عوني الداوود
عوني الداوود
في الظروف « الاستثنائية « يتطلب الأمر تدخلا « استثنائيا « من الحكومة، ولذلك يجب تجاوز كل التبريرات والتوضيحات التي قدمتها الحكومة من خلال وزارة الصناعة والتجارة حول ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية وفي مقدمتها ( الزيوت النباتية – السكر – والأرز ) وان كانت معظم المبررات منطقية وحدثت وتحدث في مواسم معينة ولأسباب مختلفة، وكانت ولا زالت مشكلة « تعطل سلاسل التوريد « لكثير من المنتجات والأصناف، بسبب قرارات الحظر في جميع دول العالم، اضافة لتوقف مصانع وتعطل الشحن وتسريح العمال هنا وهناك، أثّر بصورة أو بأخرى على كثير من القطاعات الأساسية وفي مقدمتها القطاع الزراعي، وانعكس ذلك مباشرة على التصنيع الغذائي، وهذا ما سبق وحذّرت منه منظمة الأغذية والزراعة العالمية « الفاو «، وتأكيدها على أن ضحايا الجوع والفقر وتحديدا في القارة الافريقية تفوق أعدادهم ضحايا جائحة كورونا، بسبب تداعيات « كورونا «!
منذ بداية جائحة كورونا التي مر عليها نحو عام تنبّه جلالة الملك عبد الله الثاني لتداعيات الجائحة وقام بزيارة الى « مستوعبات صوامع القمح في الغباوي «، ووجّه الحكومة الى ضرورة « التحوّط السريع « للامن الغذائي وزيادة المخزون الاستراتيجي من المواد الاساسية، وفي مقدمتها القمح والشعير، وقد كان، حيث ارتفع المخزون الاستراتيجي من القمح وبفضل التوجيهات الملكية والاستجابة الحكومية السريعة من مخزون يكفي لـ( 9) أشهر لمخزون يغطي حاجة المملكة الى ( 18 شهرا )… وتبع ذلك توجيهات ملكية بضرورة دعم القطاع الزراعي والصناعات الغذائية وكذلك الدوائية، وتلتها زيارات ملكية سامية لعدد من المصانع الوطنية، وتشكيل ثلاث لجان تعنى بالصناعات الغذائية والدوائية والكيمائية والزراعة.
وزارة الصناعة والتجارة تقول بأن الاسعار العالمية بدأت بالارتفاع التدريجي منذ تشرين الأول الماضي لعدد من السلع وفي مقدمتها الزيوت النباتية، في حين يتساءل المواطنون – ومن خلال لجنة الاستثمار النيابية يوم أمس -عن مبررات الرفع الفوري محليا حين ترتفع الأسعار عالميا، خصوصا وأن ( 70 %) من الزيوت النباتية تصنّع محليا حتى ولو كانت بمواد خام مستوردة، وهو تساؤل محق، يضاف اليه سؤال آخر حول مخزون القطاع التجاري من هذه المواد وقدرة المصانع المحلية على توفير البدائل لتغطية احتياجات السوق المحلية.. ومما يزيد من حدة المشكلة تزامنها مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، الذي ترتفع فيه معدلات استهلاك المواطنين بشكل عام.
من أجل كل ما تقدم، ولأننا في « أزمة كورونا « التي انعكست سلبا على كل شيء ويتوقع لها أن تزداد تفاقما وخصوصا على السلع الأساسية، وبعيدا عن توجيه الاتهامات للقطاع التجاري والصناعي اللذين يسجّل لهما توفير جميع السلع لمدة عام منذ بداية الحظر الشامل فلم تنقص أرفف المولات ولا الأسواق ولا حتى البقالات، ولم ترتفع أسعار الأساسيات – الا بعضها مؤخرا- في حين خلت أرفف أسواق معظم دول العالم من السلع وتضاعفت أسعار كثير من السلع، ومنها ما بات يباع في الأسواق السوداء.. أقول بعيدا عن توجيه الاتهامات فان الظرف « الاستثنائي « اليوم يتطلب موقفا « استثنائيا « يتعاون فيه الجميع من حكومة وقطاع خاص، من خلال مساعدة الحكومة للقطاع الخاص بتخفيض الضرائب والرسوم على السلع غير المعفية وتخفيض كلف الطاقة على المصانع، وزيادة انتاج مصانع الزيوت النباتية المحلية لتغطية نقص «المستوردات».. وأخيرا وليس آخرا لماذا لا تقدم الحكومة دعما مباشرا سريعا « استثنائيا « للسلع الأساسية في ظل هذه الأزمة – تزامنا مع الشهر الفضيل – كما قدمت وتقدم دعما لقطاعات اقتصادية أخرى في ظل هذه الجائحة؟