل عالجرار”.