يشارك الأردن العالم، الأحد، إحياء اليوم العالمي للاجئين، حيث أجبر أكثر من 82 مليون شخص في أنحاء العالم على الفرار من ديارهم، منهم 48 مليون نازح داخلي، في رقم نزوح قياسي لم يشهده العالم من قبل.
وعلى الرغم من انتشار فيروس كورونا، ارتفع عدد الأشخاص الفارين من الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان في عام 2020 إلى ما يقرب من 82.4 مليون شخص، وفقا لآخر تقرير لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث يعتبر ذلك ارتفاعا آخرا بنسبة 4% مقارنة بالمستوى قياسي الذي بلغ 79.5 مليون شخص في نهاية عام 2019.
وفي اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف 20 حزيران/يونيو من كل عام، يعتبر الأردن ثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين مقارنة مع عدد السكان، ومع احتساب اللاجئين الفلسطينيين تصبح الدولة الأولى في العالم استضافة للاجئين نسبة لعدد السكان، بحسب المفوضية.
وقال المتحدث باسم المفوضية في الأردن، محمد حواري: إن “الأردن قدوة لدول العالم في الاستجابة لاحتياجات اللاجئين، حيث شمل اللاجئين في خطته الوطنية للتطعيم ضد فيروس كورونا”.
“الأردن قدّم اللقاح لأكثر من 18 لاجئ في المخيمات، وبنسبة 40% من اللاجئين المؤهلين للحصول على اللقاح”، بحسب حواري، مشيرا إلى أن “هذا الأمر أخجل كثيرا من دول العالم وجعلتها تتحرك في هذا الاتجاه نحو تطعيم اللاجئين”.
والأردن، الذي استضاف العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين منذ بدء وصولهم الأردن إبان نكبة 1948 ومنحهم حق المواطنة، أصبح من أول دول العالم في إعطاء اللاجئين اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد.
وتقول المفوضية: “بعد مرور أكثر من 10 سنوات على الأزمة السورية، لا تزال الغالبية العظمى من الأردنيين (94%) يتعاطفون مع اللاجئين”، حيث امتد هذا الموقف الإيجابي تجاه شمول اللاجئين في الأردن ضمن خطة الاستجابة الوطنية المجانية للتطعيم ضد كورونا، ومؤخراً، حيث تلقى 40٪ من اللاجئين المؤهلين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في الأردن جرعتهم الأولى على الأقل من اللقاح.
ويعيش في الأردن، 755,782 لاجئا، الغالبية العظمى منهم سوريين، إضافة إلى 66,739 عراقيا، 13,623 يمنيا، 6,029 سودانيا، 709 صوماليين، و1446 من جنسيات أخرى، بحسب آخر تحديث للمفوضية.
إضافة إلى 2.4 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن، يعيش 18% منهم في مخيمات اللجوء، وفق دائرة الشؤون الفلسطينية.
ويقول جلالة الملك عبدالله الثاني “على مدى سنوات طويلة، شجع ما يتمتع به الأردن من أمن واستقرار وتعاطف شعبي اللاجئين على طرق أبوابنا”، الأمر أثبتته الوقائع إذ يستضيف الأردن أكثر من 3 ملايين لاجئ يتلقون “رعاية” وخدمات أساسية من ضمنها الرعاية الصحية والتعليم، ما جعل الأردن “قدوة” يُحتذى بها في التعامل مع اللاجئين.
ويعرّف اللاجئون بأنهم “الأفراد الذين يضطرون لمغادرة ديارهم حفاظا على حرياتهم أو انقاذا لأرواحهم. فهم لا يتمتعون بحماية دولتهم – لا بل غالباً ما تكون حكومتهم هي مصدر تهديدهم بالاضطهاد”.
أما النازحون (اللاجئون داخليا)؛ هم “أشخاص أو جماعات أجبروا على أو اضطروا إلى الفرار – دون أن يعبروا حدودا دولية معترفا بها – من ديارهم أو من أماكن إقامتهم المعتادة، أو تركها بصفة خاصة بسبب تجنب طائلة صراع مسلح، أو حالات لتفشي عنف، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو كوارث طبيعية، أو كوارث من صنع البشر”.
“معا لإنهاء الجائحة”
عالميا؛ دعت المفوضية إلى “أن تكون مساعدة اللاجئين جزءا من جهود التعافي الأوسع لمساعدة جميع المتضررين من الآثار الاقتصادية لأزمة جائحة كورونا”.
وارتفع أعداد النازحين قسرا بسبب النزاعات والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان للعام التاسع على التوالي في عام 2020 ليصل إلى 82.4 مليون شخص، حيث يعادل هذا المجموع شخصاً واحداً من بين كل 95، ويمثل زيادة بنسبة 4% عن العام السابق.
وبينما استمر عدد اللاجئين في العالم في النمو، فإن معظم تلك الزيادة تعزى إلى ارتفاع أعداد النازحين داخليا الفارين داخل حدود بلدانهم.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “وراء كل رقم شخص أجبر على مغادرة دياره قصة من قصص النزوح والحرمان والمعاناة، إنهم يستحقون اهتمامنا ودعمنا ليس فقط بالمساعدات الإنسانية، ولكن في إيجاد حلول لمحنتهم”.
وأثبتت الآثار الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، التي أودت بحياة أكثر من 3.8 مليون شخص ولا تزال تجتاح أجزاءًا كثيرة من العالم، أنها فادحة وبشكل خاص بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات مهمشة، بما في ذلك اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية، ممن ليس لديهم هوية وطنية.
