القاء القبض على القاتل، حمّل نشطاء مسؤولية اغتيال الكاتب ناهض حتر لكل من مارس التجييش ضده وكل من سعى لاستغلال إعادة نشره رسماً كاريكاتيرياً اعتُبر “مسّاً بالذات الإلهية”، لزعزعة الأمن والسلم الأهلي، كما حملوا الحكومة الأردنية المسؤولية كونها لم تتخذ الإجراءات الاحتياطية خصوصا وأن الكاتب كان تلقى تهديدات بالقتل.
ومع موجة الشجب والاستنكار الشعبية لحادثة الاغتيال ترأس وزير الداخلية الأردني سلامة حماد اجتماعاً موسعاً في الداخلية مع مسؤولين كبار في الوزراء للتباحث حول تداعيات الحادثة الدموية غير المسبوقة.
وقالت تقارير أردنية إن ذوي الكاتب القتيل ناهض حتر رفضوا استلام جثته محملين المسؤولية للحكومة كونها كانت حياته مهددة، دون ان تقوم الحكومة بما يلزم لحمايته.
استنكار رسمي
واستنكر وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الدكتور محمّد المومني الجريمة النكراء التي راح ضحيّتها صباح اليوم الكاتب الصحفي ناهض حتّر.
وأكّد المومني في تصريح صحفي أنّ الثقة بالقضاء الأردني وبأجهزتنا الأمنيّة عالية في متابعة ومحاسبة من اقترف هذه الجريمة النكراء، مشدّداً على أنّ اليد التي امتدّت إلى الكاتب المرحوم حتّر ستلقى القصاص العادل حتّى تكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه جرماً وغدراً وخيانة.
وثمّن المومني ردود الأفعال التي صدرت عن قيادات المجتمع وفعاليّاته السياسيّة والاجتماعيّة والإعلاميّة، والتي أدانت هذا العمل الإجرامي الذي يتطاول على دولة القانون، مؤكّداً أنّ القانون سيطبّق بحزم على من قام بهذا العمل الآثم، وعلى كلّ من يستغلّ هذه الجريمة لبثّ خطاب الكراهية الطارئ على مجتمعنا.
اغتيال
وكان الكاتب ناهض حتّر اغتيل صباح اليوم الأحد أمام قصر العدل في وسط العاصمة الأردنية عمّان، حيث تلقى ثلاث رصاصات في الرأس، بعد نحو أسبوعين على إطلاق سراحه بكفالة مالية إثر إعادة مشاركته رسماً كاريكاتورياً على صفحته في فايسبوك أثار جدلًا واعتبر أنه “يمسّ الذات الإلهية”.
وكانت السلطات الاردنية افرجت عن حتر في الثامن من سبتمبر لقاء كفالة مالية بعد نحو شهر على توقيفه. ووجّه مدعي عام عمّان إلى الكاتب اليساري تهمتي “إثارة النعرات المذهبية” و”إهانة المعتقد الديني”، واعلن حظر النشر في القضية.
ونفى حتر حينها ما اتهم به مؤكدًا انه “غير مذنب”. وكانت عقوبة أي من التهمتين المسندتين لحتر قد تصل في حال ادانته الى الحبس ثلاث سنوات.
اعتقال القاتل
والقت أجهزة الأمن الأردنية على قاتل الكاتب حتر ويدعى رياض عبدالله أحمد، ويحمل الجنسية الأردنية وهو من مواليد العام 1967. وتناقلت مواقع الكترونية تقول إن القاتل ملتزم دينيا ويقيم في عمان.
وقال موقع صحيفة (الغد) إن قاتل ناهض حتر دخل الأردن يوم أمس قادما من بلد مجاور، وأنه كان يرتدي “دشداشة” وهو ذو لحية طويلة.
وقالت مديرية الأمن العام في بيان إنه تم ضبط السلاح الناري الذي كان بحوزة الجاني وبوشرت التحقيقات معه للوقوف على ملابسات الحادثة.
كاريكاتير واتهام
وكان ناهض حتر (56 عامًا) أعاد نشر رسم كاريكاتوري، لم يرسمه، على صفحته الشخصية على فايسبوك بعنوان “رب الدواعش” ما اثار جدلا واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأسند مدعي عام عمان الأول القاضي عبدالله أبو الغنم حينها لناهض حتر، تهمة إثارة النعرات المذهبية والعنصرية وفقاً لأحكام المادة 150 من قانون العقوبات الأردني وبدلالة المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية.
لكن حتر حذف المنشور من صفحته بعدما اكد أن الرسم “يسخر من الارهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الالهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروّجه الارهابيون”.
اضاف قبل ان يغلق صفحته الشخصية ان “الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عمّا يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري”. وتابع ان النوع الثاني “إخونجيون داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون”.
يذكر أن حتر تخرج في الجامعة الأردنية/ قسم علم الاجتماع والفلسفة، وله عدة إسهامات فكرية في نقد الإسلام السياسي، كما تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة العام 1998.
استنكار إسلامي
وإلى ذلك، استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي حادثة اغتيال الكاتب ناهض حتر، حيث أكد الحزب رفض تجاوز القانون وأخذ دور مؤسسات القضائية والأمنية.
وأضاف الحزب في تصريح صادر عنه “نستنكر مبدأ العقاب بصورة فردية ونحذر من أن يكون هذا الحادث بداية لفتنة طائفية ونسأل الله ان يحفظ بلدنا من كل مكروه”.
كما أصدرت جماعة الاخوان المسلمين بيانأ أدانت فيه مقتل الكاتب الصحفي حتر صباح هذا اليوم ، وقالت: وهي اذ تعرب عن ادانتها لهذه الجريمة لتستنكر هذا الاعتداء والطريقة البشعة التي جرت فيها .
وأضافت: اننا في الجماعة “نحذر من اثارة الفتنة”، و ندعو الجميع في وطننا الغالي للحفاظ على أمنه و استقراره.