عمر عبندة
رفقاً بنا رفقا بهذا الوطن المثخن بالجراح، فقد كفاه ما تلقاه من طعنات في الظهر والصدر بأيدٍ آثمة من أبنائه الضالين، قبل أيادي أعدائه المتربصين بأمنه والساعين لتحطيم معنويات نسيجه وتثبيت خطاه على مقولة «محلك سر»! كفانا عنتريات جوفاء، فما يحيط بنا ويُحاك ضدنا في «الخلايا الغافية» ومن عدو متربص منذ اغتصب الأرض وشرّد الأهل وانتهك طهارة المقدسات، عدو يعمل على خنق أنفاسنا ولي أذرعنا يستدعي اليقظة والانتباه.
لقد مررنا بظروف أقسى وأشد مما نحن عليه الآن، ظروفٌ قصمت ظهر الوطن عندما تكالبت عليه وعلينا قوى الشر التي استهدفت ذات سنوات وجوده كدولة، ورغم ذاك صمد ولم يستسلم بل زادته تماسكا وتلاحما.
رفقًا بنا فما جرى ويجري عندنا جرى ما هو أشد وأعظم منه عند غيرنا، البشر خطاؤون وما دمنا بشرًا فنحن كذلك سواء كان الخطأ إهمالاً أو عدم انتباه أو نسيان فهو مقدّر لا راد له إلا الله عز وجل وأخطاؤنا لن تتوقف ما دام في الدنيا حياة وما دام فيها عصاة غابت مساءلتهم وانعدمت ملاحقتهم، فقفزوا فوق الأعراف والقوانين وعطّلوا في أحايين لا تحصى سيادته، لقد هيّأت احتجاجات الأيام الماضية لغرباء عن الوطن أن يكونوا بين دهماء ادعى بعض أفرادها أنهم يمثلون عشائرهم.
إنّ فقدنا لأعزاء آلم أرواحنا وأدمى قلوبنا، وأكدّ أننا نتداعى للحمى كجسد واحد، عززه وتَوّجَهُ عتاب وتعنيف عميدنا وإصراره على إقالة ومحاسبة جميع المقصرين والمهملين والمتخاذلين عن أداء وظائفهم وواجباتهم.
إنّ الفوضى التي عمّت بعض الشوارع والحارات وإن لبست ثوب الاحتجاجات لكنها كانت فرصا ذهبية لفئات كانت تنتظر الفوضى لتجرنا إلى ما لا يُحمد عقباه ودليل على ذلك الهتافات التي رددها البعض.
كلنا حزين ولستم وحدكم من اكتوى بنار الحزن على رحيل أخوتنا المرضى، لكن حزننا جاء ليطفىء نارا اشتعلت لا ليزيدها اشتعالاً كما تفعلون.
فلنثب إلى رشدنا ونَحذَر خطورة التجمعات التي تجوب الشوارع والأحياء، سافرة الوجوه ضاربة عرض الحائط مخاطر الوباء. إن التعبير عن الغضب والاحتجاج على ما جرى في هذه الظروف العصيبة لا يكون بإهمال مقومات السلامة التي تتطلب تباعد الأجساد والأنفاس وارتداء الكمامات.
وإنّ حلول المشكلات وتهدئة النفوس لا يكون بالرقص على الجراح وإنّما بالروقان والتعامل بروية وهدوء، أمّا تخريب المنشآت وحرق الإطارات والشتائم فلن يُخلّف إلاّ الدّمار.
وأخيرًا يجب ألاّ ننسى أن القضيّة برمّتها الآن بأيدٍ أمينة ولن يصح في نهاية المطاف إلاّ الصحيح، فصبرًا يا أحبتنا.