فارس الحباشنة
فتيلة « صوبة علا الدين « كانت نادرة ودائما مقطوعة من السوق .
و اذا خربت «الفتيلة « ، فالصوبة تنسى و ينبعث منها روائح الكاز و ثاني اكسيد الكربون .
لا صوبة فوجيكا و علاء الدين تدفئ من «الصقعة « .
البرد القارس في الشتاء يتسرب من الجدران ومن كل مكان .
عبثا ان تهلتهم رائحة الكاز و الصوبة و الانبعثات الكربونية لتحصل على حصة يسيرة من الدفء .
البرد يشبه المرض .. و الاحساس بالبرد يجعلك عاجزا و عديم الحيوية و الحياة .
«الصقعة « وبرد الطفولة مازال يسكن في عظامي و مفاصلي وجسدي .. ومازلت احس به ، و مازال يطاردني كلما احسست بدفء ولو اصطناعي .
احب الشتاء ، و احب ليالي الشتاء ، و احب حكايا الشتاء .. كانت جدتي تحدثنا عن الغولة و الوحش ، و تسرد من ملحمة الزير سالم و ابو زيد الهلالي .
هي اسئلة كثيرة مازالت عالقة في ذاكرتي .. لم اشعر يوما بالدفء .. ثمة تفسير غامض لحد ما .. في الشعور معنى الاحساس بالدفء ..
هل تقدر ان تنسى ليالي البرد اقضيتها في العراء .. و ليالي برد دون عشاء .. و ليالي برد انفلت بها الذئاب ؟
أعرف اني لا املك الدفء ، وقد هرب مني و اضعته في الطفولة .. رائحة ذكرى برد و صقعة الكرك و جليد الصباح ، و الريح الشرقية المسمومة ببرد يضرب العظام .. و خوف من مجهول و غدر الازمنة .
مهما اكتسيت اليوم ، ومهما اشعلت من نيران ، ومهما اوقدت مدافئ .. فالبرد مازال مستوطنا و قطعة من روحي .. ويدق رواسيه في نفسي ، و اخاف من الدفء الزائد لانه يجرني عكسيا الى ذكريات قاسية ومضطربة.