المال السياسي يفشل في صناعة نواب
كتبت: دينا سليمان
يلاحظ المتمعن في تشكيلة مجلس النواب الثامن عشر التي أفرزتها صناديق الاقتراع، أن أثر المال السياسي رغم تواجده لم يكن ملموساً بالصورة التي توقعها البعض.
وتُظهر تشكيلة المجلس الجديد إلى جانب تراجع أثر المال السياسي، وعي الناخبين الذين كانوا عازمين على إحداث الفرق والتجديد والتغيير، في محاولة للوصول إلى مجلس نيابي قوي فعال وقادر على تبني مطالب وطموحات الشارع الأردني بدلالة فوز العديد من الوجوه الشابة الجديدة، التي يعول عليها وعلى أدائها تحت القبة، إلى جانب فوز عدد من الوجوه ذات الخلفيات الحزبية، فضلاً عن تواجد العنصر النسائي وفوزه في عدد من الدوائر عبر التنافس بعيداً عن الكوتا.
وبدا واضحاً أن ارتفاع وتيرة المال السياسي قبيل ساعات الاقتراع لم تُنقذ المرشح «الفارغ» الذي كان يفتقر إلى مرجعية برامجية تمكنه من إقناع المقابل بدوره في المجلس المرتقب، فلم توصله إلى مبتغاه للظفر بمقعد في مجلس النواب الثامن عشر.
كما لم يدرك البعض ممن حاولوا شراء الذمم، أنهم وإن استغلوا الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي تمس غالبية المواطن، فإن اصوات غالبية الناخبين اختارت من يعتقدون أنهم سيصنعون فرقاً تحت قبة البرلمان دون الحاجة لشراء الذمم، كونهم لا ينتظرون شيئاً من المرشح «العاجز» عن إقناعهم.
كما فات هؤلاء المرشحون أن الناخب فقد ثقته بالعملية الانتخابية نتيجة تلك السلوكيات التي تصدر من بعض المرشحين وأعوانهم ومسانديهم، لتضاف إلى التراكمات السابقة التي كانت تشهدها العملية الانتخابية، إذ كان التخوف يسيطر على الجميع من ضعف نسبة المشاركة والإقبال على صناديق الاقتراع يوم الانتخابات، بيد أن الأردنيين أثبتوا العكس، إصراراً منهم على إبراز صورة الأردن المشرقة التي اعتاد عليها العالم بأسره وباتت مضرباً للمثل على مختلف الصعد.
الأردنيون بدورهم حسموا شكل ومضمون مجلسهم النيابي الجديد عبر مشاركتهم واختيارهم للقائمة الأقدر من وجهة نظرهم على مواجهة الظروف الاستثنائية التي تعيشها المملكة، والتي تمتلك برنامجاً عملياً قابلاً للتطبيق والنهوض بالواقع المعيش للمواطن، وهو الأمر الذي تم وسط أجواء تنافسية هادئة، واستعدادات أجهزة الدولة كاملة، وترقب الجميع لمجريات ونتائج يوم الاقتراع، بيد أن المسؤولية باتت ملقاة على عاتق الفائزين بمقاعد تحت قبة البرلمان لإحداث الفرق، وليعلموا أن أداءهم سيكون تحت المجهر.