د.غازي السرحان
وقفت متريثا في تلك المنزلة الغامضة بين اليقين والشك ولانه لا بد للكاتب من وجهة نظري ومن مهمة الصحفي ان يستمر في معالجة الشكوك ويحاور في القضايا مثار الجدل والاختلاف وفي اعلاء فكرة حية لا يجوز ان تموت خاصة عندما يكون الحديث بانوراما تاريخية وجغرافية أو بحثا في شخصية استنباطا واستكشافا لأعماقها.
والعناء كبير للمتتبع لتحركات السلطة وتحليلاته لها. مقابلة وزير الدولة لشؤون الاعلام / الناطق الرسمي باسم الحكومة المهندس صخر دودين رسمت عالما اضطرب فيه الجدل السياسي والفكري والثقافي وتعالت درجة الاحتكاك بين ما قيل وبين مختلفي المشارب والاراء, دودين في اللقاء الذي اجرته معه احدى وسائل الاعلام الدولية وكان حول عدد من القضايا الوطنية والاقليمية ,دودين اكد في بيان توضيحي ونشرته وكاله الانباء الاردنيه ” بترا” فند فيه الافتراءات والمغالطات التي تداولها عدد من المغردين ان ليس صحيحا ما قيل على لسانه خلال المقابلة من ان الاردن ليس لديه صواريخ ودبابات لمهاجمة اسرائيل وما ذلك الا كلام تم اجتزاءه والصحيح ان ما قصدته وقلته هو ان الاردن ينتهج سياسة القوة الناعمة والمقاربات الدبلوماسية والسياسية للضغط على الجانب الاسرائيلي لوقف الممارسات التي يقوم بها وأن الاردن لا يمتلك استخدام الدبابات والصواريخ لمهاجمة اسرائيل في ظل وجود معاهدة السلام , فالاردن على مر تاريخه دولة تحترم معاهداتها ومواثيقها , الا ان الاردن يمتلك زمام التحرك بوحي من الدبلوماسية الناعمة من خلال الامم المتحدة والدول الصديقة والهيئات والمنظمات الدولية من اجل الضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها على الفلسطينيين والقدس الشريف .لقد تم اختطاف كلمة “استخدام” من سياق النص , ليصبح بعد ذلك ” ان الاردن لا يمتلك الدبابات والصواريخ لمهاجمة اسرائيل” وهذا ما يتم تداوله بين الناس.
فالقوات المسلحة الاردنية / الجيش العربي ضربت اروع ملاحم البطولة والشجاعة في ساحات المعارك والحروب مع اسرائيل بدءا من حرب ال48 وال67 وال68 ” معركة الكرامة” وحرب تشرين عام 73.
لقد طرق دودين القضية الفلسطينية وناقش الملامح والرؤى ومعاناة اهلها وما تتركه من تشظيات في الزمان والمكان والهوية فخلال عمله في مجلس الاعيان بدورته ال27 كان مقررا للجنة فلسطين ثم رئيسا للجنة الاعلام والتوجيه الوطني , وفي الدورة ال28 لمجلس الاعيان كان رئيسا للجنة فلسطين النيابية, كان دودين اكثر الشخصيات التي تطل على وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة منافحا عن فلسطين وشعبها ومقدساتها والوصايه الهاشميه على المقدسات , ما يؤكد انه معني بقضيه شغلت وما زالت الاردن قياده وحكومه وشعبا وجيشا.
وفي محاولته ربط الاحداث بواقعها وربط ذاكره القضيه بتفاصيلها من خلال ايضاح المواقف بجميع مرتكزاتها التي تقف عليها الدوله الاردنيه.حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات وتغريدات تتوالى تباعا وتحمل اتهامات ثقيله للوزير دودين يمتليء بها الفضاء في اسقاط واضح على التحريض عليه واظهاره كشخصيه مثيره للخلاف وبث سموم الفوضى والتخوين والتشكيك واغتيال الشخصيه متحاملا او مستهزءا أومتهكما وتقويضا للمعنى والفكره ورغبه في قلب المسلمات راسا على عقب وفي كثيرمن الحالات اشتطت وراحت تصوب سهامها في الاتجاه الخاطيء . وتحت مشرحه سكاكين الاخر الذي يشكك ويلغي ويتصيد الفرص لقتل كل ما هو جميل, صخردودين لا يؤمن بنظريه الألهاء أونظريه المؤامره بل يؤمن بنظريه انتاج الحقيقه .صخرمروان دودين يتحدر من عائله مثقفه ضالعه في السياسه فهو احد رسل المعرفه العقلانيه, فوالده مروان دودين رحمه الله كان قد عمل وزيرا وسفيرا وعضوا في مجلس الاعيان ومديرا للاذاعه وعضوا ورئيسا للمفاوضات الثنائيه بين الاردن واسرائيل عن قطاع اللاجئين .
فالاردنيون جميعا معلقه ارواحهم في فؤاد الجيش وعيونهم ترحل الى ما نثرنا هناك على ثرى فلسطين من بطولات الكتائب والسرايا والشهداء وما في الامكنه من ضبح وقدح وشاهدهم الا من عادياتهم ومورياتهم وكان الجيش ولا ينكر احد الشاهد على مجريات الامور وسير الاحداث فالجندي الاردني ظل على الدوام يقف امام أعداء الوطن مرفوع الراس متحديا لا تنحني هاماتهم الا لله تعالى .