بعدما تجاوز مفلح عقده الرابع و دخل في عمر الخمسين بدأت مرحلة وجع الأسنان وخلعها وحشو الطواحين ، وقد كانت العيادة الوحيدة الخاصة في القرية طبيبها من خارج القرية وله مكتب بيع وشراء سيارات في قريته ، وكان يمضي نصف يومه في العيادة والنصف الآخر في مكتب السيارات كونها قرى شبه نائية … وعندما عرض مفلح وضع أسنانه على الطبيب كانت الإجابة أنه بحاجة إلى شغل دقيق ووقت طويل ، واتفقوا على البدء بخلع طواحين العقل ومن ثم الحفر والحشي والتلبيس … وفعلاً بلّش مفلح الشغل مع دفعة على الحساب، وبعد ما أنهى خلع طواحين العقل جاء دور الحفر والحشي … أربع طواحين بدها حفر وحشي وسحب عصب ، وثلاثة أسنان بدها سحب عصب وتلبيس ، في البداية وعند حفر الطاحونة يضع فيها حشوه مؤقتة لمدة أسبوع وبعدها يتم وضع ألحشوه الدائمة ، مع التوصية لمفلح من الطبيب بعدم أكل الشيء القاسي والابتعاد عن التمر والعجوة والحلو ( الملبس والتوفي ) واختيار أكل الشوربة والأرز والمحاشي ، لكن بالرغم من التزام مفلح بتوصيات الطبيب إلا أن ألحشوه تسقط بسرعة …. فقد كانت ألحشوه المؤقتة تسقط بنفس اليوم مع أول لقمة أو كأس شاي ، أما ألحشوه الدائمة تصمد لغاية الشهر و الشهرين بعدها تسقط خاصة لما تكون الأكلة دسمه ( منسف على لحم أو مشاوي ) ، وبالنسبة للأسنان اللي ركّب لهن مفلح تلبيسه أمورهن تمام ومثل الليرة الذهب…. بعدها وصل مفلح لقناعة تامة أنه بالفعل يا بكون شغلك صح وأصلي يا بلاش… أما شغل حشوه مؤقتة وحشوه دائمة ما بنفع…وصار يتذكر أيام الثنايا الذهب لما كان الشخص المختص يتجول بحقيبته بين القرى وكيف كان كبار السن (الختيارية) يشتغلوا عنده… فنقول بأن كل شيء في حشوه مش مُقنع ولا بفش الغل ولا في فايده على مستوى لما تعمل طبخة محاشي ( كوسا أو بيتنجان أو يقطين …) بعد ساعة بقتلك الجوع ولا كأنك ماكل قبل شوي …وأبشع حشوة ، هي حشوة القوائم الانتخابية.