وقضت الجائحة على فرص العمل والمدخرات، وتسببت في انتشار الجوع وأجبرت العديد من الأطفال اللاجئين على مغادرة المدرسة – ربما بشكل نهائي، حيث أفادت عائلات أنها اضطرت لإرسال أطفالها إلى العمل بدلاً من المدرسة لتدبر نفقاتها المعيشية، وواجهت فتيات لاجئات مشكلة الزواج المبكر والقسري ومخاطر أكبر من العنف القائم على نوع الجنس، بحسب المفوضية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في هذه المناسبة: “معا يمكننا إنهاء هذه الجائحة والتعافي من آثارها. وفقط معا يمكننا إنعاش اقتصاداتنا. وبعد ذلك، يمكننا جميعا، معا، العودة إلى الأشياء التي نحبها”.
وأضاف: “من الضروري أيضا إعادة تشغيل الاقتصاد العالمي – ومساعدة العالم على الانتقال من عزل المجتمعات إلى القضاء على الفيروس، ويجب اعتبار لقاحات كورونا منفعة عامة عالمية”.
“يحتاج العالم إلى الاتحاد لإنتاج اللقاحات الكافية وتوزيعها للجميع، مما يعني على الأقل مضاعفة القدرة التصنيعية حول العالم”، بحسب غوتيريش.
ويركز اليوم العالمي للاجئين لعام 2021 على قوة الشمول والعمل معا، حيث أظهرت تجربة جائحة كورونا أن العالم لا يمكن له أن نخطو نحو النجاح إلا إذا وقف الجميع معًا. وعلى الجميع القيام بأدوراهم في الحفاظ على سلامة بعضهم البعض؛ وعلى الرغم من التحديات، فقد برز اللاجئون والمشردون في طليعة العاملين ضد انتشار الجائحة ولمساعدة الآخرين”.
وتدعو مفوضية اللاجئين، من خلال حملة اليوم العالمي للاجئين لهذا العام، إلى زيادة إدماج اللاجئين في النظم الصحية والأكاديمية والرياضية. وفقط من خلال العمل معًا يمكننا التعافي من الوباء، قائلة في رسالة العام الحالي “معًا نخطوا نحو التعافي ونحو التعليم ونحو التألق”.
واستضافت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما يقرب من رُبع عدد المهجرين قسراً حول العالم (حوالي 20.3 مليون شخص). ومازالت الأزمة السورية أكبر أزمة لجوء في العالم، بواقع 6.7 مليون لاجئ سوري خارج بلادهم. وتستضيف البلدان المجاورة لسوريا 5 من كل 6 لاجئين سوريين، إضافة إلى وجود 6.7 مليون نازح داخل حدود البلاد.
وفي اليمن، واجهت الأسر النازحة خطر المجاعة في ظل استمرار الصراع وانهيار الخدمات والنزوح الممتد منذ عدة سنوات، ونزح المزيد من العائلات من منازلها العام الماضي، ليصل إجمالي عدد النازحين داخلياً إلى 4 ملايين شخص. وبقيت مستويات النزوح الداخلي مرتفعة أيضاً في العراق (1.2 مليون شخص) وليبيا (278,000 شخص).
“عجز تمويل الاحتياجات”
تعهّد مانحون دوليون في مؤتمر بروكسل الخامس الذي عُقد شهر آذار/مارس الماضي، بتقديم 6.4 مليارات دولار من المساعدات للشعب واللاجئين السوريين، في تراجع واضح عن النسخة السابقة لمؤتمرهم، وبعيدا عن الهدف الذي حددته الأمم المتحدة بـ 10 مليارات دولار.
وتشمل هذه التعهدات 4.4 مليارات دولار للعام 2021 ومليارين للعام 2022 والسنوات التالية، وفق ما أوضح المفوّض الأوروبي يانيش ليناركيتش في ختام المؤتمر الذين نظمته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وينظم الأردن والسويد في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، مؤتمرا دوليا لحشد الدعم المالي والسياسي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث “سيركز على تأمين تمويل مستدام وطويل الأمد للوكالة”.
وبحسب وثيقة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اطلعت عليها “المملكة”، بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية للعام الحالي بأكمله نحو 83.7 مليون دولار، من أصل 2.43 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت نحو 3.4%، حيث بلغ العجز 96.6% حتى منتصف العام الحالي.
وزارة التخطيط، أضافت العام الحالي في خطتها مكوّن التصدي لفيروس كورونا، بقيمة 261 مليون دولار، يضم احتياجات وتدخلات لازمة للتخفيف من نقاط ضعف ناتجة عن الجائحة على اللاجئين السوريين ومجتمعات مضيفة متأثرة بالأزمة السورية.
وفي عام 2020، بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية نحو 1.11 مليار دولار، من أصل 2.24 مليار دولار، وبنسبة تمويل 49.4%، وبعجز يبلغ نحو 1.137 مليار دولار، من حجم موازنة سنوية مخصصة لدعم لاجئين سوريين في الأردن.
أما حجم تمويل المفوضية في الأردن، فقد تسلمت 117 مليون دولار من مجموع موازنتها السنوية البالغة 405 ملايين دولار للعام الحالي، مخصّصة للاستجابة لاحتياجات لاجئين في الأردن، وهذا التمويل لا يشمل مساعدات للفلسطينيين في الأردن؛ لأن الأمم المتحدة حددت المساعدات لهم عبر وكالتها الخاصة بغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وبحسب تقرير صدر عن المفوضية مؤخرا، واطلعت عليه “المملكة”، تمثل القيمة المستلمة ما نسبته 29% من إجمالي موازنة 2021، وذلك حتى 13 حزيران/يونيو الحالي، وبعجز مالي يبلغ 288 ملايين دولار تبلغ نسبته 71%.