بعدما أنهى الدراسة الثانوية بتفوق و نجاح ، وبناءً على رغبة الجد (كبير العائلة) والأب في إرساله إلى بلاد الغرب للحصول على الشهادة العليا ، حزّم محمود حقائبه وجهّز أوراقه وودّع جيرانه وأهله… وانطلقت طائرته إلى بلاد الغرب … محمود رغم حُبه لإكمال دراسته في بلده إلا أن ضغوط من حوله ( وخاصة جده لحاجة في نفسه) أجبرته للسفر إلى بلاد الغرب … من هنا بدأت حكاية الجد في القرية (كونه رئيس المجلس القروي لها) ، فأينما حل وأينما ارتحل وأينما جلس وسيرة محمود على لسانه ، وعلى قول ( بكرا الدكتور محمود بيجي و بفتح عيادة هون وبعالج كل الناس ببلاش … الدكتور محمود بعث رسالة قبل يومين وبسلّم على كل أهل القرية … وكل ما يلاقي صبية يحكي لها لما ييجي الدكتور محمود بدّي أخطبك اله …) مَرّت الأيام والسنين واقتربت عودة محمود إلى القرية ، جَهّز الجد مراسم الاستقبال ودعا كل أهالي القرية على وليمة الغداء يوم وصول محمود ، وبالفعل حضر محمود بعد غياب سبع سنين وفرحة الجد لا تتصور … بدأ الجد بأخذ محمود معه إلى كل مكان ( للسهرات والتعاليل مع كبار السن ،وإلى المجلس القروي ، حتى جلسات النساء أمام البيوت بآخر النهار…. ) وهذا كان يُزعج محمود ، وعندما عرض عليه فتح عيادة بالقرية تفاجأ الجد بأن محمود لم يدرس الطب وإنما درس تخصص آخر ، من هنا تغير الجد وقال لمحمود: أكيد هناك (ببلاد الغرب) أعطوك إبرة قلبت دماغك ، فتحرر محمود من قيود الجد وبدأ يبحث عن عمل له داخل القرية مهما كانت طبيعة العمل ، وكلما اشتغل محمود بأي عمل يستهزأ الجد منه ويقول له : هاي الإبرة أخذت مفعولها ، وعندما حان موعد انتخابات المجلس القروي ، وكان الجد مترشح للرئاسة مقابل شخص آخر من عشيرة أخرى لكنه أكفئ وأنسب ، قام محمود بالتصويت ضد جده أي للرجل المنافس كونه أنسب لهذا الموقع ، مما أثار غضب الجد وأعلن أمام الناس بأن محمود ضربوه أبره لما راح يدرس ببلاد الغرب قلبت كيانه … من هنا نقول بأن حال بعض الشباب لا يختلف تماماً عن حال محمود (من وراء تلك العادات) يعني مضروبين إبرة بس بدون ما يروحوا على بلاد الغربة بس مش قادرين يحكوا …