د.آمال جبور
منظر ملفت الى المشاهد وللمرأة على وجه الخصوص، مشاهدة الاعلان عن تشكيل الحكومة التونسية التي اعلنت اليوم في تونس برئاسة نجلاء بولاند، ودخول عدد من القيادات النسائية مناصفة في تولي الحقائب الوزارية مع الرجل لتشكيل الحكومة الاولى بعد مخاضات سياسية عنيفة، في سابقة لم تشهدها اي حكومة عربية في التاريخ .
ولعل هذا المشهد التونسي ليس غريبة في تقدم مستمر للمرأة التونسية في المجالات كافة ، باعتبار تونس من ابرز الدول العربية التي تتخذ مسارات جريئة في تعديلات دستورية بما يخص حقوق المرأة ومساواتها المجتمعية والمهنية والحقوقية، ليتجسد اليوم مشهد المناصفة الجندرية في تشكيل الحكومة ابرز ملامح حكومة نجلاء بولاند، بل واقوى رسالة توجه الى العالم للمشارك السياسية للمرأة في الوطن العربي.
وعند الوقوف على تشكيل هذه الحكومة الذي يضم عشر نساء بالاضافة الى رئيسة الحكومة، يستوقفني حال الحكومات المتعاقبة التي تشكل في الاردن، والتي يخلو اغلبها من التمثيل النسائي الا ما ندر، بالرغم من الاصوات العالية للحركات النسوية والنشاطات والمؤتمرات التي تعتليها مؤسسات الدولة بتأييدها للنهوض بواقع المرأة ومشاركتها في الميدان السياسي تحديدا والذي ما زال حكرا على الرجال دون النساء.
والمحرج في بلدي بأننا دخلنا عهد المئوية الثانية للدولة، ولا زالت الثقافة السائدة حول تدني دور المرأة السياسي في المجتمع هو نتاج معيقات واعراف مجتمعية دفعت طاقاتها وقدراتها باتجاه ادوار محددة وبعيدة عن ميدان السياسة، مما سبب اخفاقات متتالية لوصول المرأة مقاليد سياسية في مفاصل الدولة الحكومية التشريعية منها والتنفيذية.
منذ عقود ونحن ننتظر حالة انتقالية وفعلية لواقع المرأة السياسي نحو بناء مجتمعات مدنية حديثة تحترم المرأة كشريك وفاعل اساسي في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لا كرقم وملحق لاستكمال اعداد او لتزين الحكومات بتمثيل متواضع لا يرتقي لطموح المرأة في عصر متطور بكافة افاقه، وبالمقابل نأسف لأن يستغل مفهوم المرأة في الاردن فقط ضمن وعود حكومية و برامج دولية وكلاشيهات اعلامية لجلب المساعدات الخارجية لا اكثر.
وها نحن في الأردن تجاوزنا تعديل جديد على حكومة الخصاونة والتي أدخلت سيدتين مقابل خروج اثنتين، وكأن الالية هي الارضاء لتمثيل نسوي خجول لا اكثر، على الرغم من كفاءة كل منهم، فالعقل الجمعي الذكوري لا زال لا يستوعب ان تشكيل الحكومات واختيار اعضائها منوط بالكفاءة والقدرة والخبرة لا بالنوع الاجتماعي مهما كان ذكرا ام أنثى، وللأسف ما زال التشكيل للحكومات ياخذ معيارا خجولا في انصافها، و يرى المرأة في قوالبها النمطية، بالرغم من تشكيلها النسبة العالية في التعليم بمستوياته كافة على مستوى الوطن العربي، الا ان الدولة وسياساتها تريدها ضمن هامشها المحدود التي اعتادت على السير باصوله .